التاريخ : الجمعة 29-03-2024

"يونيسيف": النوم في قطاع غزة مثل الرقود في التابوت    |     "الخارجية" تحذر من مخاطر التعايش الدولي مع الرفض الإسرائيلي لقرار وقف إطلاق النار    |     "شؤون المغتربين بالمنظمة" تؤكد أهمية تصعيد وتفعيل الحراك العالمي في "يوم الأرض" تضامنا مع شعبنا    |     "فتح" تدحض مزاعم ما جاء في مواقع الكترونية مشبوهة حول الأسير القائد مروان البرغوثي    |     الاحتلال يعتقل 25 مواطنا من الضفة بينهم طفل وأسرى سابقون    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 32552 والاصابات إلى 74980 منذ بدء العدوان    |     في اليوم الـ174 من العدوان: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال مناطق متفرقة في قطاع غزة    |     السفير دبور يلتقي ممثل منظمة اليونيسف في لبنان    |     أيرلندا تعتزم الإنضمام إلى جنوب إفريقيا في دعوى الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل    |     أبو هولي يرحب: التمويل الألماني للأونروا غير مكتمل طالما يستثني قطاع غزة    |     "الخارجية": إطالة نتنياهو أمد الحرب وتعميق نتائجها الكارثية هروب من استحقاقات حل الصراع    |     هيئة الأسرى: صراخ الأسرى يملأ الممرات في سجن نفحة    |     العدوان متواصل لليوم 173: عشرات الشهداء والجرحى جراء قصف الاحتلال مناطق متفرقة في قطاع غزة    |     ثلاثي مميت ينهش أطفال شمال قطاع غزة    |     أبو ردينة: بعد قرار مجلس الأمن وعزلة إسرائيل حان الوقت لوقف العدوان والاعتراف بالدولة الفلسطينية    |     ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 32414 شهيد و74787 إصابة    |     الخارجية: حرب المستشفيات برهان على مخططات إبادة شعبنا    |     "التربية": 5881 طالبا استُشهدوا و408 مدارس تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    |     21 معتقلا في عيادة سجن "الرملة" يعانون أوضاعا صحية صعبة    |     "الخارجية": الهجوم الإسرائيلي على قرار مجلس الأمن يكشف أهداف نتنياهو غير المعلنة من الحرب    |     الاحتلال يعتقل 30 مواطنا من الضفة    |     شهداء وجرحى بقصف صاروخي ومدفعي في محيط مستشفى الشفاء    |     مجلس الأمن يعقد جلسة مفتوحة بشأن فلسطين اليوم    |     تونس ترحب بتبني مجلس الأمن قرارا يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة
الاخبار » "من قال إن ياسر قد مات"
"من قال إن ياسر قد مات"

"من قال إن ياسر قد مات"

جنين 26-9-2016

  محمد أبو بكر

"وين ازفك وين يا حبيب امك".. "من شان الله لا تقولوا ياسر مات"، عبارات رددتها والدة الأسير ياسر ذياب حمدوني، فور سماعها نبأ استشهاد نجلها في سجن "ريمون" يوم أمس الأحد، إثر نوبة قلبية حادة.

بكت أم ياسر وأبكت كل من حولها شيبا وشبابا ونساء وأطفالا، وهي تبحث عن نجلها بشكل هستيري وبلا وعي، في المركبات المتوقفة والمارة، وفي أرجاء المنزل، ووسط الجموع التي احتشدت أمام منزلها في بلدة يعبد، حال سماعهم نبأ استشهاد ياسر.

المرأة السبعينية بدأت تضرب بيديها الراجفتين وجهها وجسدها بكل قوة، وهي تصرخ بأعلى صوتها، وتقول: "من شان الله لا تقولوا ياسر مات، من شان الله تجيبوه طيب، بدي أشوف ابني، ياسر مهجة قلبي، ربيته برموش عيني، ياسر حبيب الحارة، ياسر حبيب يعبد كلها"، ليغمى عليها بعدها مباشرة.

