التاريخ : السبت 27-04-2024

الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    |     رئيس بوليفيا يطالب باتخاذ إجراءات صارمة لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة    |     "آكشن إيد" الدولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من الأزمة الانسانية بسبب العدوان    |     مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    |     "فتح" تهنئ الجبهة الديمقراطية بنجاح مؤتمرها الثامن وبانتخاب فهد سليمان أمينا عاما    |     رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار يستكملان إجراءات الاستلام والتسليم    |     "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف جمهورية جامايكا بدولة فلسطين    |     مصطفى يؤكد ضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم الحكومة الفلسطينية    |     أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة    |     الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار في    |     البرلمان العربي: قرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين "خطوة في الإتجاه الصحيح"    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة    |     برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    |     مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    |     جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    |     مئات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى    |     الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    |     أبو الغيط يرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول "الأونروا"
نشاطات فلسطينية في لبنان » لقاء في الربوة عن "القضية الفلسطينية والسلام"
لقاء في الربوة عن "القضية الفلسطينية والسلام"

 

لقاء في الربوة عن "القضية الفلسطينية والسلام"

 

لحام: المطلوب موقف عربي موحد وصريح حول القضية لأجل حلها

متري: وضع قضية التوطين بنصابها ضرورة لاستئناف لبنان دوره

زكي: امتعاض الغرب من الممارسات الإسرائيلية موجود ويتصاعد

مكاوي: حق العودة ثابتة كيانية لبنانية بقدر ما هي فلسطينية

لومباردو: الاونروا تحتاج الى مزيد من الدعم لتحسين خدماتها

 

وطنية - 17/2/2012

نظم "المركز العالمي للحوار - لقاء" بعد ظهر اليوم، لقاء حول "القضية الفلسطينية وآفاق عملية السلام"، في مركز "مجمع البطريرك غريغوريوس" في الربوة، برعاية بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، في حضور فرح كرباج ممثلا الرئيس أمين الجميل، داود الصايغ ممثلا الرئيس سعد الحريري، المطران كميل زيدان ممثلا البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، سفراء: العراق عمر برزنجي، فلسطين أشرف دبور وتركيا أوزلديز اينان، ناصيف قزي ممثلا النائب العماد ميشال عون، فادي لبس ممثلا النائب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، فهد الباشا ممثلا رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، العقيد علي الحاج ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، المقدم فادي صليبا ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، العقيد نبيل حنون ممثلا المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، المقدم بيار براك ممثلا المدير العام لامن الدولة اللواء جورج قرعة، المطارنة: منجد الهاشم، يوحنا بطاح، كيرلس سليم بسترس، مستشار رئاسة الجمهورية ناجي ابي عاصي، نائب رئيس المجلس الاعلى للروم الكاثوليك روجيه نسناس والامين العام بسام الفرن واعضاء من المجلس الاعلى وشخصيات رسمية وسياسية واجتماعية وثقافية.

 

زكي

استهل عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" السفير عباس زكي اللقاء الذي أداره الدكتور زياد الصايغ، بالاجابة على الاسئلة فقال ردا على سؤال عن توقعاته لإمكان اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين على اساس حدود 1967: "ان اعتراف دول العالم بدولة فلسطين شيء، وقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة شيء آخر. لذلك فإن الاعتراف بالدول هو تصرف أحادي الجانب صادر من الإرادة المنفردة للدول، وهو شهادة بوجود دولة ناشئة تكتسب الشخصية القانونية الدولية".

اضاف: "نتوقع ان هناك امكانية كبيرة جدا للحصول على هذه العضوية نظرا للعدد الكبير من الدول التي تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967. ولا بد أن تستمر جهودنا للحصول على اعتراف الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية". 

سئل: هل تشعرون بتغير في المزاج الأميركي والأوروبي لجهة الحد من الانحياز لإسرائيل؟

اجاب:"هناك استطلاعات رأي أكدت تغير المزاج الغربي تجاه إسرائيل باعتبار أنها واحة الديمقراطية، فنجد مثلا الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر يصف إسرائيل بالعنصرية في كتابة "دولة الابرتهايد". ما أعنيه أن الذين يتحدثون هم أوروبيون وأميركيون، وأصبحوا يرون إسرائيل أكثر عدوانية، وأنها الدولة الأخطر على السلم العالمي، نتيجة ممارستها العدوانية. إن هذا الشعور والامتعاض من الممارسات الإسرائيلية موجود ويتصاعد".

