وانتصرت ايران
جريدة الحياة الجديدة
بقلم حافظ البرغوثي 8-3-2012
لا ولن تشن اسرائيل حرباً على ايران.. هذا الكلام كتبناه منذ سنين.. واقصى ما تعمل عليه اسرائيل هو اختلاق حالة حربية في الخليج يكون الاميركيون ودول الخليج وقودها.. أما هي فإنها تنأى بنفسها عن خوض مثل هذه الحرب.
التردد الاميركي ازاء ايران والتظاهر اليومي من واشنطن بأنها تخشى من أن تعمل اسرائيل منفردة هو محض هراء لأن اسرائيل لن تقدم على خطوة كهذه. فالاميركيون يريدون حلاً دبلوماسياً ليس لحبهم في الدبلوماسية بل لأنهم يعلمون أن احمدي نجاد يرقد على بيضات نووية.. إن لم يكن صنعها بطرده المركزي فلربما حصل على اليورانيوم المخصب من خارج ايران قبل سنوات وليس الآن، وحتى الآن لم يستعد المسرح لاعلان ايران دولة عظمى ذات مخالب نووية لأن واشنطن تسعى عمليا الى تفاهم مع طهران بهذا الشأن. اسرائيل تحجم عن الاعتراف بمخاوفها من كون ا يران تملك بيضاً نووياً فاسداً أي قنابل يورانيوم قذرة محدودة التأثير او طازجاً مدمراً.. فهي كما أسلفت تأمل في حرب بالوكالة عنها تشنها اميركا والاطلسي ويدفع ثمنها الخليج، فلو كانت اميركا على قناعة من أن ايران لا تملك سلاحاً نووياً لانقضت عليها أثناء تواجدها المكثف في العراق. مثلما فعلت مع صدام حسين حيث اختلقت أكاذيب عن حيازته لأسلحة دمار شامل.. وشنت عليه حرباً تقليدية، ولو كان لدى صدام اسلحة غير تقليدية لما شنت عليه الحرب من الأساس. وفي الحالة الايرانية فإن واشنطن مقتنعة بأن لدى ايران سلاحاً نووياً ولهذا تسعى لحل توافقي بموافقة ضمنية من اسرائيل. لأن ايران قادرة على تحمل عشرين قنبلة نووية اسرائيلية لكن اسرائيل ستنهار أمام قنبلة ايرانية واحدة. وبالطبع فإن الحل التوافقي يتضمن اعترافاً اميركياً اسرائيلياً بالنفوذ الايراني في المنطقة العربية.. العراق ودول الخليج ولبنان وسوريا.. أي تقاسم النفوذ في المنطقة العربية.
قبل قمة الدوحة التي سبقت قمة سرت كتبنا أن لاسرائيل مشروعاً توسعياً.. ولدى تركيا مشروع اقتصادي سياسي.. ولدى واشنطن مشروعها الامبريالي المتجدد ولدى ايران مشروعها الذي تنفذه بذكاء خارق وسط صعوبات وعقبات.. لكن اين المشروع العربي؟
هذا الكلام كرره بالمعنى ذاته أمير قطر في افتتاحه للقمة في بلده آنذاك.. وربما يئست قطر من النظام العربي لكي يكون له مشروعه الخاص فعملت على مشروعها بنشر الانتفاضات في الدول العربية لاسقاط النظام العربي الهرم.. وهي بذلك تقلد النظام الايراني اي التقاط اللحظة واستخدامها بذكاء. ولكن السؤال هل يكون النظام العربي الخليجي، ككل، ضحية التوافق الايراني الاميركي؟ ربما إذا لم يغير قوم ما بأنفسهم.