رحلة الزهار
جريدة الحياة الجديدة
بقلم حافظ البرغوثي 19-3-2012
خرج محمود الزهار من غزة إبان العدوان الأخير لاقناع مصر ببذل المزيد من الجهد لوقف الاعتداء الاسرائيلي.. ثم توجه الى ايران في نطاق المهمة ذاتها. فالوضع في غزة أفلت من يد حركة حماس لأن قادة ميدانيين في الجهاد أفلتوا ايضاً من قبضة قيادتهم الخارجية ومدوا خطوطا تسليحية ومالية مع طهران مثلما خرجت حماس من قبضة خالد مشعل وفتحت خطوطا تمويلية وتسليحية مباشرة مع ايران متجاوزة خازن بيت المال التقليدي خالد مشعل. فحركة الجهاد اساسا تنظيم مقاتل لا يمارس السياسة التقليدية.. وهو متمسك بشعاره منذ انطلاقته وسبق حركة حماس في العمل العسكري وكانت عمليات الجهاد في غزة احد المحفزات الاساس لاندلاع الانتفاضة الاولى. وحاولت حركة حماس في اطار مساعيها لاحكام سيطرتها على غزة ملاحقة عناصر الجهاد واعتقالهم ومهاجمة مساجدهم لكنها لم تفلح في قمع هذا التنظيم العسكري ثم عرضت الاندماج الكلي إلا أن مساعيها قوبلت بحذر وفي جولة القتال الأخيرة كان للجهاد النصيب الأكبر من الشهداء والصواريخ الصادرة او الواردة وتمكن مقاتلو الجهاد من استيعاب عناصر القسام الرافضين لنهج التهدئة مثلما استوعبت حماس مقاتلين وقادة من فتح في السابق بل استخدمت الجهاد عربات صواريخ من القسام في جولة القتال الأخيرة. وفي صلب زيارة الزهار لطهران تهدئة الجهاد عن طريق المسلح والممول الايراني الذي كان ذات يوم الممول والمسلح لحماس في مواجهة فتح. فالابطال تبادلوا الادوار.. لكن الزهار يريد الابقاء على خيوطه مع طهران وازالة آثار خطابات منافسه اسماعيل هنية الذي قلب ظهر المجن لطهران بعد زيارته الأخيرة واطلق تصريحات معارضة للحليف السوري. فيما ان خالد مشعل مارس سياسة حذرة بدبلوماسية زئبقية ولم يندفع ضد ايران او ضد دمشق. لكن الزهار أراد لعب الورقة الايرانية بالكامل وظل على موقفه سواء من سوريا او ايران. فنحن الآن امام تيارات ثلاثة في حماس الاول تيار مشعل الذي انغمس في اللعب السياسي مع الكبار اي مع دول كقطر وتركيا والاردن ومصر والسلطة الوطنية في الطريق نحو واشنطن. فيما حاول هنية مجاراته بجولاته الخارجية لكنه فشل في عرض نفسه كزعيم لحماس.. بل كخطيب مسجد كما يصفه الزهار نفسه. أما الزهار فهو يتزعم التيار المتشدد في حماس ويطرح نفسه بديلا قياديا لمشعل وهنية.
إذاً على هامش القتال الدامي في غزة يبرز الصراع بين حماس والجهاد.. وبين جهاد الداخل وجهاد الخارج وبين تيارات حماس نفسها ولن يحسم هذا كله قريبا وبالتالي تبقى غزة مرشحة لتكون فريسة الاستفراد الاسرائيلي في غياب توافق داخلي- داخلي في غزة وفي غياب توافق فلسطيني أوسع.