اللقاء الساخن مع الرئيس في الثامن من آذار
جريدة الايام
بقلم ريما كتانة نزال 14-3-2012
على باب الاجتماع حظيت كل واحدة منا بوردة حمراء بمناسبة الثامن من آذار، وفي لحظة الخروج كانت حرارة الأحمر تنبض في العروق من ساخن الكلام الذي سمعناه من سيادة الرئيس.
حديث الرئيس تميز بالصراحة والوضوح، لم يبذل كبير عناء لمحاولة تورية ملاحظاته أو تغليفها بورق "السوليفان"، ولم يعرِّض نقاطه المثارة لاحتمال الالتباس..لقد ساءل الرئيس ممثلات الحركة النسائية، وجلّهن من الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، عن دورهن الغائب في المشاركة المنتظمة في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال.. متسائلا عن الجهد التمهيدي المبذول على صعيد التحضير للانتخابات القادمة.. وعن تنظيم الصلة مع القاعدة النسائية وعن التواصل الميداني، مع مختلف شرائح المرأة وفي مركزهن ربات البيوت، المهمل وذي المساحة الواسعة على مسطح الخارطة النسائية..
لقد ألقى الرئيس بالقفاز على المائدة النسوية، منتقدا موسمية تنظيم التحركات الجماهيرية واقتصارها على المناسبات.. مضيفا أن لا أحد يمكنه منح المكاسب دون مقابل الجهد والدور القاعدي الفاعل وبما يعيد أمجاد الحركة النسائية وجماهيرها الغائبة.
موقف الرئيس لم يكن لسلبية مبيَّتة لديه تجاه قضية المرأة من حيث المبدأ، وليس لرغبة لديه في تحجيم دورها في المستوى القيادي، والدليل على ذلك تجاوبه وتفهمه لبعض المطالب التي تم بحثها من قبل المشاركات مبديا تجاوبه المبدئي معها. كإصدار مرسوم بقانون يقضي برفع سن الزواج الى ثماني عشرة سنة، أو تجاوبه مع مطلب فرض الرسوم أو رفعه على شهادات الولادة والزواج والطلاق لصالح تغذية صندوق النفقة، بسبب معاناته من شحّ موارده وزيادة أعبائه.
لقد تعمد الرئيس أن يثير اشكالية جماهيرية الحركة النسائية بشكل بدا استفزازيا - على نحو ما - بقصد دق ناقوس الخطر، وحرصا على اهمية الإسراع في معالجة الفجوة القائمة في التواصل مع القاعدة وفي طوابق المبنى النسائي، حرصا منه على تاريخ ودور الحركة النسائية الأصيل قبل فوات الأوان، وخشية من تحولها الى أزمة مزمنة الأمر الذي يعيق عملية إصلاحها ويعقِّد علاجها.. وتنبيها لمن مازال غائبا عنها المخاطر المحدقة بالمرأة وبموقعها، في ظل استمرار أزمة تراجع أو مراوحة أطرها وبرنامجها وشكلية الموقع التمثيلي لقيادتها..
لا أحد يختلف مع ملاحظات الرئيس، فالعين ينبغي تثبيتها على هدف الخروج من عنق الزجاجة؛ واستعادة زخم مشاركة المرأة الى ساحة العمل الوطني، وانضوائها تحت رايات البرنامج النسائي التحرري بأبعاده الاجتماعية والوطنية. لكن ما استعصى وصعب هضمه في اللقاء، تمثل في حصر مظاهر التراجع وصِفات النخبوية على الحال النسائية، وعدم ربطها بمظاهر التراجع العام في الاحزاب وباقي القطاعات، في مرحلة وطنية تتسم بالجزر ولا تتسم بالمدّ، دون أن أقلل من حجم وانعكاس العوامل الذاتية، مع ملاحظة أن التراجع يظهر أكثر على قطاع المرأة نظرا لخصوصيته ولدوره النشط سابقا مقارنة بالحالي.
في اللقاء وُضعت الكرة في شباك المرأة، وهو ما ينبغي التقاطه والتعجيل بمعالجته بكل الوسائل حتى لو كلّف إعمال المبضع الجراحي لمعالجة الثغرات الذاتية، والدواء في العودة الى ميدان العمل الوطني، فهو البوابة التي اندفعت من خلالها طاقات المرأة ونظمتها. فالميدان كفيل بحلّ مشكلات أطرها ذات الطبيعة البنيوية، وسيعالج مشاكل الانتشار والتوسع الافقي والعامودي. كما سيمهد الميدان للمطالبة بالمكاسب الاجتماعية، فمن يستطيع أن يقول لا لمن يؤكد ويحوز على شرعيته الشعبية بواسطة الجماهير وبالنضال.. ومن يرفض الاستجابة لمطالب من يقف وينتظم خلفه الأغلبية لدى مطالبتها بالمكتسبات والحقوق..!
نصف الحل في ملعب المرأة، والنصف الآخر يقع بالتوازي على عاتق الحركات السياسية في حل معضلتها الجماهيرية وعودتها الى الميادين..وسنجدها في المسؤولية الرسمية عن وضع السياسات والتدخلات والاجراءات العامة نحو التغيير الاجتماعي التي تنطلق من الرؤية لطبيعة النظام الديمقراطي الفلسطيني، بالتوجه نحو نشر وتعميم الثقافة الديمقراطية ومراكزها وركائزها في المجتمع. فقد كانت حال أطر المرأة وتفاعلها افضل، عندما كانت ثقافة المجتمع ديمقراطية وتعددية، وعندما كانت المنابر الثقافية تقوم بدورها بخلق مناخات أفضل.