زيارة نتنياهو التضليلية
جريدة الايام 3-1-2013
بقلم حمادة فراعنة
مقارنة بإمكانات شعبنا العربي الفلسطيني المتواضعة، وقدرات منظمة التحرير وسلطتها الوطنية الضعيفة، فإن إسرائيل دولة قوية عسكرياً وأمنياً وتكنولوجياً واستخبارياً، ودولة نافذة سياسياً، ودولة اقتصادية منتجة، ومع ذلك فهي محشورة في الزاوية ومرتبكة، ومشروعها الاستعماري التوسعي، وصل إلى طريق مسدود، وهي غير قادرة على وقف تغيير قناعات المجتمع الدولي الذي بدأ ينفد صبره منها ونحوها.
نتنياهو، محشور سياسياً أمام الأميركيين والأوروبيين، وغير قادر على تقديم إجابات أمام الناخبين الإسرائيليين. وتعارض رغبات الأغلبية الإسرائيلية ذات النهج العنصري التوسعي مع تكتيكات نتنياهو التضليلية لإظهار موقفه المتوازن، يجعله متناقضاً بين ما يقوله للأميركيين والأوروبيين، وما يفعله على الأرض من إجراءات تدميرية للبنية الفلسطينية وجغرافيتها وتشتت وجودها الإنساني وجعل أرض فلسطين طاردة لشعبها بالإفقار والتمييز والتخريب والتضييق على الناس بمنع فرص الحياة ومقوماتها عنهم .
نتنياهو زار عمان سراً، وتم استقباله، على أمل أن لديه شيئاً يمكن أن يُقال أو يُسمع أو أن يكون مفيداً، فجاء حاملاً مشروع الفدرالية، متوهماً أن عمان لديها أطماع في فلسطين، أو لديها رهان على حل مشاكلها عبر تل أبيب، وجاء مقدماً دعوة لممارسة نفوذه في واشنطن عبر الكونغرس وغيره لتغطية احتياجات الأردن وحمايته من "ثورة الربيع العربي" وعدم المساس بأمن الأردن من قبل الأميركيين عبر الإخوان المسلمين المتفاهمين مع واشنطن.
نتنياهو في زيارته عمان سعى لتحقيق ثلاثة أغراض:
أولاً ـ رغب في توجيه رسالة إغراء مصحوبة بالتهديد والضغط على الأردن.
ثانياً ـ لديه مشروع للعمل على "خربطة" الأوراق السياسية، وتعديل الاهتمامات الفلسطينية، وإغراق منظمة التحرير بقضايا جانبية بعيداً عن برنامجها المركزي، بعد الانتصار السياسي والدبلوماسي والمعنوي الذي حققته منظمة التحرير في الجمعية العامة للأمم المتحدة وإقرار مكانة فلسطين "دولة مراقب".
ثالثاً ـ توجيه رسالة للرئيس أبو مازن.. رسالة تحذير وتخويف ورسالة ضغط مفادها أن هناك البديل عنك وعن منظمة التحرير إذا واصلت برنامجك المعادي لسياسة إسرائيل.
نتنياهو عبر رسائله التحذيرية، رسائل الضغط، ومحاولات تغيير الأولويات وتعديلها لم يجد الاستجابة ولا الرضا ولا القبول لدى الأردن، لأن محاولات الإغراء لعمان، ثمنها ضياع فلسطين على حساب الأردن، بجعله وطناً بديلاً للفلسطينيين عن وطنهم الذي لا وطن لهم سواه، وسيبقون كما قال شاعر فلسطين الراحل توفيق زياد "على صدركم باقون ما بقي الزعتر والزيتون" وكل محاولات التهرب من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، في المساواة في مناطق العام 1948، والاستقلال في مناطق العام 1967، وحق العودة للاجئين إلى المدن والقرى التي طردوا منها واستعادة ممتلكاتهم المصادرة على أرضها، كل هذه المحاولات لن تجدي نفعاً ولن توفر لنتنياهو وحزبه وتياره وكافة المستوطنين، ولن توفر لهم مهرباً من الاستحقاق الوحيد أمامهم وهو رحيلهم عن فلسطين وتركها لأهلها وشعبها مهما بدت إسرائيل قوية واستفزازية ومتطرفة.