شبكة الأمان العربية بين الوعود والتنفيذ
حديث القدس
جريدة القدس 2-1-2013
كان من المتوقع بعد أن تقدمت السلطة الفلسطينة بطلب للأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين دولة مراقبة غير عضو في المنظمة الدولية، ثم حصولها على هذا الرفع لمستوى تمثيل فلسطين الدولي، أن تقابل اسرائيل هذه الخطوة بإجراءات عقابية. وكانت الحكومة الاسرائيلية قد هددت بعقوبات من هذا القبيل قبل تقدم السلطة الفلسطينية بهذا الطلب للأمم المتحدة.
وظلت عائدات الضرائب التي تجبيها اسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية على الواردات الخارجية إلى الأراضي الفلسطينية الورقة التي تستغلها اسرائيل، بمناسبة وغير مناسبة، للضغط على الجانب الفلسطيني من أجل ابتزاز مواقف سياسية، أن كعقوبة على خطوات تقوم بها السلطة ولا ترضى عنها اسرائيل. وعقب قبول فلسطيندولة غير عضو في الأمم المتحدة كا حجز أموال الضرائب هذه أول خطوة عمدت إليها الحكومة الاسرائيلية كعقاب مالي للسلطة، مع أن هذه هي أموال فلسطينية والسطو عليها أو سرقتها مخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية، أما كونه يحدث في الظروف الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون من الناحية الاقتصادية والمالية، فربما يرتفع إلى حد كونه جريمة ضد الإنسانية لما يترتب عليه من تعريض ملايين الفلسطينيين للحرمان من متطلبات الحياة الأساسية من غذاء وكساء ورعاية صحية واجتماعية وخدمات تعليمية.
وقد عرضت السلطة الفلسطينية على الدول العربية الشقيقة المخاطر التي تتهددها إذا مضت قدما في مبادرتها أمام الأمم المتحدة، وخصوصا ما يتعلق برد فعل اسرائيل والولايات المتحدة من حيث إمكانية الضغط على الفلسطينيين ماليا، وربما عرقلة المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة، فضل عن حجز أموال الضرائب الفلسطينية. ولا نشير هنا إلى تكثيف النشاط الاستيطاني الاسرائيلي في الضفة الغربية- وخصوصا في القدس- بشكل غير مسبوق، فهذا أمر معروف، وقد أدانه المجتمع الدولي بأسره.
وكان الأشقاء العرب واضحين في تجاوبهم مع الموقف الفلسطيني، واستعدادهم لمساندة المبادرة الفلسطينية في المنظمة الدولية وتغطية المخاطر المالية التي ستترتب عن هذه المبادرة. وقدم الأشقاء العرب وعودا بتوفير شبكة أمان للفلسطينيين بقيمة مائة مليوون دولار شهريا، لمواجهة الصعوبات التي ستنشأ عن تنفيذ اسرائيل لتهديداتها. ومع أن التنفيذ كان يفترض أن يبدأ فور إعلان الحكومة الاسرائيلية عن حجز أموال الضرائب الفلسطينية، فلم يظهر بعد أي مؤشر على أن الوعود قد نفذت حتى الآن، وبعد مرور شهر وأكثر على اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، بالمواصفات التي حددها الطلب المقدم للهيئة الدولية من جانب السلطة افلسطينية.
ولا نريد أن نستبق الأحداث أو نتحدث بلهجة تشاؤمية عن هذه الوعود، استنادا إلى وعود سابقة ظلت حبرا على ورق، لكن ما يعانيه العاملون في القطاع العام الفلسطيني وفي أجهزة السلطة الفلسطينية يتقاضون نصف راتب .وهذا ليس سرا وإنما يطلع عليه الجميع من خلال وسائل الإعلام المحلية والدولية. والمفروض أن الأشقاء العرب قد اطلعوا عليه أيضا. وهذا بحد ذاته فيه ما هو أكثر من دافع لإدخال الوعود والتعهدات العربية حيز التنفيذ، ودونما تمهل أو إبطاء.