التاريخ : الأحد 07-12-2025

الحبر الأعظم في المخيمات    |     اللجنة العليا التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني تعقد اجتماعها العاشر في رام الله    |     نادي الأسير: قرار الاحتلال نقل المعتقل المسن محمد أبو طير لـ "ركيفت" هو إعدام بطيء    |     خوري: نور السلام الذي يشع من بيت لحم سيبقى حاضرا رغم الظروف    |     إيرلندا وإسبانيا وهولندا تعلق مشاركتها في يوروفيجن 2026 احتجاجا على مشاركة إسرائيل    |     روسيا تؤكد ثبات موقفها تجاه القضية الفلسطينية    |     شيخ العقل يلتقى مبعوث الرئيس الفلسطيني ياسرعباس و سفير دولة فلسطين د محمد الاسعد    |     فتوح: إسرائيل تواصل خرقها الفاضح لاتفاقية شرم الشيخ والقانون الدولي الإنساني    |     الرئاسة ترحب بالبيان الختامي للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية    |     فتوح يرحب بالبيان الختامي لقمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي    |     الرئيس يشكر نظيره الصيني على تقديم 100 مليون دولار دعماً إنسانياً لفلسطين    |     "فتح" ترحب بالموقف الصادر عن الرئيس الصيني بتأكيده على الدعم الثابت لشعبنا    |     هيئة الأسرى ونادي الأسير يعلنون عن أسماء ثلاثة شهداء من معتقلي غزة    |     بحضور السفير الفلسطيني في لبنان جمعية المواساة تحيي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني واليوم الدولي لل    |     السفير الاسعد: الثقافة قادرة على تثبيت الحقيقة وبناء جسور الصداقة بين الشعوب    |     السفير الاسعد يلتقي قيادة حزب طليعة لبنان العربي وجبهة التحرير العربية    |     دائرة التنظيمات الشعبية بمنظمة التحرير: العلاج والتأهيل والسفر للعلاج حق لكل ذي إعاقة    |     "هيئة الأسرى": التجويع والإهمال الطبي مستمران في سجون الاحتلال    |     الجمعية العامة تصوت على قرار يدعو لانسحاب إسرائيل من أرض دولة فلسطين    |     "مقاومة الجدار والاستيطان": 2144 اعتداء نفذها الاحتلال ومستعمروه في تشرين الثاني الماضي    |     "الإحصاء": تضاعف الإصابات الجسيمة في غزة إلى 42 ألفاً وارتفاع حاد في حالات البتر    |     فتوح يرحّب بالقرار الأممي الداعي إلى تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية    |     رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: الوقت قد حان لاتخاذ خطوات حاسمة بشأن القضية الفلسطينية    |     الرئاسة تثمن موقف الإجماع الدولي بالجمعية العامة لصالح إنهاء الاحتلال على الأرض الفلسطينية في القدس
» جيل الوفاء بلا ضجيج "لذكرى المناضل الكبير زهدي القدرة"
جيل الوفاء بلا ضجيج "لذكرى المناضل الكبير زهدي القدرة"

جيل الوفاء بلا ضجيج
"لذكرى المناضل الكبير زهدي القدرة"

الحياة الجديدة- يحيى رباح

 