سئل: ما هي التداعيات الايجابية للمصالحة الفلسطينية - الفلسطينية على النضال الدبلوماسي لانتزاع الاعتراف بدولة فلسطين؟ 

اجاب: "عند الحديث عن المصالحة الفلسطينية، ينبغي ان تكون المصالحة هي الورقة القوية في يد القيادة الفلسطينية في تحركها الدبلوماسي، ويجب أن تكون سيفا في يدنا على رقبة الحكومة الإسرائيلية، وليست سيفا بيد نتنياهو على رقبتنا. فالمطلوب هو حكومة فلسطينية تتعامل معها كل دول العالم دون استثناء. إن وحدتنا هي مرتكز القوة الأساسي خاصة وقد وصل الأمر بعملية السلام إلى طريق مسدود وتأكد الفلسطينيون جميعا أنهم أمام تحد كبير دفاعا عن القدس والهوية".

سئل: هل من انعكاسات سلبية بمعنى المقايضة او المساومة بين الاعتراف بدولة فلسطين وقضايا الحل النهائي؟

اجاب: "لا بد من القول انه وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في حال اكتساب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ومنحها مقعدا في المنظمة الدولية سوف يتم تحقيق رزمة من المكاسب السياسية والقانونية، دون أن يمس ذلك حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948، ودون أن يؤثر على المكانة التمثيلية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده".

اضاف: " الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يتعارض مع حق العودة، باعتبار أن هذا الحق مكرس في القرار 194 الذي يشدد على أن يعود كل مهجر إلى داره، لا إلى أي مكان آخر. ما يعني أن قيام الدولة على حدود العام 1967، سيسمح بعودة اللاجئين الذين هجروا من تلك المناطق، من جهة، ولكنه لا ينفي حق العودة للاجئين من مناطق أخرى، كأراضي العام 1948، بالعودة إلى منازلهم على الصعيد ذاته". 

سئل عن آفاق استئناف المفاوضات؟

اجاب: " لا بد من القول ان جميع جولات المفاوضات التي جرت بمختلف اشكالها وتحت مسميات كثيرة ورعايات مختلفة، لم تفض الى اي شيء يذكر يمكن الطرفان من التوصل الى الحد الأدنى على الأقل من الحل، بل تفاقم الوضع وصعدت اسرائيل من انتهاكاتها ضد المواطنين الفلسطينيين في القدس خاصة والضفة عامة. لذلك، فإن إسرائيل لم تكن يوما جادة في تحقيق السلام مع الفلسطينيين، وأن المحادثات الاستكشافية التي عقدت في الأردن مؤخرا كان اسرائيل تهدف منها فك العزلة عنها. فقد كانت مواقف الطرفين في هذه المفاوضات متباينة، كما أن إسرائيل لم تكن تعلق آمالا كبيرة عليها، وبالتالي أفشلتها".

اضاف: "الواقع ان الظروف الراهنة محليا وإقليميا وعالميا لا يمكن أن تفضي إلى زحزحة إسرائيل عن هذا الموقف مستغلة ما يجري في العالم والمنطقة. فالنظام العربي مشغول إلى أذنيه دون جدوى بوضع حد لما يجري فيه، والمواقف الإقليمية (تركيا وإيران) تعد إيجابية فيما يتعلق بالصراع مع إسرائيل لكن لا يمكن الحديث حتى الآن عن تأثيرات فعلية في ساحة الصراع. وأما الاتحاد الأوروبي فلم يمارس في أي وقت من الأوقات تأثيرا يذكر على مجريات التسوية، وأما روسيا فشاغلها الوحيد الآن هو إخراج سوريا من أزمتها، والولايات المتحدة كانت دائما ولا تزال ورقة رئيسية في الجيب الإسرائيلي. كلها عوامل تشجع إسرائيل على الإستفراد بالفلسطينيين والاستخفاف بالعرب وبالتالي لا تقيم وزنا ولا تعير انتباها لقرارات الشرعية الدولية وتعتبر نفسها فوق القانون".

 

مكاوي

والقى الرئيس السابق للجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني في رئاسة مجلس الوزراء، السفير خليل مكاوي مداخلة فاشار الى ان "لبنان كان أكثر من استشعر خطر قيام إسرائيل، وكان لبنان أكثر المناضلين في سبيل دعم قضية فلسطين، سياسيا وثقافيا وعسكريا، ولم يزل".

