ساحة هناء، "طائر الشمس".. وإمام الحب!
جريدة الايام
بقلم حسن البطل 22-3-2012
لساعات يوم، أو أكثر، ارتدت لافتة "ساحة الجمهورية" في باريس غلالة فلسطينية: ساحة هناء شلبي. عملها الهمام خالد جرار تحت أنظار المارة الصاعدين والنازلين الى محطة "الميترو". الوقت كاف لتوثيق الفعلة، مع ضحكته العريضة والفاترة، على أشرطة الفيديو، وتعليقات المارة.
الوقت هو الوقت، والتاريخ هو التاريخ، واختار خالد توقيتاً عالمياً: عشية يوم الأم، ونموذجاً فردياً إنسانياً هو إضراب هناء عن الطعام احتجاجاً على حكم اعتقال إداري. هذه تثنية على حملة تضامن وطنية-عالمية انتهت بالنجاح، بعد أطول إضراب عن الطعام خاضه خضر عدنان.
تعلم الفلسطينيون من أنفسهم، ومن عدوهم أيضاً، أن قصة الأسير الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت لها قصص فلسطينية فردية موازية. من يتذكر الطفلة العارية الصارخة من الحريق في "مي لاي" الفيتنامية يعرف أن للمذبحة هناك صورة طفلة صارت عنوان حملة ضد فظاعات الحرب الفيتنامية.
كان الأسرى الفلسطينيون قد أضربوا مراراً عن الطعام، أو ما يسميه الفلسطينيون "معركة الأمعاء الخاوية". لم يمت أحد منهم، كما مات عشرة من مناضلي الجيش الجمهوري البريطاني، وأولهم بوبي ساندس. غير أن الموت هدد حياة عدنان وشلبي فصار لقضية الاسير، وبخاصة للموقوف في حكم إداري، نموذج شخصي إنساني، وفي النتيجة كانت أوسع حملة وطنية-عالمية للتضامن مع الأسرى والمعتقلين.
فعلة الفلسطيني خالد جرار في ساحة الجمهورية سبقتها حملة أخرى أطلقها في أوروبا، وهي حملة "الطابع الفلسطيني" الذي يحمل صورة "طائر الشمس" الفلسطيني. هكذا هو اسمه العلمي في أجناس الطيور، حاولت إسرائيل "عبرنته" كما تعبرن أسماء المكان الفلسطيني، وينابيع الأرض أيضاً.. لكن دون نجاح.
يحب الفلسطينيون اسطورة الطائر الأخضر والعنقاء التي تنهض من الرماد، لكن "طائر الشمس" ليس اسطورة. إنه يمتص غذاءه من رحيق بعض الأزهار كما تفعل الفراشات والنحل، لكنه طير خفيف الوزن، ذو منقار دقيق، وريش ملون وجميل، وثمة طيور كهذه، لكنها ليست مثله. إنه يطير للأمام وللخلف، وأيضاً يقف بثبات الحوامات.
المعركة مع اسرائيل على جهة الرموز والروايات يتسع نطاقها الى الجماليات مثل "طائر الشمس" والى الرموز السياسية مثل ختم جوازات السفر باسم "دولة فلسطين".. والى لافتات في ساحات فلسطين وشوارعها، وعواصم العالم، تحدد المسافة الى مدينة القدس.
صار خضر عدنان رمزاً ناجحاً، واقتدت به هناء شلبي، وأم الأسير خضر وأم الأسيرة هناء صارتا رمزاً للمرأة-الأم الفلسطينية.
لدينا "إمام الحب"
أئمة الإسلام أربعة كما نعرف.. البعض يقول: هذا محافظ وذاك تقليدي، وغيره مجتهد.. أو إصلاحي تنويري. فلسطين الصغيرة-الكبيرة مسقط رأس أحد هؤلاء الأئمة، وهو الإمام الفلسطيني-الغزي الشافعي، المعتبر في الفقه أكثر تحرراً وسماحة "وليبرالية" من الأئمة الثلاثة.
في زمن الفتاوى المتزمتة، والموجة السلفية العكرة قد يفيد القول أن الإمام الشافعي كتب شعراً في الحب والغزل.
الصديق زكريا محمد "بحبش" في مأثورات الإمام وشعره، ومن ذلك ما رواه الربيع بن سليمان، حيث كان يوماً في حضرة الإمام، فجاءه أعرابي وبيده رقعة، مهرها الإمام بخط يده ببيت شعر يرد على بيت شعر من الأعرابي، الذي سأل الإمام الشافعي: "سل المفتي المكي هل في تزاور/وضمة مشتاق الفؤاد جناح"
جواب الإمام:
"أقول معاذ الله أن يُذهب التقى/تلاصق أكباد بهن جراح"
بعض المتزمتين يحرمون "عيد فالانتاين" فما قولهم بما يقول الإمام الشافعي عن الغزل العفيف. قيل لي أن معظم الفلسطينيين هم شوافعة!
شو يعني ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب.. والقرضاوي؟