تفكير جهنمي . . خدمة للمستوطنين
عزت دراغمة
يبدو أن هذا الـ "آفي ديختر" الذي شغل على مدى سنوات رئيسا لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" لا ينفك قيد انملة عن مطاردة الفلسطينيين وتنفيذ الجرائم والإعدامات والاعتقالات ومصادرة اراضيهم ومحاولة كتم انفاسهم إن استطاع لذلك سبيلا، فبصفته عضوا في الكنيست الإسرائيلي عن حزب "الليكود" الذي يقود الحكومة، اقترح أمس على حكومة نتنياهو، إقامة شوارع خاصة بالمستوطنين وأخرى منفصلة عنها للفلسطينيين على أراضي الضفة، وكأن جدار الفصل والعزل العنصري لم يعد كافيا لتنفيذ مخططات تهويدية واستيطانية جديدة، ولا يؤدي الغرض من التضييق على الفلسطينيين وتحويل مدنهم إلى مجرد كنتونات ومعازل مخنوقة ومنفصلة.
وادعى ديختر انه يريد تجنيب المستوطنين والارهابيين اليهود المسلحين باحدث أنواع الأسلحة اعتداءات المدنيين الفلسطينيين، وبمعنى آخر توفير الجو الملائم للإرهابيين اليهود ليوسعوا من جرائمهم ويسرقوا ما تبقى للمواطنين في الضفة من اراضيهم.
لم يقف مسلسل الاجتثاث وعزل الفلسطينيين عند مقترح ودعوة ديختر هذه، بل إن هناك من قادة اليمين والمتطرفين اليهود من دعا إلى إقامة أسوار وجدران وبوابات حول المدن والبلدات الفلسطينية، بزعم حماية الاسرائيليين وتوفير الأمن وحرية الحركة والتنقل لهم، وبالتالي لا يبدو هناك اختلاف بين هذا الطرح ودعوة ديختر التي ضمنها إقامة حواجز وتنفيذ إجراءات تفتيش مشددة بحق كل فلسطيني يريد الخروج أو الدخول من والى مدينته أو منزله.
هذه الدعوات والاقتراحات التي تعبر عن الفكر والعقيدة المتطرفة والعنصرية، تعكس أكثر من قضية أولاها كيف تعامل قادة الاحتلال مع الشعب الفلسطيني الأعزل، وكيف مارسوا ضده كل ما يخطر ولا يخطر على بال احد من أعمال القهر والاجتثاث والقتل، وهو ما لا تظهر العقلية الاسرائيلية التي يخدعون العالم من ورائها بمساعيهم الزائفة لتحقيق السلام، إضافة إلى أن مثل هذه الطروحات تبين أن إسرائيل تخطط لإدامة استعمارها واحتلالها للأراضي الفلسطينية لأطول فترة ممكنة، والسؤال هنا ماذا بعد عزل المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية داخل جدران اسمنتية وبوابات مصفحة؟ إنهم يعتقدون أو يحاولون التعامل مع أبناء الشعب الفلسطيني كقطيع من الحيوانات يضعونهم في زرائب ويفتحون عليهم لفسحة من الوقت متى شاءوا، أليس هذا ما تعنيه دعوة ديختر وغيره وحتى في إقامة جدار الفصل العنصري؟!
افي ديختر ذهب في دعوته أو اقتراحه على حكومة نتنياهو إلى ما هو ابعد من عنصر الأمن الذي يزعم توفيره للإرهابيين اليهود، حيث حاول إغراء حكومة إسرائيل بقبول الاقتراح من خلال حديثه عن النقطة ذات المغزى كما سماها والمتمثلة بالبعد السياسي وليس العملي، أي أن مشروع الطرق الخاصة بالمستوطنين والمتطرفين اليهود في الضفة سيشكل بعدا سياسيا في أي حل مستقبلي، وبالتالي فان الحديث عن البعد السياسي لجدار الفصل العنصري لم يعد قائما، بل إن ما ستشكله الشوارع والطرق الجديدة مع المناطق المعزولة الآمنة حولها إذا ما تم تبني هذه المقترحات الأكثر عنصرية وأطماعا طرحا إسرائيليا جديدا يتجاوز كل المواقف والعراقيل السابقة.
إن الأفكار والطروحات والمطالب الاسرائيلية كالتي عبر عنها افي ديختر وغيره ممن طالبوا بإقامة جدران وأسوار حول المدن في الضفة كبعض القرى شرقي رام الله وقلقيلية وسلفيت، حيث لا يسمح لمواطنيها الخروج منها إلا حسب التوقيت والأمر الإسرائيلي، تستدعي أصحاب تفكير جهنمي وصل إلى أدنى حضيض العنصرية، وهو وان لم يدع صراحة إلى ممارسة الإرهاب، لكنه يلتقي مع قنوات وشبكات الدعم المالي الذي توفره حكومة نتنياهو للمتطرفين اليهود الذين ينفذون جرائمهم بحق المدنيين الفلسطينيين دونما رقيب أو حسيب، أو على الأقل تحريض مع سبق الإصرار والترصد ضد المدنيين والمواطنين الفلسطينيين، ودفعا نحو زيادة العداء والكراهية تجاههم.