وأكد "ان تطور العلاقات اللبنانية - الفلسطينية في تلك المرحلة حكمها البحث الرصين عن السبل الأجدى للعيش والتعاون معا، كان لبنان في أوج حقبة ديبلوماسية ذهبية شهدت حتى مساهمة منه في مواكبة حركات التحرر وإنهاء الإستعمار العالمية".

وإعتبر ان "اللبنانيين والفلسطينيين دخلوا معا نفقا مظلما كان يمكن أن يدمر القضيتين اللبنانية والفلسطينية، لولا نقاط مضيئة ومبادرات جريئة" لافتا الى "ان التداخلات الإقليمية والدولية، كما التحالف الموضوعي بين العدو والصديق، كان همها إنهاء فلسطين وإلغاء لبنان".

ورأى "ان الاضاءة على العلاقات اللبنانية - الفلسطينية في التباساتها وتطلعاتها لا بد من أن تنطلق من الإعتراف بالأخطاءالمتبادلة، وإيقاف الإستغلال غير المسؤول لمبدأ الإعتدال من طرف واحد". 

وقال مكاوي "ان تشكيل مجلس الوزراء في العام 2005، بمبادرة من الرئيس فؤاد السنيورة، لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني من اجل ان تعمل بالتعاون مع الشرعية الفلسطينية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، على وضع مقاربة شاملة لعلاقة لبنان - الدولة باللاجئين الفلسطينيين والعكس".

واعتبر "ان الحياة الكريمة للاجئين الفلسطينيين، أي منحهم حقوقهم الإجتماعية والإقتصادية حتى عودتهم التزام إنساني لبناني لا حياد عنه مع حث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته عبر الأونروا بهذا الخصوص، إذ إن المسؤولية الدولية هي الأساس في قضية اللاجئين".

وشدد على ان "السيادة للدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وتنفيذ قرارات هيئة الحوار الوطني بما يتعلق بإنهاء حالة السلاح الفلسطيني خارج وداخل المخيمات، حق للدولة دون مقايضة، أو إشراك، ولا علاقة لهذا السلاح لا برفض التوطين ولا بمقاومة العدو الإسرائيلي".

وأكد "ان حق العودة ثابتة كيانية لبنانية بقدر ما هي فلسطينية، ورفض أي شكل من أشكال "التوطين المقنع" أو "التهجير المنظم" مفاده دعم العدالة الدولية لا الخوف من اختلالات ديموغرافية أو مذهبية".

 

لومباردو

ورأى المدير العام ل"الاونروا" سلفاتوري لومباردو أن "الفلسطينيين في لبنان يواجهون تحديات اجتماعية واقتصادية هائلة، إذ يعيش 66 في المئة منهم بأقل من ست دولارات يوميا أي دون خط الفقر، بينما يعيش 6.6 في المئة منهم بأقل من دولارين في اليوم. وفي أوساط الفلسطينيين في بعض المناطق في جنوب لبنان يصل معدل الفقر إلى أربعة أضعاف معدل الفقر في أوساط اللبنانيين". 

واعتبر "أن وكالة الاونروا مسؤولة عن توفير الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين (الصحة والتعليم...) إلى أن يتم إيجاد حل عادل لقضيتهم. وإن تكن الموارد المتاحة للوكالة كافية لتغطية الحاجات الأساسية للاجئين إلا انها لا تكفي لتغطية الحاجات الاضافية الناجمة عن الزيادة الديموغرافية أو حتى لتقديم خدمات ذات نوعية أفضل. وتحتاج الاونروا الى المزيد من الدعم لبرامجها في لبنان لتتمكن من احداث فرق جذري في حياة اللاجئين وتحسين الخدمات". 

ولفت الى ان "مساهمة الدولة اللبنانية في تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين تبقى محدودة لأسباب مالية وسياسية. ومع أن الحكومة اللبنانية أقرت في بيانها الوزاري في العام 2011 ضرورة تحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين إلا انها حملت الاسرة الدولية المسؤولية الأساسية للقيام بذلك".

