السفير أشرف دبـور للـ "القـدس": القادة اللبنانيون مـرتاحـون للأداء السياسي للقيـادة الفلسطينية
بيروت 18-1-2013
خاص/ مجلة القدس
لا شكَّ أن الفلسطينيين في لبنان يعانون أوضاعاً صعبةً نتيجة حرمانهم من معظم حقوقهم المدنية والاجتماعية، في ظلِّ معايشتهم لواقع اللجوء والحرمان من الوطن بسبب الاحتلال. حول كيفية تعاطي السفارة الفلسطينية في لبنان مع هذه القضايا، ومدى متانة علاقاتها مع لبنان على الصعيد الرسمي وعلى صعيد القوى والأحزاب من جهة، ومع الفصائل الفلسطينية في لبنان من جهة أخرى، كان لنا هذا اللقاء مع سعادة سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور للوقوف معه على هذه القضايا.
الشعب الفلسطيني في لبنان يعيش ظروفاً مأساويةً معيشيةً صعبةً، كيف تتعاطون مع هذه القضايا المعقَّدة؟
إنَّ الوجود الفلسطيني القسري المؤقت ناتج عن الاحتلال الإسرائيلي لوطننا فلسطين واقتلاع وتهجير شعبنا من مدنه وقراه إلى الدول العربية المجاورة وتحميلها تبعات هذا اللجوء إنسانياً.
وقد احتضن لبنان جزءاً من إخوانه الفلسطينيين في مخيمات اللجوء التي تعاني ظروفاً مأساويةً وحياتيةً صعبةً نتيجة حرمان الفلسطيني من حقِّه في العمل والعيش الكريم، وهذا بسبب القوانين والتشريعات اللبنانية، رغم أنَّ لبنان هو من أوائل الدول العربية التي وقَّعت واعتمدت المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومجمل الشرائع الدولية الأخرى، إضافةً إلى أن ما اتفق عليه الأخوة العرب جميعاً هو معاملة الفلسطينيين معاملة إنسانية.كذلك فالدول العربية وفي كافة مؤتمراتها أكَّدت المحافظة على الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني وحقه في العمل والسكن والعيش الكريم أسوة بمواطني الدول العربية المضيفة. ولكن الواقع الأليم في لبنان منع الفلسطيني من ممارسة تلك الحقوق بعد صدور القرار الوزاري اللبناني رقم 147/2002 الذي حصر حق ممارسة مهن معينة باللبنانيين فقط، إلى جانب إقرار مجلس النواب اللبناني في جلسته المنعقدة بتاريخ 21/03/2001 قانوناً يعدِّل المرسوم 11614 الصادر بتاريخ 04/01/1969 والمتعلِّق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان. حيثُ جاء في تعديل الفقرة الثانية من المادة الأولى تحت رقم 296 بأنَّه لا يجوز تملُّك أي حق عينيٍّ من أي نوع كان من قِبَل أي شخص كان لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها.
لذا ونتيجةً لهذا الواقع الأليم، تقوم السفارة الفلسطينية في بيروت بمتابعة كافة القضايا الحياتية والإنسانية ومنها الصحة والتعليم بما يتكامل مع دور ومسؤوليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ومتابعة كافة القضايا الأخرى بما فيها استكمال إعادة إعمار مخيَّم نهر البارد والانتهاء من هذا الملف لتمكين أهلنا من العودة إليه، وقضية فاقدي الأوراق الثبوتية، والمتابعة اليومية لكافة القضايا التي تُهمُّ اللاجئ الفلسطيني في لبنان بالتنسيق مع الإخوة في لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني والأجهزة المعنيَّة في الدولة اللبنانية.
كيف تصفون علاقتكم بمختلف القوى والأحزاب اللبنانية؟
نحن في سفارة دولة فلسطين في لبنان أقمنا وحافظنا على علاقات وثيقة مع مختلف القوى والأحزاب اللبنانية، وهذا التَّوجه كان بناءً على السياسة الحكيمة والشجاعة للقيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" من أجل نسج أفضل العلاقات مع كافة شرائح المجتمع اللبناني الشقيق الذي لم يبخل علينا يوماً بالدعم والمؤازرة والمساندة لقضيتنا العادلة فلسطين لاسترداد حقِّنا المسلوب وإنصاف شعبنا الفلسطيني بالعيش بكرامة لحين عودته إلى أرض وطنه الذي يشكِّل الهدف الأساس لنا.
كيف تقيِّمون العلاقة والتواصل مع لبنان الرسمي، وهل هناك تعاون رسمي لبناني وتفهم للمواقف السياسية الفلسطينية؟
إنَّ لبنان رئاسةً وبرلماناً وحكومةً وشعباً وأجهزةً أمنيةً تربطنا به أفضل العلاقات المبنيَّة على الاحترام للسيادة اللبنانية والثقة المتبادلة وعدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني إلا بالعمل الإيجابي، الذي أصبح إخوتنا اللبنانيون يلمسونه من خلال التجربة السابقة بعدما ما كانت توصف المخيمات الفلسطينية في لبنان ببؤرٍ أمنية تأوي الخارجين على القانون، وأصبحت توصف الآن بعامل الاستقرار والداعمة للسلم الأهلي اللبناني. فلبنان القوي قوة لفلسطين، وأمن واستقرار لبنان هو أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية والعكس صحيح. ونشعر من خلال لقاءاتنا مع القادة اللبنانيين بالارتياح الكامل للأداء السياسي للقيادة الفلسطينية على الساحة اللبنانية.
ما هو تقييمكم للعلاقة مع الفصائل الفلسطينية في الساحة اللبنانية؟ وهل أنتم راضون عن هذه العلاقة؟
كسفارة فلسطينية تمثِّل كافة أطياف الشعب الفلسطيني في لبنان، تربطنا علاقة أخوية مبنيَّة على الصدق والتفاهم والاحترام مع كافة الإخوة قيادات العمل الوطني الفلسطيني والقوى الوطنية والإسلامية في لبنان على قاعدة المصلحة الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني، وأنَّ فلسطين هي الهدف الأساس. ورغم التباين في بعض المواقف السياسية، إلا أنَّ المسؤولية التي يتحلَّى بها إخوتنا تجعلنا نعمل معاً كفريق واحد من أجل خدمة أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان والتخفيف من معاناته. لكنّ الهمَّ الفلسطيني كبير جداً ويتطلب تضافر جهودنا جميعاً في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني.