التاريخ : الخميس 25-04-2024

الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    |     رئيس بوليفيا يطالب باتخاذ إجراءات صارمة لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة    |     "آكشن إيد" الدولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من الأزمة الانسانية بسبب العدوان    |     مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    |     "فتح" تهنئ الجبهة الديمقراطية بنجاح مؤتمرها الثامن وبانتخاب فهد سليمان أمينا عاما    |     رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار يستكملان إجراءات الاستلام والتسليم    |     "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف جمهورية جامايكا بدولة فلسطين    |     مصطفى يؤكد ضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم الحكومة الفلسطينية    |     أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة    |     الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار في    |     البرلمان العربي: قرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين "خطوة في الإتجاه الصحيح"    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة    |     برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    |     مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    |     جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    |     مئات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى    |     الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    |     أبو الغيط يرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول "الأونروا"
أراء » في تشابكات اللحظة السياسية
في تشابكات اللحظة السياسية
في تشابكات اللحظة السياسية
جريدة الايام/ د. عبد المجيد سويلم

 

 
 

بعد حوالي الأسبوعين من اجتياح الضفة، وبعد اعتقال المئات من الفلسطينيين بمن فيهم الأسرى المحررون في صفقة "شاليت"، وتحويل اعداد متزايدة منهم إلى الاعتقال الإداري، وبعد مئات وربما آلاف المداهمات في كافة المحافظات الشمالية، وبعد أن نكلت القوات الاحتلالية بآلاف المواطنين أصبح واضحاً تمام الوضوح ان هذه الحملة أكبر وأوسع بما لا يقاس من مجرد البحث عن المختفين الثلاثة، وان المسألة على ما يبدو تتعلق بخطة إسرائيلية معدة مسبقاً بانتظار الخروج إلى حيز التنفيذ في "اللحظة" السياسية المناسبة.
لقد نزلت هذه "اللحظة" على نتنياهو من السماء أو ربما تكون قد "أُنزلت عليه"!!! لكي يتمكن من استثمارها إلى أقصى حدود الاستثمار في اتجاهات مختلفة.
أزعم هنا أن جوهر الخطة يتعلق "بحسم" موضوع الضفة قبل "الأوان" المفترض في حين ان الأشكال الاستثمارية الأُخرى لهذه الخطة على درجة كبيرة من الأهمية المباشرة من جهة وعلى درجة مماثلة من التنوع من جهة أخرى.
يروج نتنياهو من خلال هذه العملية العسكرية الواسعة لمقولة خطر "الإرهاب" الذي "أتت" به حكومة التوافق الوطني كما يحاول تخفيف الضغط الدولي على حكومته التي بدأت تستشعر خطر انفراطها في مرحلة مبكرة إذا لم تتم إعادة "رصها" من جديد تحت وابل من الدعاية التخويفية التي تعيد الاصطفاف الشعبي في إسرائيل إلى مربع الإجماع "القومي" أو ما يحول دون انهيار هذه الحكومة.
ويستثمر نتنياهو هذا الاجتياح "المبطن" للضفة الغربية لتفكيك منظومات المقاطعة الدولية وتشتيت أهدافها وآليات تأثيرها بتصوير الاستيطان والمستوطنين كمستهدفين من جماعات "التطرف" الفلسطيني وكضحايا لعمليات هذه الجماعات.
وعلى المستوى الداخلي الملموس فإن نتنياهو من خلال هذه الحملة الواسعة قطع الطريق على قوى المعارضة الإسرائيلية من التوجه إلى استثمار هشاشة وضع الحكومة وبوادر تصدعها باتجاه المطالبات الاقتصادية والاجتماعية (وهو ما كان يوحي به يائير لبيد من على "يسار" نتنياهو من جهة وتهديدات كل من ليبرمان وبينيت بالانسحاب من الحكومة في حال "قدم" نتنياهو أية تنازلات ذات مغزى (من وجهة نظر اليمين المتطرف في إسرائيل) من جهة أخرى، دون أن ننسى طبعاً قطع الطريق الذي استهدفه نتنياهو على بقية الأوساط الحزبية الأخرى التي كانت تلوح بالذهاب إلى انتخابات مبكرة. كما أن واحداً من أهم استهدافات هذه العملية العسكرية الواسعة هو كسر إضراب المعتقلين الإداريين ومحاولة الاتفاق معهم على صيغة تخلص نتنياهو من العبء الذي شكله الإضراب على الحكومة الإسرائيلية وهو الأمر الذي يمكنه من وضع اتفاق تساومي في ظل هذه الأجواء المستعرة.
أما بالعودة إلى الاستهداف الجوهري من هذه الحملة العسكرية الواسعة فهو على الأغلب وضع حد نهائي لكل فوضى "التوجهات" الإسرائيلية حول مسألة التعامل مع الضفة بغض النظر عن الفشل الذريع الذي منيت بها الحملة على صعيد البحث عن المفقودين الثلاثة حتى الآن.
كان نتنياهو قد أطلق عدة بالونات اختبار بعدما وصلت العملية السياسية إلى الطريق المسدود الذي خطط له وأشرف على تنفيذه.
من بين هذه البالونات لفت الانتباه على وجه خاص ذلك الذي تعلق "بالانسحاب" من طرف واحد والذي كان يشير بشكل واضح إلى قضم الأراضي الفلسطينية بما لا يقل عن 55% من الضفة بعد ضم المستوطنات الكبيرة وتكريس الوجود الإسرائيلي الأمني والسكاني في منطقة الأغوار والإبقاء على وحدة القدس وإخراجها من معادلة التسوية، إضافة إلى السيطرة الكاملة على الجزء المسمى بالمنطقة (ج) وتحويل المناطق كثيفة السكان إلى مناطق "تتمتع" بالحكم الذاتي المقلص والمسيطر عليه عسكرياً بالكامل والمتحكم به من زاوية "الحدود" دون أن يسمح حتى لمجرد طرح فكرة اللاجئين.
هذه الفكرة لم ترق في حينه لا "للوسط" و"اليسار" ولا لليمين واليمين المتطرف كل من زاوية رؤياه الخاصة. فقد هدد لبيد بالانسحاب من الحكومة، ورفضت ليفني هذه الفكرة بالكامل، ولم يوافق عليها حزب العمل، في حين اعتبر بينيت أن لا سبيل غير سبيل الضم واعتبرها ليبرمان قاصرة على حل المشكلة الديمغرافية.
لم يكن أمام نتنياهو والحالة هذه سوى أن ينتظر اللحظة المناسبة لتنفيذ هذه الخطة بصورة عملية ودون الإعلان عنها رسمياً بواسطة "إجراءات" مباشرة ولكنها متدرجة بما يحقق جوهرها ويكرسها كواقع "راسخ" يستحيل تجاوزه سواء تم التوافق على تسوية مستقبلية أم لم يتم.
لذلك قلنا إن "فقدان" الفتية الثلاثة قد سقط على نتنياهو من السماء وتلقفه وهو يطير فرحاً.
وأغلب الظن أن نتنياهو ليس على عجلة من أمره "لإيجاد" هؤلاء الفتية، بل وأغلب الظن أن هذا هو بالضبط ما يفسر تصريحاته في بداية الحملة من أن عملية البحث ستكون "معقدة" وطويلة!!؟؟
قضم أكبر مقدار من الأرض بأقل عدد من السكان وحشر الفلسطينيين في أصغر قدر من الأرض بأعلى عدد من السكان.
هذه هي الخطة بدون إعلانات وبدون رتوش وبدون مناكفات واختلافات مع أحد!!
إنها خطة الضم والقضم الصامت.

2014-06-26
اطبع ارسل