ولاحظ أنه "بعد تأسيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني عززت الحكومة اللبنانية سياساتها تجاه الفلسطينيين، وكانت إعادة إعمار مخيم نهر البارد في صلب جهودها. إن الاونروا تتعاون بشكل ناجح مع لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني ومؤسسات حكومية أخرى كوزارات الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية. أما بالنسبة إلى المواضيع الأمنية فقد شهدت العلاقة بين المؤسسات الفلسطينية واللبنانية المعنية تحسنا، لكن الأمور ما زالت دون متطلبات فرض القانون الأساسي والنظام".

وختم: "يبقى غياب الحل السياسي العقبة الأساسية التي تعترض القضية الفلسطينية في لبنان والخارج، ولذلك تبقى الآفاق المستقبلية مقفلة في وجه اللاجئين الفلسطينيين".

 

متري

وتحدث الوزير السابق طارق متري فأشار الى ان "الحديث عن تأثير التحولات المذهلة في العالم العربي على فلسطين يحتمل بعض المجازفة، لا سيما اذا اخترنا ان نتدارسها في ضوء انسداد آفاق السلام. غير ان المجازفة ليست كبيرة اذا ما نظرنا في احتمالات تحرر الشعوب في البلدان العربية من سياستين عربيتين طالما انتهجتهما الأنظمة المستبدة: واحدة تضيق على التضامن مع شعب فلسطين باسم أمن دولها القومي المفترض، وأخرى تستثمره في التعويض عن النقص في شرعيتها من خلال إظهار نفسها بصورة الممانعة للولايات المتحدة واسرائيل. ومن شأن هذا التحرر ان يفتح مسالك جديدة لإنتصار العرب لفلسطين، شعوبا متعاطفة وقادرة أكثر على دفع سياسات الدول نحو الإنسجام بين المعلن والفعلي ونحو فاعلية أكبر". 

ولفت الى ان "التضامن العربي مع شعب فلسطين لا يقوم على ركيزة الروابط القومية ووحدة المصائر والعاطفة الدينية فحسب بل على الإلتزام الأخلاقي، وهذا الإلتزام قاعدة الشراكة بين المسلمين والمسيحيين". 

واعتبر ان "حديث أفيغدور ليبرمان ومسؤولين اسرائيليين يقتربون من تطرفه عن تحول النزاع خلال الأعوام الأخيرة إلى نزاع ديني وعدم إمكان التوصل إلى تسوية عن طريق الحل الوسط الجغرافي، ان هذا الكلام لا يجيء من عدم، فهو يعود إلى الحمى الإيديولوجية والدينية التي شهدتها إسرائيل بعد حرب 1967. ومذاك، ما انفكت اللغة الدينية، عند المتشددين اليهود لدوافع عقائدية والسياسيين اليمينين لحسابات سياسية، تطمس المعنى الحقيقي للصراع وتزداد تأثيرا في اسرائيل وبين أصدقائها لا سيما في الولايات المتحدة، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر على وجه أخص". 

أضاف: "غني عن القول ان الفلسطينيين، المسيحيين بشكل خاص، لا يرون النزاع على هذا النحو. ونجد على سبيل المثال في الوثيقة المسيحية المعنونة "وقفة حق" والتي صدرت منذ عامين ان هوية اصحابها لا تجعل منها نصا طائفيا ولا تضفي على مقاومة الشعب الفلسطيني، المتعددة الأوجه، صفة دينية. وتأتي الأفكار اللاهوتية فيها، بصيغة تأملات روحية حول دوافع المؤمنين في مقارعة الظلم ونشدان العدالة أو للرد على الأفكار والتفسيرات الكتابية التي تقدم تبريرا للاحتلال". 

وإذ لفت الى ان "الوثيقة تخاطب كنائس العالم على نحو ما فعلته مبادرات مسيحية كثيرة"، ذكر مبادرتين: الندوة العالمية للمسيحيين من أجل فلسطين التي تأسست هنا في بيروت عام 1970، والحملة المسكونية الدولية التي أطلقها عام 2001 مجلس الكنائس العالمي". 

وأشار الى ان "الجهود التي قام بها مسيحيون ومسلمون التي انشغلت بقضية القدس شددت على التأليف بين هويات المدينة المقدسة، فهي اسلامية ومسيحية وفلسطينية وعربية وعالمية في آن معا. فلا يطغى ابراز اسلاميتها على رسوخ شخصيتها المسيحية، ولا يجنح التشديد على عروبتها الى تجاوز فلسطينيتها. ولا تنسينا محليتها انها تراث للبشرية جمعاء. ورأت الجهر باستحالة فصل القدس عن فلسطين ومقدساتها، عن الشعب الذي يعيش فيها او يتحدر منها". 

