الأقصى .... والمسؤولية العربية والإسلامية
جريدة القدس
حديث القدس20-2-2012
الجولات الاستفزازية التي تقوم بها مجموعات يهودية متطرفة، بما في ذلك مجموعات تنتمي لحزب الليكود الحاكم في اسرائيل، في الحرم القدسي الشريف تحت حماية الشرطة الاسرائيلية، والجولات التي يقوم بها جنود اسرائيليون في باحات الاقصى باسلحتهم، والاقتحامات التي تقدم عليها قوات الشرطة وحرس الحدود والأجهزة الأمنية الاسرائيلية، والتي تزايدت مؤخرا ، يشكل تصعيدا جديدا تتحمل الحكومة الاسرائيلية كامل المسؤولية عن تداعياته المختلفة، خاصة وان هذا التصعيد يشكل حلقة من حلقات التطبيق الاسرائيلي للسياسة المتشددة التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية والتي تشمل ، فيما تشمل، توسيع الاستيطان وإحكام عزل القدس العربية المحتلة وتنفيذ مخططات تهويدها، عدا عن مختلف الممارسات الاسرائيلية التي تستهدف الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة والمشروعة.
ولعل هذه الحلقة تعتبر الأكثر خطورة خاصة وان الجماعات المتطرفة المذكورة تستهدف الأقصى وتعلن جهارا نيتها إقامة الهيكل مكان الحرم القدسي وتعد العدة والمخططات لذلك علنا تحت سمع وبصر الحكومة الاسرائيلية، بل ان أحد أبرز المتطرفين الذين يقودون هذه الحملات ينتمي الى حزب الليكود الحاكم وكان مرشحا لقيادة هذا الحزب - فايغلين - ونال نسبة تأييد لا بأس بها امام منافسه بنيامين نتنياهو.
وتكمن الخطورة بشكل رئيسي بان هذه الجولات الاستفزازية والمخططات المبيتة تشكل انتهاكا فظا لحرمة هذا المكان المقدس واعتداء صارخا يمس المسلمين اينما كانوا، وهو ما يتناقض مع ما تدعيه اسرائيل من حفاظها على الاماكن المقدسة واحترامها المزعوم لحرية العبادة. وقد اثبتت اسرائيل امس بجولات متطرفيها واقتحامات قواتها انها شريك أساسي لكل اولئك الذين يستهدفون الأقصى وذلك بسماحها بانتهاك حرمته وبملاحقة وإزعاج المصلين واعتقال بعضهم، عدا عن محاولات ناطقيها الرسميين تضليل الرأي العام العالمي بالزعم ان المصلين المسلمين يحتجون على وجود سياح وان هؤلاء السياح تعرضوا للرشق بالحجارة.
والسؤال الذي يطرح نفسه ازاء هذا التصعيد الاسرائيلي الذي بتنا نشهد تجلياته يوميا او كل بضعة ايام هو: الا تدرك اسرائيل ومتطرفوها عواقب تجاوز خطوط حمراء في قضية حساسة الى هذا الحد بالنسبة للشعب الفلسطيني بأسره، بل بالنسبة للأمة العربية والإسلامية؟!.
وفي الوقت الذي ترفض فيه الشعوب العربية والاسلامية وتستنكر هذه الممارسات الاسرائيلية وتدينها وتشعر بالغضب إزاء استمرار تكرارها فان السؤال المطروح على الأنظمة العربية هو: ما الذي فعلتموه وما الذي ستفعلونه لحماية الأقصى والحفاظ على الحق العربي والإسلامي؟ واذا كانت ردود فعلكم السابقة تتسم بإصدار بيانات الشجب والاستنكار فما الذي يقف وراء صمت بعض العواصم العربية اليوم ؟ واذا كانت اكثر من دولة عربية قد طرحت سابقا ان استمرار علاقاتها مع اسرائيل وحفاظها على معاهدة السلام معها يستهدف خدمة القضية الفلسطينية ولعب دور في عملية السلام فما الذي ستقوله هذه الدول اليوم واسرائيل ماضية في انتهاكاتها وتمس القضية الأكثر حساسية وهي المقدسات الاسلامية في القدس والاقصى تحديدا؟!.
ما يتعرض له الأقصى اليوم يشكل اختبارا لمصداقية مواقف الدول العربية والاسلامية وهو المحك الحقيقي ، فإما ان تثبت الدول العربية انها أهل لحماية الأقصى والقدس وتتحرك بشكل جاد وفاعل يتجاوز لغة البيانات والاستنكارات المعهودة لتوقف اسرائيل عند حدها، واما ان تعلن عجزها التام. فالمطلوب اليوم موقف عربي - إسلامي موحد وجاد وفاعل وتحرك على كل الساحات الدولية وفي مواجهة اسرائيل حتى يمكن وقف هذا العبث الاسرائيلي بالمقدسات الاسلامية، وحتى يمكن حماية الحق العربي الاسلامي في المدينة المقدسة.