الرئيس: دماء شهداء إحياء ذكرى النكبة لن تذهب هدرا
إرادة الشعوب أبقى وأقوى من جبروت القوة الغاشمة والاحتلال
دولتنا المستقلة قادمة لا محالة
رام الله 15-5-2011
قال الرئيس محمود عباس إن دماء شهداء إحياء ذكرى النكبة 'الذكية لن تذهب هدراً، فهي دماء سقطت من أجل حرية شعبنا الفلسطيني وحقوقه'.
وترحم سيادته، في خطاب للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات بثه مساء اليوم تلفزيون فلسطين في الذكرى الثالثة والستين للنكبة، على 'شهدائنا الذين سقطوا اليوم على يد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي وهم يتظاهرون إحياءً لذكرى النكبة داخل الوطن، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى الحدود السورية واللبنانية'.
وتوجه سيادته إلى المشاركين اليوم في مبادرات وفعاليات مختلفة إحياء لذكرى النكبة قائلا: 'تؤكدون بذلك للقاصي والداني أن الحق أقوى من الزمن، وأن إرادة الشعوب أبقى وأقوى من جبروت القوة الغاشمة والاحتلال'.
وعبر الرئيس 'عن الرضى والارتياح والسعادة بالمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، لإيماننا بأن وحدة الشعب وشرعيةَ تمثيله مقدساتٌ لا يجوز المساس بها'، مؤكدا الحرص 'بألا نعطي أية ذريعة لإسرائيل ونعرف منذ اليوم أن هناك حملة ترّوج لها الحكومة الإسرائيلية وخاصة في الولايات المتحدة تركز على أن الاتفاق مع حماس يعني التراجع عن السلام'.
وأكد التمسك والالتزام 'بكل ما يقوي موقفنا داخلياً إقليمياً ودولياً. فالأمن واحد وإن علاقاتنا العربية والإقليمية تقوم على قاعدة عدم التدخل بشؤون الغير وعدم تدخلهم بشؤوننا، إننا ملتزمون بكل مرجعيات عملية السلام، والاتفاقات التي وقعناها'.
وقال 'إننا اليوم أكثر ثقة بأن دولتنا المستقلة قادمة لا محالة، فالعالم بأسره يؤيد الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي وقع عام 1967 وإقامة الدولة'، مشددا على أن 'لا حل بدون دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وليس هناك من تاريخ أهم من هذا اليوم لكي نؤكد فيه على تمسكنا بحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194 حسب ما ورد في مبادرة السلام العربية'.
وفيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الأخوات، أيها الإخوة..
يا أبناء فلسطيننا الحبيبة في الوطن والشتات..
أيها الأشقاء والأصدقاء الذين تحيون معنا ذكرى النكبة
أطلب الرحمة لشهدائنا الذين سقطوا اليوم على يد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي وهم يتظاهرون إحياءً لذكرى النكبة داخل الوطن، في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وعلى الحدود السورية واللبنانية.
إن دماءهم الذكية لن تذهب هدراً، فهي دماء سقطت من أجل حرية شعبنا الفلسطيني وحقوقه رحم الله الشهداء، والشفاء العاجل إن شاء الله للجرحى.
أتوجه بالتحية إليكم جميعاً، وأنتم تشاركون اليوم في مبادرات وفعاليات مختلفة إحياء لذكرى النكبة التي حلت بشعبنا عام 1948، فتؤكدون بذلك للقاصي والداني أن الحق أقوى من الزمن، وأن إرادة الشعوب أبقى وأقوى من جبروت القوة الغاشمة والاحتلال.
تحل الذكرى الثالثة والستون للنكبة، فيما نحن متجهون إلى نقطة فارقة في المسار التاريخي لقضية شعبنا وحركته الوطنية، فقد اتفقت مختلف الفصائل الفلسطينية على وثيقة المصالحة الوطنية لإنهاء الانقسام وهو ما سيعزز الإنجازات التي حققناها كالدعم الدولي غير المسبوق لحقوقنا الوطنية، وبناء مؤسسات دولتنا العتيدة وترسيخ الأمن للمواطن ورفع مستوى معيشته.
تأتي ذكرى النكبة ونحن نطوي صفحة سوداء في تاريخ شعبنا، صفحة الانقسام البغيض ونفتح صفحة المصالحة للسير قدماً نحو نيل حقوقنا وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة ليتحقق بذلك السلام وينتهي هذا الصراع المزمن المرير.
