عصر داعش
الحياة الجديدة- حافظ البرغوثي
نتنياهو تراجع عن خطاب جامعة بار ايلان الذي أعلن فيه موافقته على دولة فلسطينية عام 2009, ومع أن نتنياهو أوضح بعد الخطاب آنذاك لمقربيه أن العالم يريد سماع هذه العبارة منه وقالها مجاملة فهو صادق في ذلك لأنه منذ ذلك التاريخ ظل يماطل ويعاند وسد السبل أمام أية مفاوضات جدية. فهو عملياً يريد إقامة الدولة اليهودية على غرار الدولة الإسلامية لداعش وعلى يمينه افيغدور ليبرمان الذي دعا إلى قطع الرؤوس مثلما تمارس داعش، فنحن أمام ظاهرة داعشية يهودية في خضم الخطاب الانتخابي الإسرائيلي فاليمين الإسرائيلي يفر إلى الأمام ولم يعد يرى أن هناك صراعاً عربياً إسرائيلياً أو فلسطينياً إسرائيلياً, وهو يؤرجح الجمهور الإسرائيلي بين داعش الزاحفة وإيران النووية، ولا يرى من هم أمامه ومن يرزحون تحت قمعه واحتلاله، بل هو يتشبه بداعش بطريقة أو بأخرى وكأنه مباح له أن يأتي من الممارسات ما ينتقده العالم أجمع.
اليمين الإسرائيلي عملياً لا يبحث عن دولة يهودية بل عن دولة عنصرية بكل المواصفات التي سادت في جنوب افريقيا، ولم يتعظ بالانهيار السريع للعنصرية بين ليلة وضحاها، فتغليط الخطاب المرعب من زحف داعش او من ايران وقنابلها وحلفائها هو هروب الى الامام ولا يبدد المخاطر الوجودية على إسرائيل، لأن حل القضية الفلسطينية فقط على أساس عادل ودائم هو أقصر الطرق إلى السلام وإزالة المخاطر الوجودية على إسرائيل وغيرها.
ثمة شريحة واسعة من الإسرائيليين بدأوا يعون أن اليمين يسوقهم إلى الضياع وفقدان الحلفاء والمقاطعة الدولية والمماحكة مع الحامي الأكبر لإسرائيل أي اميركا، وليست إيران ابريقاً فخارياً حتى يتم سحقه بل هي الآن بفضل السياسة الأميركية على أبواب الجليل والجولان وعلى امتداد العراق واليمن. فالغياب العربي الفاعل لا يعني أن الفلسطيني غائب بل سيواصل شعبنا طرق أبواب المحافل الدولية لنيل حقوقه. وتنصل نتنياهو من حل الدولتين لا يعني أن لا دولة فلسطينية، فمن قبله قال من قال لا يوجد شعب اسمه الفلسطيني.. فنفي الواقع لا يلغيه، بل يؤكده.