سلام أمام مجلس الأمن: إقامة المستوطنات عقبة خطرة في وجه التوصل الى سلام
نيويورك 19-1-2011
اعلن مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام ان "عدم تصدي مجلس الامن للمخاطر الجسيمة التي يمثلها الاستيطان الاسرائيلي، امر ينال من صدقيته ويقود الى التشكيك في فاعليته، كما يؤثر على صورته اذ يبدو انه يكيل بمكيالين، يواجه دولا ويتغاضى عن اخرى وكأن هذه فوق القانون وبمنأى عن المساءلة"، مؤكداً ان "إقامة المستوطنات على الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ 1967، ليس لها مستند قانوني وتشكل عقبة خطرة في وجه التوصل الى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الاوسط".
وقال سلام في كلمة لبنان امام مجلس الامن: "تنص الفقرة السادسة من المادة 49 من معاهدة جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب على انه "لا يجوز لدولة الاحتلال ان ترحل او تنقل جزءا من سكانها المدنيين الى الاراضي التي تحتلها". وتعتبر اللجنة الدولية للصليب الاحمر في الشرح المعتمد الذي وضعته لأحكام هذه الاتفاقية، ان الغاية من وضع الفقرة المذكورة هو "الحؤول دون تكرار اعمال بعض الدول خلال الحرب العالمية الثانية التي نقلت جزءا من شعبها الى الاراضي التي احتلتها لاسباب سياسية وعرقية بهدف استعمارها". هذا شرح فيه من الوضوح ما يغني عن اي تعليق. وجاء نظام روما الاساسي للعام 1998 للمحكمة الجنائية الدولية في البند (ب) من الفقرة الثانية من المادة الثامنة، ليصنف من ضمن جرائم الحرب: "قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر او غير مباشر، بنقل اجزاء من سكانها المدنيين الى الارض التي تحتلها (...)". اما مجلس الامن فبعدما اعاد في قراره رقم 446 لعام 1979 التأكيد على ان اتفاقية جنيف الرابعة هذه "تنطبق على الاراضي العربية التي تحتلها اسرائيل منذ 1967"، اعتبر في الفقرة العاملة الاولى منه، ان "سياسة اسرائيل وممارساتها بإقامة المستوطنات على الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ 1967، ليس لها مستند قانوني وتشكل عقبة خطرة في وجه التوصل الى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الاوسط". نعم هذا ما ادركه هذا المجلس وقرره منذ اكثر من 30 سنة! وهو ايضا ما عاد وذكر به في قرارات عديدة منها 447 و452 و465 و476 و478 بشأن اعمال الاستيطان".
اضاف: "كذلك فإن الجمعية العامة للامم المتحدة، وفي العشرات من قراراتها وآخرها القرار 104/65، تكرر التأكيد على أن أعمال الاستيطان في الاراضي العربية المحتلة عام 1967 "غير شرعية" وتشكل "عائقا امام السلام" وتدعو الى وقفها "الشامل والفوري". ومن جهتها فإن محكمة العدل الدولية، قد جزمت في الفقرة 120 من رأيها الاستشاري للعام 2004 في مسألة "الجدار" بالقول: "إن المحكمة تخلص الى ان المستوطنات في الارض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، قد أُنشئت خلافا للقانون الدولي". وتقتضي الإشارة إلى ان "خريطة الطريق" التي وضعتها الرباعية الدولية وتبناها مجلس الامن في قراره 1515 للعام 2003، تلزم اسرائيل "بتجميد جميع الانشطة الاستيطانية (بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات)" كما تلزمها "على الفور بازالة البؤر الاستيطانية التي أنشئت منذ آذار 2001".
واشار الى أن "البيان الختامي لمؤتمر انابوليس في العام 2007 أتى ليؤكد التزام الافرقاء "استمرار تنفيذ التزاماتهم المتبادلة بموجب خريطة الطريق حتى التوصل الى معاهدة سلام"، اي بما فيه التزام اسرائيل "تجميد جميع الانشطة الاستيطانية". وقد قام مجلس الامن بتبني مضمون هذا البيان الختامي في قراره رقم 1850 لعام 2008". وتستمر الرباعية الدولية في بياناتها بالدعوة الى تنفيذ بنود خريطة الطريق بما فيها وقف الاستيطان، وآخر هذه البيانات هو ذلك الصادر بتاريخ 21 ايلول من العام الماضي".