ورأى انه "بين وقت وآخر يظهر ميل بعض الجهات الدولية والمؤسسات الدينية الى تداول صيغ للحفاظ على الوضع القائم للاماكن الدينية، وضمان حريات العبادة والانتقال، مما يرتب على قادة الجماعات الروحية في القدس، جميعهم، التذكير بما يعرفه الجميع بداهة، وهو ان القدس قدس اذا كانت المدينة والشعب، لا المدينة بدون الشعب ولا الشعب بدون المدينة". 

وأشار الى ان "هذه الخبرات تبين أهمية التعامل مع القدس وفلسطين والدعوة الى النظر اليها بوصفها قضية كونية، فاليوم تتواصل امام انظارنا عولمة متصاعدة للصراع على القدس وفلسطين. وهي تستدعي مقاربة تتشكل حول القيم الكونية في وجه منطق القطيعة الدامي. فمنطق الحدود الدامية بين الحضارات والاديان، سافرا كان أم مضمرا، يغذي التفوق والتوسع الاسرائيليين على نحو لم يكن متوقعا لأعوام خلت"، موضحا ان اسرائيل "ترى اظهار المسيحيين وكأنهم واقعون بين فكي كماشة ورهائن صراع ليسوا في الحقيقة طرفا فيه. ولا يحرجها الا قليلا ان معظم المسيحيين المعنيين يعون انفسهم على النقيض من ذلك". 

وقال: "إزاء عولمة الصراع هذه، نشهد في العالم اليوم تصاعدا تدريجيا لإتجاهات في الرأي العام تناصر القضية الفلسطينية من حيث هي قضية كونية. فهناك ايضا الذين يقولون باحترام الشرعية القائمة على القانون الدولي ويرون فيها امكانا لكبح غطرسة القوة الاحادية. والحقيقة هي اننا امام ما يشبه المفارقة داخل الرأي العام الغربي، يزداد التعلق بالشرعية الدولية رغم اضعاف الامم المتحدة او اخفاقها. فصحيح ان ثمانية وثلاثين قرارا متعلقا بفلسطين وصادرا عن مجلس الامن لم تنفذ، الا ان تراكم هذه القرارات يجعل من فلسطين محكا للتوازن والانصاف في العلاقات الدولية". 

ورأى ان "هناك تراجعا على ما كانت تحسبه اسرائيل شرعيتها الأخلاقية والتي لم تعد تقول بها، بالشفاه أكثر من القلوب، سوى الولايات المتحدة، بعد لي ذراع رئيسها في الكونغرس وفي انتخابات فرعية، وأقلية من الدول تسير في ركابهما". 

وقال: "صحيح ان التغيير المذكور، ولعل اكثره عمقا ما شهدته الأوساط الجامعية والكنسية حيث قامت على سبيل المثال، مبادرات لسحب الإستثمارات من اسرائيل ولمقاطعتها، لم يؤت ثماره بعد لجهة تغيير الواقع في فلسطين، الا انه اسهم في بناء وعي مختلف سيكون له تأثير ولكن في الغد أكثر من اليوم. ففي الولايات المتحدة مثلا، لا يحجب النفوذ السياسي لمجموعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، والإبتزاز الإنتخابي الفعال الذي تمارسه، ظهور فهم جديد بين الشباب والطلاب لم تعد الأوساط اليهودية مقفلة بوجهه. وهو يضفي الشرعية الأخلاقية للمطالبة الفلسطينية بالحرية من الإحتلال وبالحق الوطني في إقامة الدولة المستقلة".

 

أضاف: "من نافل القول، انه اذا صارت مقارعة اسرائيل على الصعيد الأخلاقي قضية كونية فإنها تستحق ان تستعاد بوصفها قضية لبنانية. ولا يعفي العداء اللبناني لإسرائيل والدعوة المستمرة بالتصدي لها بالمقاومة من هذه المسؤولية. في الماضي، كان لبنان، بكل فئاته واتجاهاته السياسية، ذا دور بارز في مواجهة اسرائيل على الصعيدين الثقافي والأخلاقي. وفيه تكونت في الستينيات والسبعينيات ادوات متنوعة في خدمة هذه المواجهة. وكانت الدبلوماسية اللبنانية تعرف حيوية كبيرة في هذا المضمار. وتبدلت الأحوال بعد كل ما اصاب العلاقات اللبنانية - الفلسطينية من جراح. ولم يكن مستغربا ان يؤدي ذلك الى ضمور الدور اللبناني في الدفاع عن "عدالة القضية الفلسطينية" كما كان يقال". 

