قتل الفلسطيني مرتين
الحياة الجديدة- حافظ البرغوثي
نصب القضاء الأميركي كمينا للسلطة الوطنية على شكل محكمة لمقاضاتها جراء سقوط اسرائيليين مزدوجي الجنسية الاسرائيلية والأميركية في عمليات مقاومة في مطلع الانتفاضة الثانية، وتجري محاكمة البنك العربي بالتهمة نفسها لان احدهم حول أموالا عبر البنك من اميركا الى عناصر متهمة بأنها من حماس, وكان البنك مطالباً بانشاء جهاز استخباري للتحقق من شخصية المرسل اليه وتوجهاته السياسية، علما ان منظمات ارهابية يهودية تعمل في الضفة الغربية وتتلقى أموالا من افراد ومنظمات يهودية اميركية علنا وفي اطار حملات علنية لجمع التبرعات لبناء الهيكل المزعوم والاستيلاء على المنازل في القدس وبناء المستوطنات بالضفة ولم يوجه اليها أي اتهام بل تخصم التبرعات من الضرائب الواجبة على المتبرعين.
في الوقت نفسه جرت جريمة اغتيال ثلاثة اميركيين من أصل فلسطيني قرب مركز اسلامي في كارولينا ولم ينشر الخبر في الاعلام الاميركي ولم يثر اية ضجة وكأن الضحايا ليسوا من الجنس البشري لأصولهم الفلسطينية, وماذا لو كان هؤلاء يهودا او مسيحيين؟ اما كان سيسمع بالحادث حجر الأرض وشجرها وبقرها قبل بشرها؟
ان التعتيم الاعلامي على هذه الجريمة النكراء يعبرعن استخفاف بوليسي بأرواح اميركية ليست من ذوي الدماء الزرقاء النبيلة كما يقال وهو اجراء عنصري بشع يعادل القتل مرة ثانية, فبين ظهرانينا ارهابيون من المستوطنين ان تعرضوا لأي أذى تهب الادارة الاميركية للعويل لأنهم يحملون جنسية اميركية واسرائيلية واذا ارتكبوا جرائم يجري اخفاء جنسيتهم الأميركية ليعاقبوا بخفة اما القضاء الاسرائيلي الذي لا يعاقبهم اصلا.
ليست جريمة اغتيال هؤلاء الفلسطينيين أقل من جريمة المتجر اليهودي في باريس لكن الأخيرة حظيت باهتمام عالمي ونقمة على داعش وكأنه لا توجد دواعش يهودية ترهبنا فوق ارضنا ودواعش اميركية تغتال العرب, اذ ثمة في المنظور الأميركي فرق بين داعش العراق وسوريا باعتبارها ارهابية وداعش في سيناء باعتبارها معارضة للنظام المصري لأن النظام المصري ليس على مزاج واشنطن، وثمة فرق بين ان يصاب اسرائيلي اميركي في عمليات في اتون الانتفاضة وبين ان يمارس اميركيون من حملة الجنسية الاسرائيلية ارهابهم ضدنا وتساق السلطة التي لا تسيطر على الأرض والبنك العربي الى محكمة اميركية، ولماذا اميركية وليس دولية اذا استوحينا العدالة ؟ ثم يأتي من يسألنا عن سبب التطرف في العالم العربي أليس هو انعكاس لسياسة اميركية خاطئة!