لا يمكن الرجوع إلى الخلف !
جريدة الحياة الجديدة
بقلم يحي رباح
لقاء القاهرة الجديد بين الأخ الرئيس أبو مازن والأخ خالد مشعل، مكرس لتشكيل الحكومة، لتأكيد ملامحها الرئيسية، ذلك أنه خلال ما يزيد عن أسبوعين منذ جرى التوقيع على اتفاق الدوحة، جرى دراسة كل ردود الأفعال، كل المعارضات الجدية والهامشية، كل التحفظات، والاستفسارات سواء من المستوى الوطني، بعض المعارضين في حركة حماس، وبعض المختبئين وراء ما يعتقدون أنه نقص دستوري أو قانوني !!! أو على المستوى الإقليمي وكيف تصرف الذين ينفخون في نار الانقسام يريدون أن تظل متوهجة على حساب المصلحة الوطنية العليا !!! أو على المستوى الدولي الذي مثلته الرباعية الدولية كهيئة مختصة، أو المواقف الإيجابية التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة، وبقية الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، والمجتمع الدولي بوجه عام !!! وأخيرا خلاصات الموقف الإسرائيلي، وهو موقف يعبر عن الشعور بالفاجعة لأن أداة الانقسام أفلتت إلى غير رجعة من اليد الإسرائيلية.
إذاً منذ اتفاق الدوحة، كل ما يمكن أن يقال قد قيل بالفعل، الموقف الإسرائيلي المعادي إلى حد الهستيريا، والموقف الدولي الداعم، والموقف العربي الداعم والمؤكد، وبعض الوخزات الإقليمية عديمة الجدوى، وحتى التكتيكات المحلية من القوى الداخلية الفلسطينية، وبعضها يدخل تحت عنوان الابتزاز، أو المبالغة في الأسعار، أو التشبث ببعض المكاسب، أو البحث عن دور في هذا التحول الكبير !!! كل المواقف انكشفت، واكتملت، وكل ما يمكن أن يقال قد قيل بالفعل، ووسط تقييم عالي المستوى، وقراءة شجاعة لما يجري، جاء هذا اللقاء الجديد في القاهرة لتوليد الجنين الذي اسمه حكومة الوحدة الوطنية، لأن الحكومة هي القاطرة، وإذا لم تتحرك القاطرة إلى الأمام فإن الوضع سيبقى على حاله، أي المراوحة عند نقطة الجمود، والجمود إذا استمر معناه التآكل، وتشجيع العناصر السلبية على الانقضاض على الإنجاز الكبير الذي تحقق منذ الرابع من ايار في العام الماضي، حين تكرس منهج جديد في الساحة الفلسطينية بعد سنوات الانقسام السوداء والمريرة، وهذا منهج التوافق الوطني الذي يشق طريقه إلى الأمام.
كل ما يمكن أن يقال قد قيل فعلا في الأسبوعين الأخيرين منذ اتفاق الدوحة، ابتداء من المزايدات، والتهديدات، وإعلان عناوين الخلاف، إلى الموقف الإسرائيلي المكشوف في عداوته للمصالحة، لأن إسرائيل، وخاصة في ظل هذه الحكومة، كانت قد اعتمدت الانقسام أداة رئيسية لإنهاء القضية الفلسطينية، ولكنها فوجئت إلى حد الصدمة المهينة، بأن أداة التوافق الوطني، وعي وشجاعة التوافق الوطني الفلسطيني، قد أعادت معادلة الوضع الداخلي إلى قواعدها الصحيحة، فلم يعد هناك رهان خارج الشرعنة الفلسطينية !!! ولم يعد هناك منصات لإطلاق حالة التحول السياسي أكثر أمانا من منصة الأخلاق الفلسطينية.
لقد جاء أوان الحكومة، وعلينا توليد هذه الحكومة بأكثر الطرق امناً وسلامة، لأن جميع الأطراف الفلسطينية التي تعتبر نفسها جزءا عضويا من مشروع الإجماع الفلسطيني، مشروع الاستقلال وإقامة الدولة، بحاجة ماسة إلى هذه الحكومة الجديدة، حكومة الوحدة الوطنية، أما الشوائب من هنا أو هناك فهي لا تدخل أصلا في القياس.
أهلا بالحكومة الجديدة ، أهلا بالمشاورات التي بدأت بالفعل لتشكيل الحكومة الجديدة.