رحم الله الأخ والصديق العزيز زهدي القدرة الذي كان سفيراً لفلسطين في القاهرة لسنوات طويلة، وكان أمين سر حركة فتح في مصر لسنوات طويلة أيضاً، ومحافظاً لمحافظة رفح بعد أن أنهى مهمتة الدبلوماسية، ولا يعرف الكثيرون من أبناء أجيالنا الفلسطينية الراهنة ماذا يعني أن تكون سفيراً لفلسطين في تلك الأيام وفي بلد مركزي مثل مصر، أن تكون سفيراً لشعب كل أوضاعه طارئة من الألف إلى الياء، وكل حالاته عاصفة لا تستقر على حال، ولكن زهدي القدرة بهدوئه الخارق، وجهده الخارق، تحول في المسيرة الفلسطينية إلى اسم لامع، وحضور متميز، ووفاء منقطع النظير.
عرفته في بداية الستينيات عندما كان طالباً في الجامعة بالقاهرة، وتعرفت على نخبة من الشباب الفلسطيني اللامع أنذاك من بينهم محمد صبيح الذي ترأس اتحاد طلبة فلسطين ثم مندوبنا في الجامعة العربية وأمين سر المجلس الوطني ومساعد الأمين العام للجامعة العربية لشؤون فلسطين، كما تعرفت على سعيد كمال الذي أصبح سفيراً لفلسطين في مصر في لحظة خارقة من الصعوبة، وفي ذلك الوقت تعرفت على الإعلامي الكبير الذي كان من أشهر المعلقين السياسيين في إذاعة صوت العرب وهو فؤاد ياسين أبو صخر، كان ذلك قبل أن تعلن فتح انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في منتصف الستينيات، ولكن الآلاف من الشباب الفلسطيني كانوا يدرسون في الجامعات المصرية، من أسيوط إلى الإسكندرية، ولكن غالبيتهم كانوا يبحثون عن إجابة للسؤال، من نحن وماذا يجب أن نفعل، فانتسب الكثيرون إلى تكوينات سياسية بعضها كبيرة الحجم مثل حركة القوميين العرب التي أسسها الدكتور جورج حبش، وبعضهم انتمى إلى تكوينات صغيرة مثل منظمة طلائع الفداء التي أسسها المناضل الكبير صبحي ياسين، أو منظمة أبطال العودة، أو جبهة تحرير فلسطين، ولكن الغالبية العظمى من أولئك الشباب الدارسين في القاهرة كانوا موقنين بأنهم في انتظار شيء أكبر سوف يأتي، وهكذا جاءت فتح التي فتحت صدرها الواسع للسؤال الفلسطيني، وفي عام 1966 أرسلت فتح إلى القاهرة واحداً من أنبل وأهدأ وأوسع صدراً، وهو هايل عبد الحميد "أبو الهول" ليمثلها في القاهرة ويقود تنظيمها هناك، وكان زهدي القدرة من أبرز الفتحاويين الشباب الذين لمع نجمهم في تلك الفترة.
أحمل لزهدي القدرة في ذاكرتي صورة مضيئة جميلة، عن شخص يعمل بجهد خارق، يعمل بلا صخب ولا ضجيج ولا ادعاءات، كان يعرف آلاف التفاصيل والأسرار التي تنهد لها الجبال، فقد صعدت الثورة الفلسطينية وهيكلها الرسمي منظمة التحرير إلى حضور خارق، ولكن ذلك الحضور كان له أثمانه الباهظة، ضحايا وشهداء ومقايضات تجري في الكواليس أحياناً، وتجري في ميادين المعارك وفي حظائر المجازر المجنونة، ولكن زهدي القدرة كان من أعداء الثرثرة، ومن أعداء المباهاة، كان يعرف كيف يحتفظ بهدوئه، وأن يتشبث بالصمت الجميل لأن دوره كان أحياناً يصل إلى حد المستحيل.
كان زهدي القدرة من جيل الوفاء العميق، ومن جيل الإيمان القوي، ومن جيل الانضباط الصارم، يعرف ولكن لا يبوح، يتألم ولكن لا يصرخ، يتعرض لسوء الفهم الصارخ ولكنه لا يلوذ بالشكوى أو الصراخ، وعلى أكتاف جيله وصلت فلسطين المطرودة إلى الخارطة إلى هذا الحضور المبهر، ذلك الجيل الذي ذهب إلى فتح إلى الثورة إلى القيامة وهو يعرف بعمق أن المشوار ليس نزهة، وأن الطريق ليس سهلاً، وأن الأعداء كثيرون وكبار وأقوياء، ولكن الحلم كان أكبر من الصعوبات ألف ألف مرة.
تحية لذكراك، يا صديقي زهدي القدرة، ولروحك السلام، لقد أعطيت وأوفيت، ولقد رحلت مطمئناً بصمت ونبل، فعسى الله أن يقبلك في عباده وفي جنته، ولك السلام.
Yhya_rabahpress@yahoo.com

2015-03-11
اطبع ارسل