اتفاق الدوحة... إلى أين؟
جريدة القدس
بقلم محمد عبيد 15-2-2012
اتفاق الدوحة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل، الذي تم الاثنين الماضي، ينتظر أكثر من سيناريو، في ظل الأحاديث المتواترة عن عدم رضا في صفوف عدد من قيادات الحركة في الداخل الفلسطيني، وخصوصاً في قطاع غزة، وتأكيدات أن ما تم التوصل إليه من اتفاق لم يحز على موافقة أطر الحركة القيادية، ولم تستشر فيه أصلاً، ما يشي بأن مصير اتفاق الدوحة بات معلقاً على الأقل بانتظار ما ستؤول إليه اجتماعات ومواقف قادة حركة حماس في غزة .
القيادي وعضو المكتب السياسي في “حماس” محمود الزهار، عبّر عن هذا الموقف، ورسم أول مشاهد سيناريو محتمل، من خلال تصريحات أكد فيها أن أهم ما توصل إليه الاتفاق المتمثل في تولي الرئيس الفلسطيني رئاسة حكومة كفاءات مستقلة، متفق عليها بين الطرفين، تتولى تسيير الأعمال، والإعداد للانتخابات العامة الفلسطينية، تشريعية ورئاسية، لم تستشر فيه أطر الحركة وقياداتها، واعتبر أن “ تسليم أبو مازن زمام الأمور مرفوض تماماً وخطوة خاطئة وغير مقبولة من الناحية الاستراتيجية” . وكشف عما قال إنها “مشاورات” ستجريها قيادات “حماس” في الداخل والخارج لحسم رأيها حول إعلان الدوحة .
وبعد هذا التأكيد الحاسم الذي سبقته حالة تضارب في التصريحات بين قيادات وأوساط الحركة، التي طالما أكدت في أكثر من موقف ومناسبة، وحدة القرار فيها، فإن تساؤلاً مشروعاً حول مستقبلها وتماسكها، يغدو مفتوحاً على أكثر من احتمال، وتغدو الحركة ذاتها بحاجة إلى الإجابة عن أكثر من سؤال، في مقدمها الظروف التي دفعت رئيس مكتبها السياسي لتوقيع الاتفاق، وما إذا كان أقدم على الخطوة فعلاً من دون إقرارها بإجماع قيادة الحركة، وما إذا كنا أمام بوادر خلاف محوري بين قياداتها.
الأزمات التي مرت بها مرحلة الانقسام الفلسطيني على امتدادها، لم تكن مفتوحة على احتمالات كثيرة مثل التي نشهد الآن، خصوصاً أنها كانت بين الطرفين حركتي “فتح” و”حماس”، وفي ذلك الحين كانت الصورة بالغة الوضوح، وأساس الخلاف ظاهر للعيان، لكن الخلاف الذي نستشعره بين قيادات “حماس” يحمل على أكثر من تكهن، ويجعل من الصعب الحديث عن سيناريو محسوم مسبقاً، لما سيؤول إليه النقاش الدائر في أوساط “حماس”، الذي لم يعتد المراقبون والمتابعون للشأن الفلسطيني، على خروجه إلى العلن كما نشهد الآن، وكان مقتصراً في بعض المسائل المفصلية على تسريبات وأحاديث لم ترق يوماً إلى مستوى التصريحات المعلنة، وبوادر الخلاف “على المكشوف”.
مصير اتفاق الدوحة الأخير أمام محطة مفصلية، والمشاورات المنتظرة التي تحدث عنها الزهار في أوساط قيادة الحركة، قد تفتح الطريق أمام أحد احتمالين، فإما أن يتم اعتماد ما توصل إليه رئيس المكتب السياسي لحماس، في إطار مجموعة صفقات داخل الحركة، وترضيات تحمل جديداً إلى مشهد الحركة الداخلي، أو أن نشهد انقساماً من نوع ما في أطرها القيادية .
تصريحات الزهار لا تحمل على توقعات غير هذين الاحتمالين، ومصير “إعلان الدوحة” يغدو على كف التوقعات، والمقلق في الأمر ما يمكن أن تصل إليه الأوضاع الفلسطينية بشكل عام، من تشظٍ وانقسامات جديدة، تضيف إلى الانقسام المر، الذي يوشك على إتمام عامه السادس، ويكافح الفلسطينيون لإنهائه، ويتشبثون بأية بارقة أمل، فالغريق يتشبث بقشة كما قالوا .