رصاص الاحتلال "يسرق" حياة الشاب جهاد الجعفري ويدمي فجر الدهيشة
بيت لحم- الحياة الجديدة- أسامة العيسة-
تململ أهالي مخيم الدهيشة، في أسرتهم، وهم يسمعون اصوات المقذوفات المختلفة، التي يطلقها جنود الاحتلال الذين اقتحموا المخيم في نحو الساعة الثانية فجرا، لاعتقال شبان وتسليم بلاغات.
ومثلما يحدث دائما، فان دخول قوات الاحتلال للمخيم لا يمر بسهولة، حيث يتصدى الفتية للجنود، واصبحت المواجهات الليلية، جزءا ملازما من حياة المخيم، وسكانه الذين تعايشوا معها ويتابعونها، وهم بين الصحو والنوم.
المواجهات تركزت، في حارة الولجية، واستخدم فيها الفتية، حسب شهود عيان زجاجات المولوتوف الحارقة، ما قد يكون تسبب في اصابة جندي واحد على الأقل بحروق.
بعد نحو ساعتين من المواجهات، التي كان الاهالي خلالها يميزون اصوات انواع المقذوفات، سمعوا ما جعلهم يوقنون ان الأمر قد يكون مختلفا هذه المرة انه صوت الرصاص والعيارات الحية.
وصدق حدسهم، الذي تمنوا الا يصدق هذه المرة، عيار ناري اخترق قلب الشاب جهاد شحادة عبد الله الجعفري (19) عاما، وهو واقف على سطح منزله قريبا من شارع القدس- الخليل أمام المخيم، ما ادى الى نزيف داخلي اودى بحياته.
يقول الصحفي عمر الجعفري، وهو قريب الشهيد، بأن سيارة اسعاف وصلت قريبا من مكان اصابة جهاد، الا ان قوات الاحتلال اوقفتها، ومنعتها من الاقتراب من المكان. وتقديم الاسعافات الأولية له. وعندما نُقل جهاد الى المستشفى، وصل مستشهدا.
رفاق الشهيد، دبت فيهم الحماسة من جديد، واحرقوا مركبة احتلالية، ومع انسحاب قوات الاحتلال، التي لم تنجز مهمتها من اقتحام المخيم، جاب رفاق الشهيد شوارع المخيم، في مسيرة حاشدة، مع خيوط الفجر الاولى، يعلنون فيها ارتقاء رفيقهم الجعفري. وان فجر المخيم اصطبغ بالدماء.
وبعد قليل، تمت تلاوة بيان من سماعة المسجد باسم حركة فتح والفصائل الوطنية في المخيم، تنعى فيه الشهيد الجعفري. ولعله البيان الاول من نوعه، منذ فترة طويلة.
النيابة العامة الفلسطينية، حولت جثمان الشهيد، لمعهد الطب الشرعي في ابو ديس، للتشريح، بناء على رغبة عائلة الشهيد. وفي اطار التعاون مع لجنة التحقيق الدولية المكلفة من الاتحاد الاوروبي والسلطة الوطنية، في توثيق الجرائم الاحتلالية.
وانطلقت من مخيم الدهيشة، عدة مسيرات باتجاه مستشفى بيت جالا الحكومي، ترفع صور الشهيد، وتطالب بالقصاص من القتلة، وشهد محيط المستشفى، تجمعات للشبيبة، الذين هتفوا بحياة الشهيد، مؤكدين على مواصلة الكفاح.
وانتشرت اعداد كبيرة من المواطنين في شارع القدس- الخليل، أمام المخيم، ومجموعات اخرى نسائية حول منزل العائلة، ونصبت حلقات في المكان تم فيها ترديد الاناشيد الوطنية. وانطلقت مسيرة من جامعة فلسطين الاهلية، باتجاه المخيم، ومسيرات اخرى من مناطق مختلفة، قبيل تشييع الشهيد.
وبعد ساعات، وصل جثمان الشهيد تتقدمه مسيرة طويلة، من آلاف المواطنين، الى منزل العائلة، لتوديعه، ثم انطلق الموكب الى مدرسة المخيم، حيث صلي على جثمانه الطاهر.
وبعد الصلاة، اخترق موكب التشييع، مخيم الدهيشة، الى مقبرة الشهداء بين المخيم وقرية ارطاس، حيث ووري الثرى.
وعلى مدخل منزل العائلة، الذي شهد حراك جهاد الأخير، عُلقت ملصقات باسم مختلف الفصائل الوطنية، تنعاه.