أفاقت أم ياسر من حالة الإغماء على مكبرات الصوت في المساجد تنعى ابنها الشهيد، ما افقدها صوابها، وعادت مرة أخرى تمسك شعرها وتشده بكل عزم، وتحاول أن تشق ملابسها، لولا تدخل بعض النسوة وأقاربها وجيرانها، وبدأت تهدد كل من يقول أن ياسر قد مات، لتدخل في حالة إغماء مرة أخرى.

تذكرت حفيديها أدهم (16 عاما)، ومحمد (14 عاما)، ابنا الشهيد ياسر، وهي تصرخ وتقول: "ولاد ياسر بدون أب، يا ويلي... ومحمود ابني من وين أجيبلو أخو..."، ليغمى عليها للمرة الثالثة في ظرف نصف ساعة فقط.

لم تفلح كل محاولات الحضور بتهدئة أم ياسر، لم تتوقف لحظة واحدة عن البكاء والعويل والصراخ، رافضة تصديق نبأ استشهاد ياسر (41 عاما) والمعتقل منذ نحو 14 عاما، وظلت تردد كلمات "بدي ابني طيب، بدكم تجيبوا ابني طيب، ليش اليهود قتلوه.."، حتى نقلت إلى أحد المراكز الصحية بالبلدة مغمى عليها.

أدهم- ابن الشهيد- جاء يحمل حقيبته المدرسية باكيا بحرقة وبصمت، جلس قرب المنزل، وما هي إلا لحظات حتى غادر الجمع راكضا، ليعود بعدها بدقائق مع أحد أقاربه، يبكي تارة ويصمت أخرى، وكأن الصدمة كانت أكبر مما يحتمل.

زملاء أدهم في الصف العاشر، قالوا إن حلم زمليهم المجتهد والمتفوق حسبما كان يحدثهم، هو أن يأتي والده إلى المدرسة ويسأل عنه أساتذته ويخبروه إنه متفوق، وبعدها يمشي هو ووالده وسط البلدة ويشاهده الناس..، لكن أدهم أدرك اليوم أن حلمه المتواضع والمشروع لن يتحقق.

لم يكن وضع الطفل محمد الابن الأصغر للشهيد أفضل حالا من شقيقه أدهم، فهو لم ير والده إلا خلف القضبان، لأنه اعتقل عندما كان عمره 20 يوما فقط، ولم يره إلا شهيدا مسجى في النعش.

إبراهيم حمدوني عم الشهيد، يقول: إن ياسر تعرض لنوبة قلبية في سجون الاحتلال قبل حوالي سنتين، وأجريت له عملية قسطرة وتوسيع شرايين غير أن إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، لم تقدم العلاج اللازم له، ليتعرض مرة أخرى لنوبة قلبية حادة ويقضي شهيدا نتيجة الاهمال الطبي المتعمد.

منسق لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين في محافظة جنين، علي أبو خضر، قال إن الشهيد حمدوني لم يكن الأسير الأول الذي قضى بنوبة قلبية في سجن "ريمون"، مذكرا بأن الشهيد فادي الدربي تعرض لنوبة دماغية حادة في السجن ذاته، قبل عدة شهور، استشهد على إثرها، وكذلك الاسير سامي أبو دياك، الذي بقي في المستشفيات لعدة شهور لإصابته بجلطة حادة، ما يؤكد سياسة الاهمال الطبي المتعمد التي تنتهجها إدارة السجون بحق الأسرى.

وباستشهاد ياسر يرتفع عدد شهداء الحركة الاسيرة في سجون الاحتلال إلى 208 شهداء، وما زالت الحصيلة مرشحة بقوة للارتفاع نتيجة الاهمال الطبي المتعمد والمتواصل، وسط صمت دولي مطبق، ما يزيد تجبّر الاحتلال بالأسرى وذويهم.

غادرنا المكان وأخوات ياسر وزوجته يندبن حظهن ويصرخن مرة، ويدعين له بالرحمة أخرى، غادرنا جميعا تاركين أبناء ياسر لأوجاعهم وآلامهم وآهاتهم، تركنا أم ياسر وقلبها مكلوم، مختنقة أسيرة لأحزانها وأوجاعها وخوفها على مستقبل أبناء الشهيد...!

2016-09-26
اطبع ارسل