من الطبيعي أن نُعبّر جميعاً عن الرضى والارتياح والسعادة بالمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، لإيماننا بأن وحدة الشعب وشرعيةَ تمثيله مقدساتٌ لا يجوز المساس بها، فنحن شعب عانى الكثير الكثير من التشرذم بعد نكبة عام 1948، وأنا وأبناء جيلي خضنا غمار نضال طويل حتى استطعنا أن نحرر إرادتنا كفلسطينيين، ونتوحد ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي انصهرت في داخلها كل مكونات الشعب الفلسطيني من فصائل ومنظمات وشخصيات ومن مختلف الأماكن والبقاع معتمدةً في قراراتها، وفي علاقات أطرافها المختلفة على حرية الرأي والتعبير، وهو ما أدى إلى احترام واعتراف العالم بهذه المنظمة وقيادتها ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا الفلسطيني.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
رغم كل ما يواجهنا كشعب من مصاعب، سواء في مخيمات اللجوء، أو تحت نير الاحتلال، فنحن اليوم أكثر ثقة بأن دولتنا المستقلة قادمة لا محالة، فالعالم بأسره يؤيد الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي وقع عام 1967 وإقامة الدولة، والبرهان الساطع على ذلك أن مئة وسبعاً وسبعين دولة صوتت على ذلك في الدورة السابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي الدورة التي أعلن خلالها الرئيس باراك أوباما أنه يأمل أن يرى فلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة بعد عام، أي خلال انعقاد الجمعية العامة في شهر أيلول القادم، والذي نعتبرهُ لأسباب مختلفة، استحقاقاً نعمل بكل جد على إنجازه إن شاء الله.
لقد كسبنا ثقة العالم وتأييده لأننا أصحاب حق، وندافع عن هذا الحق مستندين إلى شرعية أجمع عليها العالم، فخطابنا واضح نقوله في كل محفِل، ونقرن القول بالعمل، وهو ما يستفز الأوساط الإسرائيلية العنصرية المنكرة لحقوقنا، والتي عملت باستمرار لجرنا إلى مربعاتها، سواء على صعيد شعارات مزاودة، أو أعمال عنف متهورة.
سنحرص، وبكل وعي، ونحن بصدد تشكيل حكومة فلسطينية من شخصيات مستقلة، اتفقنا على تحديد مهامها، بألا نعطي أية ذريعة لإسرائيل ونعرف منذ اليوم الأول أن هناك حملة ترّوج لها الحكومة الإسرائيلية وخاصة في الولايات المتحدة تركز على أن الاتفاق مع حماس يعني التراجع عن السلام، لتبرر مصادرة أموالنا وفرض الحصار المالي، وعرقلة اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في أيلول القادم.
إن ردَّنا على ذلك يجب أن يكون تمسكنا جميعاً والتزامنا بكل ما يقوي موقفنا داخلياً وإقليمياً ودولياً. فالأمن واحد وإن علاقاتنا العربية والإقليمية تقوم على قاعدة عدم التدخل بشؤون الغير وعدم تدخلهم بشؤوننا، إننا ملتزمون بكل مرجعيات عملية السلام، والاتفاقيات التي وقعناها، وإذا تراجع الجانب الإسرائيلي، وهو يتراجع فعلاً عن الاتفاقيات، فليكن هو المسؤول أمام كل من يعنيهم الأمر، ولن يضيرنا أن نعمل ما هو صحيح، تاركين للآخرين ارتكاب الأخطاء.
نستمد من ذكرى النكبة الأليمة القوة والعزيمة والثقة لتحقيق السلام العادل والدائم مع جيراننا الإسرائيليين في إطار حل الدولتين، إذ لا حل بدون دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وليس هناك من تاريخ أهم من هذا اليوم لكي نؤكد فيه على تمسكنا بحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194 حسب ما ورد في مبادرة السلام العربية.
أيها الأخوة الفلسطينيون..
الشجاعة هي العقل، وقد حرصت منذ أن توليت القيادة بعد رئيسنا الراحل القائد الرمز الأخ أبو عمار، أن أتحدث معكم بكل صراحة، فليس لي من هدف في هذه الحياة سوى تحقيق حلم شهدائنا الأبرار، وأسرانا البواسل، بالوصول إلى إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة لاجئينا إلى وطنهم فلسطين.. هذا هو وحده الحلم والأمل، والله على ما أقول شهيد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته