التاريخ : الجمعة 29-03-2024

"يونيسيف": النوم في قطاع غزة مثل الرقود في التابوت    |     "الخارجية" تحذر من مخاطر التعايش الدولي مع الرفض الإسرائيلي لقرار وقف إطلاق النار    |     "شؤون المغتربين بالمنظمة" تؤكد أهمية تصعيد وتفعيل الحراك العالمي في "يوم الأرض" تضامنا مع شعبنا    |     "فتح" تدحض مزاعم ما جاء في مواقع الكترونية مشبوهة حول الأسير القائد مروان البرغوثي    |     الاحتلال يعتقل 25 مواطنا من الضفة بينهم طفل وأسرى سابقون    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 32552 والاصابات إلى 74980 منذ بدء العدوان    |     في اليوم الـ174 من العدوان: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال مناطق متفرقة في قطاع غزة    |     السفير دبور يلتقي ممثل منظمة اليونيسف في لبنان    |     أيرلندا تعتزم الإنضمام إلى جنوب إفريقيا في دعوى الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل    |     أبو هولي يرحب: التمويل الألماني للأونروا غير مكتمل طالما يستثني قطاع غزة    |     "الخارجية": إطالة نتنياهو أمد الحرب وتعميق نتائجها الكارثية هروب من استحقاقات حل الصراع    |     هيئة الأسرى: صراخ الأسرى يملأ الممرات في سجن نفحة    |     العدوان متواصل لليوم 173: عشرات الشهداء والجرحى جراء قصف الاحتلال مناطق متفرقة في قطاع غزة    |     ثلاثي مميت ينهش أطفال شمال قطاع غزة    |     أبو ردينة: بعد قرار مجلس الأمن وعزلة إسرائيل حان الوقت لوقف العدوان والاعتراف بالدولة الفلسطينية    |     ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 32414 شهيد و74787 إصابة    |     الخارجية: حرب المستشفيات برهان على مخططات إبادة شعبنا    |     "التربية": 5881 طالبا استُشهدوا و408 مدارس تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    |     21 معتقلا في عيادة سجن "الرملة" يعانون أوضاعا صحية صعبة    |     "الخارجية": الهجوم الإسرائيلي على قرار مجلس الأمن يكشف أهداف نتنياهو غير المعلنة من الحرب    |     الاحتلال يعتقل 30 مواطنا من الضفة    |     شهداء وجرحى بقصف صاروخي ومدفعي في محيط مستشفى الشفاء    |     مجلس الأمن يعقد جلسة مفتوحة بشأن فلسطين اليوم    |     تونس ترحب بتبني مجلس الأمن قرارا يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة
الصحافة الفلسطينية » الانتخابات : استحقاق ديمقراطي وحق شعبي
الانتخابات : استحقاق ديمقراطي وحق شعبي

 

 

الانتخابات : استحقاق ديمقراطي وحق شعبي

جريدة الايام

 

بقلم رجب أبو سرية 6-3-2012

أقل من شهرين تفصلنا عن الموعد الذي حدده اتفاق القاهرة كموعد أقصى لإجراء الانتخابات الرئاسية والعامة معا، لتكون فاصلا بين الانقسام وإعادة الوحدة واللحمة الداخلية، وكل المؤشرات توحي بأنه لم تعد هناك أية فرصة لإجرائها في موعدها، بل وربما لن يعود الحديث عن تأجيل ما لاستكمال الترتيبات الفنية، ولكن لم يعد هناك حديث حول إجرائها أصلا ولا في أي وقت!

بعد توقيع إعلان الدوحة قبل نحو شهر من الآن، تجدد الأمل بوضع حد للانقسام بعد " تجاوز " عقبة تشكيل الحكومة، لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل، حين بدأت أصوات المعارضين للخطوة في "حماس" تعلو، وصولا إلى لقاء القاهرة، حيث طلب خالد مشعل شخصيا وبوضوح من أبو مازن أن يؤجل البحث في التشكيل الحكومي، ما بث مشاعر الإحباط في كل القوى والفصائل التي شاركت في اللقاء، وبالتالي في صفوف كل الفلسطينيين، خاصة القاطنين في الوطن.

