التاريخ : الثلاثاء 16-12-2025

المنظمات الأهلية تدعو لتوحيد الجهود تحت مظلة الأمم المتحدة لوقف جرائم الاحتلال    |     الاحتلال يصعّد عدوانه في الضفة: هدم منازل ومنشآت ومتنزه وتجريف ملعب وأراضٍ زراعية    |     لازاريني: العاصفة بايرون تحكم قبضتها على غزة    |     الخارجية ترسل رسائل متطابقة للمجتمع الدولي حول إعدام الأسير عبد الرحمن السباتين    |     مقاومة الجدار والاستيطان: قرار إقامة المستعمرات حرب إبادة للجغرافية الفلسطينية    |     منصور يبحث مع رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة القضايا المتعلقة بفلسطين    |     عباس والاسعد يلتقيان النائب معوض    |     السفير الاسعد يستقبل وفداً من جبهة التحرير الفلسطينية    |     السفير الاسعد يستقبل وفداً من حزب الشعب الفلسطيني    |     الأونروا: الأمطار تفاقم معاناة النازحين في غزة وتُغرق الخيام وسط خطر تفشّي الأمراض    |     الرئاسة تدين قرار الاحتلال بناء 764 وحدة استيطانية جديدة في الضفة    |     الخارجية المصرية: كثفنا جهودنا على مدار عامين لإنهاء الحرب في غزة    |     الخارجية: حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتجاهل    |     سانشيز: إسبانيا ستسير دوما إلى جانب فلسطين    |     "التعاون الإسلامي" تدين خطط الاستيطان الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية    |     الرسام الفلسطيني حمزة الكاي يهدي الممثل الخاص للرئيس لوحة فنية من اعماله    |     بيروت: مهرجان سياسي طلابي في الذكرى ال 66 لتأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين    |     الجامعة العربية تدعو الجنائية الدولية لإدراج الإهمال الطبي بحق المعتقلين ضمن تحقيقاتها في جرائم الحر    |     الرئيس يجتمع مع ملك إسبانيا    |     مصطفى: نعمل على الحوكمة المؤسساتية لقطاع الصحة لنصل إلى الاستدامة المالية وتقديم أفضل الخدمات    |     "اليونيسف" تحذر من ارتفاع مستويات سوء التغذية لدى الأطفال والحوامل في غزة    |     بيان أوروبي: الاستيلاء على ممتلكات أممية انتهاك صارخ لاتفاقية الامتيازات والحصانات الخاصة بالأمم الم    |     الأمم المتحدة: نرفض ونعارض بشكل قاطع أي تغيير في حدود غزة    |     المجلس الوطني: جرائم الاحتلال تمثل اختبارا قاسيا للقيم الإنسانية في يوم حقوق الإنسان
الاخبار » صبرا وشاتيلا.. المجزرة مستمرة لكن الياسمين أقوى
صبرا وشاتيلا.. المجزرة مستمرة لكن الياسمين أقوى

صبرا وشاتيلا.. المجزرة مستمرة لكن الياسمين أقوى

رام الله 16-9-2015 

يامن نوباني

بعد 33 عاما على ارتكابها، لم تنته صبرا وشاتيلا، ولن تنتهي للأبد حكاية مخيمين فلسطينيين يقعان جنوب العاصمة اللبنانية بيروت، قدّما ما بين 3500-5000 شهيد في المذبحة المروعة آنذاك.

لا تتذكر حياة (33 عاما)، والتي تعيش في إحدى ضواحي عمان الغربية، متى أحست أول مرة بالاغتراب عن والديها، لكنها تقدر أن ذلك حدث حين كانت بين سن السادسة والسابعة، حين سمعت همسا من القريبات والجارات أنها ليست ابنة هذه العائلة، وأنها جاءت إليها رضيعة ناجية من صبرا وشاتيلا، وبدأت تكتشف بنفسها اغترابها عنها، فلا الأم ولا الأب يُشبهانها، ولا حتى طباعهما تشبه طباعها.

'عشت حالة نفسية صعبة لسنوات طويلة، وآثرت الصمت، لأنه لا يعقل أن أقول لرجل عاملني أميرة، وأم لم تُشعرني يوما أني طفلة متبناة، مَن هم أهلي الحقيقيون؟ خجلت بعد هذا العمر من جَرحهما بهذا السؤال، وفي المقابل ظل جرحي ينزف طيلة الوقت' قالت حياة، وأضافت: 'نزيف الجرح بات أقل بعد زواجي من شاب أردني فلسطيني الأصل أحببته في سنتي الجامعية الأولى، وحين أنجبت طفلين شعرت أن ألمي قل قليلاً، لكنه لم ينته ولن ينتهي أبدا، حتى لو عرفت في يوم ما أسماء أهلي الحقيقيين، لأنها ستظل أسماء، ولن نلتقي مع أني لم أفقد الأمل بلقاء وجه أمي'.

هل لي أخوة؟ كم عددهم؟ ماذا كان يعمل أبي؟ ما اسمه؟ ماذا كانت تحب أمي من الأكل؟ ما شكلها؟ هل تشبهني؟ أنا متأكدة من أنها تشبهني لأن طِفليّ يشبهانني؟ وصل الحد بي لأن أكتب على محرك البحث 'غوغل': وجه أمي!؟ وأن أطلب من الله وأنا أنظر للسماء في ليالي رمضان أن يعكس لي صورة وجهها على القمر؟ كم عمري؟ لا أصدق شهادة ميلادي الحالية؟ وهل لي شهادة بالتاريخ الذي وُلدت فيه، ولي اسم أب وأم وجد وعائلة، وأسئلة أخرى كثيرة تخلع القلب تلخص حكاية حياة.

 تبنى طبيب أردني الرضيعة حياة، وزوَجها من الشاب الذي أحبّته، وعاشت في بيت لا ينقصه شيء، غير أن الإحساس الداخلي بالفقدان واللوعة ظلا يلازمانها! فقد الهوية، والتشتت الذي لن تستطيع كل نساء العالم ورجاله من جمعه.. لن يقرأ اليوم مهندسا المجزرة، رافائيل ايتان وارئيل شارون هذه القصة، ولن يُعيدا ما فُقد، فالذين بقروا بطون الحوامل، وداسوا الجثث بالجرافات، وعلقوا بعضها على الأشجار، وأطلقوا النار بكثافة على الاطفال وكبار السن على عتبات البيوت وفي أسرّة النوم والمرض، لم يسمعوا يوما بالضمير والإنسانية، ذلك انهم تربوا على الوحشية والذبح.

تضيف حياة، أشعر اليوم بإيجابية، والأمل بحياة جميلة رغم فقدي ما يُشعرني بذلك، يعود ذلك لتحملي وصبري، ووجود زوجي الوحيد الذي أطلعته على سري، وقف معي قبل زواجنا، وخفف بكائي ليلا كلما تذكرت أني أريد معرفة أمي، وكثيرا ما طلب مني أن لا افكر في الموضوع وانه وطفليهما سيملآن حياتها.

'أكره الحروب وأخبارها، فكل حرب بالنسبة لي هي صبرا وشاتيلا حتى لو فقد فيها طفل واحد، كل طفل أراه على التلفاز يبكي وسط قصف أو في موجة تهجير، أراني فيه' تقول حياة التي وهبها الله أهلا وزوجا لم يُشعرانها يوما أنها ابنة شهداء أو ضائعين أو مجهولين، وكانت أكبر من هول المجزرة!

يذكر أن المجازر المرتكبة بحق أبناء المخيم استمرت لمدة ثلاثة أيام وهي 16-17-18 أيلول 1982، حيث قام الجيش الاحتلال الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي بمحاصرة مخيمي صبرا وشاتيلا وتم إنزال مئات المسلحين بذريعة البحث عن 1500 مقاتل فلسطيني، بينما كان المقاتلون الفلسطينيون خارج المخيم في جبهات القتال، ولم يكن في المخيم سوى الأطفال والشيوخ والنساء، وذلك انتقاما من الفلسطينيين الذين صمدوا في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية طيلة ثلاثة أشهر من الحصار، الذي انتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العزل بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، لكن الدول الضامنة لم تفِ بالتزاماتها وتركت الأبرياء يواجهون مصيرهم قتلا وذبحا وبقرا للبطون.
2015-09-16
اطبع ارسل