عائد إلى يافا !!!
«لذكرى النجم غسان مطر»
الحياة الجديدة- يحيى رباح
قبل رحيله المدوي واستشهاده الخارق، كتب «غسان كنفاني» أبرز نجوم فلسطين في عالم الأدب، روايته التي تشبه النبوءات الكبرى «عائد إلى حيفا «التي تتحدث عن واحدة من الخصوصيات المبهرة والمفجعة في آن واحد للقضية الفلسطينية، وكان رجاله في رواية «رجال في الشمس» قد دقوا جدران الخزان المغلق، لكي تصحو الأمة من تآكلها الشاسع فتنجو من الموت، وفعلاً دق رجال الفتح خزانهم في مطلع عام 1965، أطلقوا قيامة فلسطينية مذهلة، وخاضوا في الكرامة معركة نوعية عنوانها « لن نعترف بالهزيمة» فكان لهم ما أرادوا، وبدأ زمن جديد هو زمن الفدائيين.
أما «غسان مطر» أبرز نجوم فلسطين في عالم السينما، المعروف بصوته الأجش وملامحه المميزة الحميمة، نقيب الفنانين التعبيريين، فقد دخل عالم السينما بأضوائه التي تخطف الأبصار وهو يرتدي «بدلة» الفدائي ذات اللون الكاكي المرقط في فيلمه الشهير «كلنا فدائيون» عام 1969، لقد حضر الفدائي الفلسطيني من خلال غسان مطر في قلب المشهد السينمائي العربي، وها هو غسان مطر بعد سبع وستين سنة من المنفى، في لبنان ومصر، في غزة لبعض الوقت، وفي رام الله لبعض الوقت، يرحل عائداً إلى يافا، انتهت الرحلة، أصبحنا واأسفاه في زمن مختلف، زمن داعش حيث تباع نساؤنا الأيزيديات في الأسواق، ويحطم ميراثنا الحضاري العظيم في الموصل بالفؤوس والمطارق الثقيلة، ويذبح الأقباط والأشوريون في مشاهد هابطة تثير الخجل والتقزز في ظل رايات داعش السوداء، علم الدولة الإسلامية!!!
ينتمي غسان مطر إلى جيل قرأ أبناؤه وهم صغار كتاب القراءة الذي ألفه عملاق فلسطيني شهير هو «خليل السكاكيني»، وكان كتاب القراءة يقول في إحدى صفحاته:
بحر يافا أزرق
سماء يافا زرقاء
غسان مطر حمل يافا في قلبه، وطاف بها العالم من أقصاه إلى أقصاه، واشتهر لدى أبناء شعبه وأمته شهرة واسعة، عشرات من الأفلام السينمائية، وعشرات من المسرحيات مع كبار النجوم، وقد ظل في المشهد الفلسطيني يذكرنا بالفدائي، الله أكبر، نجم سينمائي وفدائي، مهما حاولت أيها الفلسطيني فلن تكون إلا كما يجب أن تكون فلسطينياً، هذا هو سؤالك الأول، وهذه هي كينونتك الأولى، أما تلك «الصرمحة» على أبواب المتاهة الأخرى فلن تفيدك شيئاً، وها هو غسان مطر بعد انتهاء الرحلة، تتحرر روحه من قفص الجسد، وتعود إلى ربها راضية مرضية، تعود إلى أصل الحكاية، جوهر الصراع، عبقرية الحقيقة، تعود إلى يافا لتجد الحقيقة كما هي، بحر يافا أزرق وسماء يافا زرقاء، أما ما عدا ذلك، فكله وهم وكله هراء.