وتابع: "أما اليوم، وفيما تبدو العداوات الماضية ماضية بحق، فإن العمل على شفاء الذاكرتين اللبنانية والفلسطينية عن طريق الحوار والتعاون يتيح استعادة ادوار لبنانية قديمة والقيام بأخرى جديدة. غير ان طغيان الخوف والتخويف من التوطين، وفيه قدر كبير من الإفتعال، يضع العوائق امام هذه الإمكانية. والقول برفض التوطين، وهو ما يؤكد اللبنانيون كلهم اجماعهم عليه، لا يظهر عند البعض الا بالحماسة اللفظية لحق العودة والنكران الفعلي لحقوق فلسطينيي لبنان الأساسية. لذلك فإن وضع قضية التوطين في نصابها، من دون تهوين لكن من غير تهويل، ضرورة لتجديد قدرة لبنان على استئناف دوره بعد طول تعثر".

 

لحام

أما لحام فقال: "العلاقة مع القدس هي علاقة شخصية لأني خدمت فيها مدة 26 سنة. لقد عالجت القضية الفلسطينية في أكثر رسائلي كما كانت الموضوع الأساسي في اجتماعات السينودس لأجل الشرق الأوسط (2010). في رسالتي لقادة الدول العربية بمناسبة عيد الفطر (2011)، شرحت مركزية القضية الفلسطينية في تحقيق النظام الجديد للشرق الأوسط الجديد. في السينودس لأجل الشرق الأوسط، يعبر البيان عن رأي الكنيسة ككل مجتمعة بضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية لجهة إنهاء الاحتلال في الأراضي العربية من أجل كرامة الشعب الفلسطيني ومن أجل السلام في المنطقة". 

أضاف: "في رسالتي في الفصح المجيد (2011)، دعوت الجامعة العربية والدول العربية لتجتمع لتضع برنامجا لشرق أوسط جديد من خلال رؤية عربية إسلامية مسيحية مشتركة تضمن أساسا السلام الذي هو مفتاح المستقبل والذي يبدأ من الأراضي المقدسة في فلسطين. ولا زلت أدعو لهذا اللقاء. في رسالة الميلاد (2006)، تحدثت عن تهديد الحضور المسيحي في المنطقة هو أساس العيش المشترك. هذا الحضور يذوب بسبب الأزمات ولا يضمنه إلا السلام العادل. السبب الرئيسي هو الصراع العربي الإسرائيلي الذي يفرز الحركات الأصولية والشقاق والنزاع داخل البيت العربي. الخطوة الأولى هي الوحدة العربية من خلال هدم الجدران وبناء الجسور لا العكس. نتوجه بتصميم إلى الإخوة العرب والغربيين ونقول إن التسويف في حل القضية يعني قطع الآمال وهجرة الكفاءات والشباب والمعتدلين والمسيحيين. وهذا ما سيجعل هذا الشرق يفقد تعدديته وبالتالي حضارته الإنسانية العريقة ويفسح المجال حينها لصراع الحضارات". 

وتابع: "هناك نقص في الثقة بين الشرق والغرب. وفي هذا الجو هناك دعوات لشرق أوسط جديد مبني على جزر طائفية. هذا رهان خاسر ومدمر للمنطقة. الشرق الأوسط الجديد يتحقق من خلال حل القضية الفلسطينية. لذلك كمسيحيين مشرقيين ندعو الغرب إلى الثقة بنا وإلى عدم الانسياق لهذا المشروع التقسيمي. نتوجه أيضا إلى أختنا الكبرى روما لكي تعمل على خلق الثقة بين الشرق والغرب". 

ودعا لحام الى "عقد مشروع قمة روحية عربية إسلامية - مسيحية"، موضحا انها "دعوة إلى كلمة وخطة سواء، إلى إغناء وإنعاش عالمنا العربي بقيم إيماننا المسيحي - الإسلامي". 

