ليفني تهدّد عباس بالقتل؟
جريدة النهار
راجح الخوري
30 كانون الثاني 2014
بماذا تهدد تسيبي ليفني الرئيس محمود عباس، وأي ثمن تريده ان يدفع ولم يعد هناك غير ان ترسل من يغتاله، كما اغتالت اسرائيل الفلسطينيين وقادتهم منذ قيام الدولة الغاصبة على ارض فلسطين؟
سؤال أطرحه على جون كيري الذي يواصل اشاعة الترهات الواهمة عن الحل السلمي للقضية الفلسطينية، والذي زار المنطقة عشر مرات حتى الآن، لتنتهي الوقاحة الاجرامية بليفني، وهي مسؤولة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، الى القول للقناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي: "ان عباس لا يزال يرفض الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، وهو موقف غير مقبول، واذا ظل متمسكاً بموقفه فسيدفع الثمن"!
أي ثمن تريده ان يدفع بعد، في سياق جريمة العصر الاسرائيلية التي تجاوزت جرائم النازية بحق اليهود، والتي التهمت اراضي الفلسطينيين وهجّرتهم وقتلتهم، وأفشلت كل الحلول ورفضت كل التسويات، وتريد الآن من الرئيس الفلسطيني ان يوافق على إلغاء تاريخ فلسطين الوطني من وجدان شعبه بما يعني عملياً الغاء الفلسطينيين من التاريخ في موازاة محاولة الغائهم من الجغرافيا، عبر الاصرار على حل يجعل من الدولة الفلسطينية مجرد مسخ، أي عبارة عن جالية فلسطينية موضوعة في الاقامة الجبرية، او كما سبق ان كتبت مجرد معتقل انصار كبير برعاية اسرائيلية؟!
على باراك اوباما وجون كيري الذي يستعد لاستئناف مساعيه الواهمة واليائسة، ان يتحملا المسؤولية المعنوية والقانونية والسياسية عن هذا التهديد الفظ والوقح، على الاقل لأن "الاتفاق الاطار" الذي اقترحه كيري اساساً للتسوية، استند الى تكرار اوباما دعوة الفلسطينيين الى القبول بأن تكون اسرائيل دولة يهودية، بما يعني عملياً إلقاء الفلسطينيين خارج التاريخ والجغرافيا وهو أبشع وأشنع من إلقاء اليهود في افران الغاز النازية!
ان القبول بهذه الدعوة يعني ان مليونا ونصف مليون من فلسطينيي 1948 سيتم إلقاؤهم غداً خارج اراضيهم، وهو يعني ايضاً اسقاط حق العودة وهو حق فردي لا يستطيع احد في العالم ان يلغيه بالإنابة، واذا اضفنا الى كل هذا ان القدس الشرقية لن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية التي تريدها اسرائيل بلا حدود او معابر او سلطة في البر والبحر والجو، مع الاصرار على حق التوغل العسكري في اراضيها، فماذا يبقى من معالم الدولة غير المسخرة يا مستر كيري؟
تستطيع اسرائيل وهي دولة الاجرام ان تترصد "ابو مازن" وان تغتاله، لكنها لن تتمكن قط من اغتيال حق الفلسطينيين وكيانهم الذي يبقى صارخاً من قمة الجغرافيا وعمق التاريخ، واذا كان "قيام الدولة الفلسطينية يمثل مصلحة للأمن القومي الاميركي"، كما قال اوباما في بداية ولايته الاولى، فان على أميركا ان تعرف كيف تلجم ليفني وغيرها من القتلة في تل أبيب لأن "أبو مازن" رئيس شعب أيوب ولن يركع!