الأقصى.. مسؤولية عربية - إسلامية أولا
جريدة القدس
7-10-2012
حديث القدس
تصعيد العدوان المتواصل على المسجد الأقصى وعدد من الأماكن المقدسة، الاسلامية والمسيحية في القدس يشكل تطورا خطيرا بات ينذر بتفجر الاوضاع في الوقت الذي راكمت فيه الحكومة الاسرائيلية بمواقفها وممارساتها الكثير من عوامل التوتر بعد ان سدت الطريق امام ما كان يسمى "عملية السلام" وعللت نهج الاحتلال والاستيطان ومزيد من الضغط والقيود والاجراءات ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتتحمل الحكومة الاسرائيلية المسؤولية الكاملة ازاء عددا من متطرفيها ومحاولاتهم المتكررة لانتهاك حرمة الاقصى وغيره من الاماكن المقدسة بهدف تغيير الواقع القائم بما يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ويعمق الهوة القائمة ويضع المزيد من العقبات امام جهود السلام ليعيد المنطقة مجددا الى اجواء التوتر والعنف، خاصة وان اسرائيل ومتطرفيها بهذه المواقف والممارسات يتجاهلون تماما ان المقدسات خط احمر لا يمكن لأي فلسطيني او عربي او مسلم ان يسلم باستمرار انتهاك حرمتها وتعريضها للخطر، وهو ما يلقي مجددا بظلال قاتمة من الشك حول حقيقة نوايا اسرائيل ومتطرفيها الذين توفر لهم الحماية والرعاية في مواصلة انتهاكاتهم السافرة.
ازاء هذا الوضع الخطير، فان المسجد الاقصى والمقدسات المسيحية والاسلامية في القدس ليست فقط مسؤولية فلسطينية وانما هي مس»ؤولية عربية - اسلامية اولا عدا عن المسؤولية الدولية بهذا الشأن. كما ان من الواضح ان بيانات الشجب والادانة الصادرة في بعض الاقطار العربية والاسلامية لم تردع اسرائيل ومتطرفيها عن مواصلة تنفيذ مخططاتهم المعلنة الهادفة الى تهويد المدينة المقدسة وحسم الصراع فيها من جانب واحد بعد ان كانت القدس على امتداد تاريخها رمزا للتسامح ورمزا للسلام.
ان ما يجب ان يقال هنا في الوقت الذي اعلنت فيه الجامعة العربية امس، دعمها لجهود الرئيس عباس لعقد اجتماع لمنظمة التعاون الاسلامي لبحث التداعيات الخطيرة الراهنة، ان مستوى التحديات وجسامها التي تواجه المدينة المقدسة بانت بحاجة الى رد عربي - اسلامي موحد جاد وحازم ينقل رسالة واضحة لاسرائيل ومتطرفيها، وايضا للمجتمع الدولي ان العالم العربي والاسلامي لا يمكن ان يبقى صامتا ازاء هذا العدوان الاسرائيلي وان على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والزام اسرائيل بالامتثال للشرعية الدولية والتوقف عن عدوانها السافر الذي يمس مشاعر كل عربي ومسلم تماما كما يمس مشاعر المسيحيين الذين تتعرض اماكنهم المقدسة لاعتداءات على ايدي جماعات يهودية متطرفة.
لقد حان الوقت كي تلتفت الدول العربية والاسلامية الى المدينة المقدسة ومقدساتها وما يحاك وينفذ ضدها. وضمن هذا الاطار فان لدى الدول العربية والاسلامية خاصة تلك التي تربطها علاقات سلام او علاقات على مستويات مختلفة مع اسراذيل الكثير من الاوراق الضاغطة التي لم تستخدم حتى الآن في مواجهة هذا التحدي الاسراذيلي السافر.
ممارسات اسرائيل ومتطرفيها التي تستهدف القدس ومقدساتها تتناقض تماما مع روح اتفاقية السلام الاردنية - الاسراذيلية ومع روح معاهدة السلام المصرية - الاسراذيلية ومع اي شكل من العلاقات تقيمه اسرائيل مع اية دولة اسلامية مثل تركيا او غيرها، فلماذا لا تتوظف هذه الاوراق لخدمة عروبة القدس والحفاظ على مقدساتها الاسلامية والمسيحية.
القدس بانتظار موقف جاد عربي - اسلامي وليس بانتظار مزيد من بيانات الادانة او القرارات التي لا تنفذ، وهي مسؤولية الزعماء العرب وقادة العالم الاسلامي قبل غيرهم على الساحة الدولية التي يجب ان نطالبها بموقف جاد وحازم ايضا.