واوضح ان "هذه هي اذن احكام القانون الدولي بشأن الاستيطان. وهذه هي قرارات الجمعية العامة ومجلس الامن ورأي محكمة العدل الدولية ومواقف الرباعية الدولية بشأن اعمال الاستيطان الاسرائيلية. وهذه هي نفسها الاحكام والمواقف التي ما انفكت اسرائيل تتجاهلها وتتحداها. وواقع الامر ان الاستيطان سياسة اسرائيلية ثابتة ومتواصلة منذ 1967 حتى يومنا هذا، لا ردعتها الشرعية الدولية ولا أوقفتها مساعي السلام. وعلى سبيل المثال، فإن عدد المستوطنين اليوم بات يزيد على 517 الف مستوطن في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وهذا اكثر من ضعفي ما كان عليه عددهم عشية اتفاق اوسلو في العام 1993. ومن الملفت ايضا ان عدد المستوطنين اخذ يرتفع منذ 1990 بمعدل 4،9% سنويا، اي اكثر من ثلاثة اضعاف معدل نمو المجتمع الاسرائيلي الذي هو 1،5%".
ولفت الى انه "منذ امتناع الحكومة الاسرائيلية في ايلول الماضي عن تجديد تجميد الاستيطان، الذي لم يكن سوى تجميد جزئي اصلا، فان الاستيطان لم يعد الى سابق عهده بل تضاعف الى حد قدر البعض انه في الاسابيع الستة الاولى وحدها التي أعقبت هذا التاريخ تم التعويض عن كل الانشطة التي توقفت خلال الاشهر العشر السابقة. ولعل آخر مستجدات مسلسل التحدي الاستيطاني، اعلان اسرائيل في 16 من الشهر الجاري عن 1400 وحدة سكنية جديدة".
وشدد على ان "سياسة الاستيطان الاسرائيلية لا تشكل تحدياً لارادة المجتمع الدولي وانتهاكا لأحكام القانون الدولي فحسب، بل ان خطورتها تكمن في انها، بقضمها الارض الفلسطينية وتقطيع اوصالها، اخذت تقوض اساس التسوية القائمة على مبدأ الدولتين.
وقال: "مع تقديرنا لكل الجهود الدولية المبذولة من اجل تسوية الصراع العربي ـ الاسرائيلي لا سيما جهود ادارة الرئيس (باراك) اوباما، فإن عدم تصدي مجلس الامن اليوم للمخاطر الجسيمة التي يمثلها الاستيطان الاسرائيلي، امر ينال من صدقيته ويقود الى التشكيك في فاعليته، كما يؤثر على صورته، اذ يبدو انه يكيل بمكيالين، يواجه دولا ويتغاضى عن اخرى وكأن هذه فوق القانون وبمنأى عن المساءلة. من هنا قمنا بالامس بتقديم مشروع القرار حول الاستيطان الاسرائيلي رسميا وبوضعه بالحبر الازرق امام هذا المجلس، ونحن نعتز بهذا العدد غير المسبوق من الدول التي التزمت رعايته وعددها يتجاوز 120 دولة، ونعرب لها عن تقديرنا الخاص. ولأن هدف هذا المشروع هو ان يقوم المجلس بدوره المطلوب وان ينتصر للحق، فاننا نأمل ان يحظى هذا المشروع باجماع اعضاء المجلس قريبا".
وختم: "كما سبق لهذا المجلس ان تكلم بصوت واحد واعتمد القرارات المفصلية 242 و338 و252 و446 و1397 و1515 و1850، نأمل بالنسبة الى الاستيطان الاسرائيلي ان يتكلم بصوت واحد ويقول كلمة واحدة: كفى". .