ورأى ان هجرة المسيحيين من الشرق لها "عواقب خطيرة وأليمة وجسيمة، وهي تعني فقدان التعددية والتنوع في العالم العربي وتلاشي طاقات الحوار المسيحي - الإسلامي"، معتبرا انها "تشكل نزيفا مستمرا، وتعني أن المجتمع العربي سيصبح مجتمعا ذا لون واحد، مجتمعا عربيا - إسلاميا". 

واعتبر ان "ما دعي بـ "الربيع العربي" يظهر تأثير الصراع العربي - الإسرائيلي على هذه الثورات. العرب انقسموا حول هذه الأحداث كما هم منقسمون حول القضية الفلسطينية. إن هذا الصراع هو مصدر الحقد والكراهية والعداء والانقسام والطائفية والأصولية والإرهاب. هذا الصراع أنتج متاجرة بالقضية الفلسطينية وما يتبعها من تسلح حتى النووي منه في المنطقة. من هنا الصرخة إلى المسيحيين في كل مكان في العالم لكي يحبوا العالم العربي لأن الحب هو الدواء للعنف وإيديولوجيا القتل". 

وتمنى لو ان "جامعة الدول العربية ودول جامعة الدول الإسلامية تجتمع لتعالج واقع الثورة في البلاد العربية، فنضع معا برنامجا جديدا لشرق أوسط عربي جديد، نضعه نحن وليس غيرنا، يضمن شروط العيش الكريم لمواطني هذا الشرق الأوسط العربي المسيحي - الإسلامي، مهد الديانات والحضارات"، مؤكدا ان "وحدة الصف العربي شرط مهم جدا أمام هذه التطورات الخطيرة والثورات الجماعية والانتفاضة". 

وأكد ان "الوفاق المرجو بين العرب هو وحده الكفيل بإعادة السلام وإقرار العدل في فلسطين وفي الشرق الأوسط بأسره، ويفترض موقفا عربيا موحدا، ثابتا وفاعلا وصريحا، حول القضية الفلسطينية ولأجل حلها. كما يفترض موقفا أميركيا وأوروبيا صريحا وثابتا وموحدا. فالأمر الأكثر أهمية اليوم هو أن نتمكن معا من كسب معركة السلم والحرب معا، معركة صادقة، في سبيل العدالة والأمن والاستقرار والنماء. أجل الوحدة العربية هي وحدها القادرة على فرض حل سلمي على إسرائيل، على الولايات المتحدة الأميركية وعلى أوروبا وعلى الأمم المتحدة".

واعتبر أن "السياسة التي تقوم على ممارسة الضغوط المختلفة على هذه أو تلك من الدول العربية، أو سواها، إيران وسوريا، والأحكام القاسية والتنكيل بحماس أو حزب الله، أو بالأصولية والمتطرفين الإسلاميين، إنما هو هروب إلى الأمام، وسياسة النعامة وتنصل من تحمل المسؤولية الحقيقية التي تفرض على الجميع التصميم الصريح والسعي الصادق وراء توافق واتفاق حقيقيَّين في إحلال السلام وتحقيق العدالة في الأرض المقدسة". 

واردف الى ان "من أسرى القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني - العربي لبنان، وبخاصة في الظروف والأوضاع العربية الراهنة، فهو أسير محليا وإقليميا، عربيا وعالميا. لبنان أسير هذا الصراع والقضية الفلسطينية جنوبا وشمالا وبقاعا وحتى في عاصمته بيروت.

أضاف: "إن المماطلة في حل القضية الفلسطينية أمر مقصود وجزء من مخطط كبير. قد أصبح العالم بأسره أسيرا لهذا الصراع واستمراره سيقضي على العيش المشترك وعلى الحوار المسيحي - الاسلامي في بلادنا وعلى وحدة العالم العربي. لهذا لا يجوز لنا أن نفشل أو نرمي سلاحنا في المسعى نحو حل القضية الفلسطينية وإحلال السلام فهو خشبة الخلاص لنا ولعالمنا العربي". 

وختم: "السلام ملح وممكن وهو الحل وخارطة طريق الأمن والأمان والازدهار والحرية والكرامة والعيش المشترك والعيش معا، لا بل هو حامي قيمنا الإيمانية المسيحية والإسلامية. كما انه الرؤية الحقيقيَّة والمستقبل الأفضل والمشرق لشبابنا العربي".

2012-02-17
اطبع ارسل