نجح شرم الشيخ حيث فشلنا
الحياة الجديدة- حافظ البرغوثي
حققت مصر نجاحا غير متوقع في مؤتمرها الاقتصادي العالمي بشرم الشيخ, وبلغت حصيلة مذكرات التفاهم والاتفاقات والمنح الموقعة قرابة 175 مليار دولار وهو رقم فاق كل التوقعات وغطى جميع الأوجه الاستثمارية في مصر من استصلاح الاراضي الى السياحة الى تطوير حقول الغاز والنفط والطاقة الشمسية واقامة محطات جديدة للكهرباء وبناء عاصمة جديدة. وكانت مصر استعدت للمؤتمر بتغيير قوانين الاستثمار وتسهيلها والقضاء على الفساد ومراكز القوى التي كانت تشترط عمولة محددة عن أي مشروع. وجاءت دول الخليج ثم اوروبا في طليعة المستثمرين حيث ان استقرار مصر هو استقرار لحوض البحر المتوسط والعالم العربي. وقد حاولت بعض القوى الموتورة تخريب المؤتمر قبل انعقاده بنشر القنابل في انحاء مصر لكن مصر امتصت الألم وواصلت مشوارها.
مصر التي تريد بناء نفسها كانت موضع تقليد من اليابان التي ارسلت بعثة ايام محمد علي باشا الذي كان يحاول النهوض بمصر عن طريق التصنيع والبناء لكن تركيا وبريطانيا وفرنسا تآمرت على مصر آنذاك لاحباط نهضتها، وفي مطلع الستينيات ارسلت كوريا الجنوبية بعثة لدراسة التجربة المصرية في النهوض لكن الاستعمار الغربي واسرائيل دمرت التجربة في عدوان 67. وحاليا هناك من يحاول تخريب مصر ايضا لكنها مصممة على البناء وردع المتآمرين عليها.
شرم الشيخ نفسه شهد مؤتمرين لاعادة اعمار غزة لكن تعنت حماس افشل كل ذلك حتى الآن لأنها تريد ان تكون هي المعمر، اي تريد الاستمرار في ارتهان غزة وليس انفراج الوضع بل الاستفادة من الوضع فصائليا فقط.وكانت الحلقة المحيطة بالرئيس الاسبق مبارك قد طردت المستثمرين لاشتراط هذه الحلقة عمولة ما عن اي استثمار في مصر، كما طردت حلقة من المتنفذين المستثمرين في عهد ابوعمار اية مبادرات للاستثمار الا اذا كان لها قرص في كل عرس. وثمة امثلة حية عن ذلك يعرفها الناس جميعا.
كانت شركة ايني الايطالية اكبر شريك نفطي في مصر ثم انسحبت بسبب الفساد وعندما ارادت العودة طلب منها نسبة 10 في المئة من حاشية مبارك. اما الآن فعادت الشركة لتعمل دون عمولات لأحد. وأذكر هنا ان مستثمرا عملاقا زار بلادنا في التسعينيات واراد اقامة سلسلة مشاريع عملاقة في السياحة والتكنولوجيا لكنه فوجئ بخمسة بالمئة في كل مكان فانسحب ولم يستثمر. فالفساد هو عدو الاستثمار.