في سياق تعزيز حالة "الممانعة الداخلية " في حركة حماس لجهود إنهاء الانقسام، سيقت تبريرات عديدة من قبل بعض قادة الحركة الذين أعلنوا وكشفوا عن معارضتهم تجاوز عقبة تشكيل الحكومة من قبل الرئيس أبو مازن شخصيا، فقالوا إن الخطوة غير دستورية وأنها تتعارض مع القانون الأساسي للسلطة، وكأن كل ما يقومون به ويفعلونه متوافق مع هذا القانون، ليس بدءا من الانقلاب على السلطة والقانون العام، وليس انتهاء بدعم سلطة أمر واقع، لا سند قانونيا ولا تشريعيا لها، إلا القوة العسكرية، ثم قالوا عن شروط لتشكيل الحكومة منها ما هو تعجيزي الهدف منه واضح وهو وضع العراقيل أمام تنفيذ الإعلان، وإبقاءه حبرا على ورق، ثم المطالبة بضمانات لإجراء الانتخابات، وضمان احترام نتائجها، وما إلى ذلك.

تستمر إذاً حركة حماس، التي ربما سعت منذ البداية إلى السير على طريق المصالحة ولكن مع بقاء الانقسام وليس على طريق إنهائه، أو وضع حد له، ويمكن القول في هذا السياق أن الحركة نجحت في جر خصمها السياسي إلى تكتيكها، وبدلا من وضع حد للانقسام كما كانت تطالب حركة فتح ورئيسها، أولا، سارت الأمور باتجاه " التعايش " مع الانقسام، ومع حركة حماس وهي ما زالت تسيطر على غزة بالقوة وكنتيجة للانقلاب بالقوة العسكرية على السلطة، وما زالت اللقاءات تجري طوال أكثر من ثلاث سنوات متواصلة دون أي إنجاز يتطلع إليه الشعب الفلسطيني، ما شجع دعاة الانقسام، في غزة إلى التمترس في خندقه إلى ما شاء الله وعدم التراجع، خاصة مع التقدم على طريق تحقيق المكاسب المالية منه، ومع تشكل " طبقة " باتت تدافع عن الانقسام وعن امتيازاتها، ومن ثم عاد " الأمل يتجدد ويداعب مخيلة " سلطة غزة " من إمكانية أن يتم الاعتراف الإقليمي بها، كسلطة مستقلة، وربما كسلطة فلسطينية وحيدة أو على الأقل شريكا، وفي أسوأ الأحوال، مانعا وكابحا لسلطة الرئيس عباس، على المستويين الداخلي والخارجي، تجبره على " الإذعان " لطموحات "حماس" التي لا تنتهي.

وفي تقدير "مجموعة الممانعة " الداخلية لإنهاء الانقسام، أن الربيع العربي جاء ليعزز من هذا الخيار، بحيث بات الاعتراف بكيان غزة، بدعوى كسر الحصار، على مرمى صندوق انتخابي تم تجاوزه بفوز إخوان مصر، بالانتخابات العامة المصرية، لذا فإنهم يجربون الآن "استكشاف" ما يمكن أن يكون فوز الإخوان في الانتخابات المصرية، قد أحدثه من تغيير تجاه الملف الفلسطيني، والحالة السياسية في غزة، من خلال ابتداع أزمة الوقود، التي أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي، بحيث وضعا الجانب المصري أمام خيارين : إما عقد اتفاق رسمي مع سلطة غزة، وهذا له أبعاد سياسية تتشوق لها "حماس" / غزة منذ 5 سنوات، أو الإبقاء على حالة التهريب الحالية قائمة.

بمعنى آخر أن "حماس" تتبع سياسة النفس الطويل، وهي ليست في عجلة من أمرها لتغيير ما هو قائم، وهي كل مرة تجرب أن تتقدم خطوة إلى الأمام في إستراتيجيتها للسيطرة التامة على الحالة الفلسطينية برمتها، وهي أبعد ما تكون عن ثقافة الشراكة بحكم تكوينها وتركيبتها غير الديمقراطية والتي لم تجرب يوما التحالف السياسي مع أحد، ومحاولاتها التي تهدف إلى " تحرير غزة " حتى من السلطة المعنوية للرئيس عباس، متكررة، منذ محاولة فتح معبر رفح بالقوة، منتصف عام 2007 مرورا بمحاولة توظيف الحرب الإسرائيلية على غزة نهاية 2008 / أول 2009، وليس انتهاء بالمراهنة على الدعم التركي لما يسمى بكسر الحصار، دون الاهتمام بولوج الممر الإجباري لكسر الحصار وهو إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة واللحمة الداخلية، حيث تقدم "حماس" قطاع غزة منذ أن انفردت بالسيطرة عليه منتصف عام 2007، على انه " كيان فلسطيني " مستقل، بل وأحيانا على انه هو عنوان الفلسطينيين، المقاوم والذي يقف في وجه المؤامرات، عنوان العزة والصمود وما إلى ذلك، وحين تطالب "حماس" العالم بالتضامن مع الشعب الفلسطيني فان جملتها الأساسية هي كسر الحصار والأعمار وهي مفردات مقتصرة على غزة، وحين تتحدث عن الضفة والقدس يكون حديثها يشبه حديث الأشقاء العرب أو الأشقاء المسلمين !

ما يهمنا قوله بالخصوص أن أسوأ تبرير للتلكؤ في تنفيذ إعلان الدوحة، والإقلاع بتشكيل حكومة توافق برئاسة رئيس السلطة شخصيا _ ما يذكر بمستدركات مكة _ هو ضرورة وجود ضمانات بأجراء الانتخابات، ليس لأن ذلك يعني رهن الحالة الداخلية بالإرادة الإسرائيلية وحسب، ولكن لأن ذلك يكشف عن عقلية لا تقيم وزنا لكون الانتخابات أصلا هي حق شعبي، للمواطنين الفلسطينيين كافة، وهي استحقاق ديمقراطي، بعد أن انتهى التفويض الذي منحه الناخب للنواب، وهو كأي تفويض تشريعي مشروط بمدته وهي أربع سنوات انتهت يوم الخامس والعشرين من كانون ثاني / يناير 2010، أي منذ نحو خمسة عشر شهرا مضت، وهذا يؤكد أن الديمقراطية والحقوق العامة والخاصة للمواطنين هم الضحية الأولى والأساسية للخلاف بين "فتح" و"حماس"، والدفاع عن هذه الحقوق هو شأن عام وليس مرهونا بخلاف أو اتفاق الحركتين، وهذا يفتح على ضرورة البحث في كل خيارات أطلاق العملية الديمقراطية، باعتماد التمثيل النسبي الكامل، وعدم اشتراط إجرائها في كل مناطق الوطن في نفس الوقت، فإجراء انتخابات في حدود " ولاية الدولة " الضفة وغزة والقدس لم يسقط الهوية الفلسطينية ولا الحق في الجنسية الفلسطينية عن فلسطينيي الخارج والشتات، ونحن نظن انه من باب أولى وليس هناك ما يمنع إلا وجود قوة عسكرية غير ديمقراطية تسيطر على غزة، من إجراء كل الانتخابات الممكنة في غزة إن كان على مستوى البلديات أو النقابات أو لأعضاء المجلس الوطني وحتى إجراء انتخابات التشريعي في غزة، كون غزة حرة ومحررة، أليست غزة محررة من الاحتلال الإسرائيلي ولا تخضع لإرادته ولا للاشتراطات الغربية وما إلى ذلك، نريد دليلا على أن غزة حرة ومحررة، وان من يحكمها هم أهلها ومواطنوها، وان الإخوان المسلمين لا يجرون الانتخابات إلا لمرة واحدة هي تلك التي تصل بهم للحكم، ثم يغلقون الباب أمام انتخابات قد تدفع بهم إلى الوراء أو تسقطهم عن الحكم، أي نريد دليلا فعليا على ديمقراطيتهم !

 

2012-03-06
اطبع ارسل