السلاح الاستراتيجي الفلسطيني!
جريدة الحياة الجديدة 5-3-2013
بقلم صبري صيدم
حول العالم وفي حال غير مسبوقة يتعاظم السلاح الاستراتيجي الفلسطيني اليوم والذي يزداد قدرة وكفاءةً مع مضي الأيام. يحرك الحكومات ويدخل البرلمانات وصالونات السياسة ومقار الأحزاب ومحطات القطارات ومراكز المدن وحتى بيوت المواطنين العاديين من رعايا دول مختلفة وعواصمهم ومدنهم وقراهم. سلاح احتجب في بعض المحطات التي كبونا فيها ليعود للحضور في محطات أخرى.
سلاحٌ انكفأ مرارا وانتصر مراراً أخرى دون أن يقتل أحداً أو ينزف نقطة دمٍ واحدة أو يعذب أحداً أو يستخدم العنف والترهيب وسيلةً. سلاحٌ لا يحتاج لمخازن ومنصات صواريخ ومراكز تحكم وسيطرة أو قواعد عسكرية أو مال لا تأكله النيران.
سلاحٌ آدمي الخَلق لا يعرف العنف ولا التنكيل ولا يخرج عن القانون ولا يعتمد على الارتزاق والتكسب ولا المداهنة والرياء ولا الاستماتة على المواقع والمناصب. سلاح كبير المفعول وواسع الحضور كلما استثمرنا فيه ازدادت آدميته وإنسانيته ومفعوله التأثيري.
هذا السلاح هو جموع المتضامين مع عدالة قضيتنا ممن خبروا معاناتنا وشاركونا الكثير من محطاتنا فتكشفت أمامهم حقيقة الاحتلال. فشارك في مواقفنا ومؤتمراتنا ومقاومتنا الشعبية وحتى معاركنا ومواجهاتنا للمحتل.
ومع محطات الظلم التي فرضها ويفرضها الاحتلال كل يوم من حروب وتنكيل واعتقال وقتل لجغرافيا الوطن، ومع اتساع نطاق الإعلام الاجتماعي وسبل التواصل المباشر بين البشر فقد زاد وبشكل ملحوظ عدد هؤلاء المتضامنين لتشكل التكنولوجيا فرصة ذهبية لاطلاق مقصات الرقباء وممارسات الحجب التي دأبت إسرائيل عليها. فوصلت صورة الاحتلال بتجرد ودونما رتوش.
هذا السلاح هو الذي نراه اليوم في كل ساحة نذهب إليها قائدا لجهود المقاطعة والحظر وحشد الدعم الشعبي والسعي للتأثير على مواقف حكوماته. لهذا فإنه يحتاج منا المتابعة والتواصل وتوسيع الدائرة وربطه بفاعلية بجالياتنا وسفاراتنا ووفودنا التي تزور الدول على اختلافها.
فهذا المخزون المتزايد الذي يحتل عدد مهمٌ منهم مواقع رسمية قيادية وحضورا متميزا في أوساط المجتمع المدني يحتاج دائماً إلى الإشراك والتقدير المعنوي وحتى الزيارة والتواصل التفاعلي بحيث نضمن جميعا فاعلية هذا الحشد المهم ورفده بالمعلومة والخبر والموقف.
إن هذا النوع من السلاح سيكون السلاح الأمضى مستقبلا إذا ما أدير بشكل جيد وسيكون القادر الأكبر على تجميع طاقاته والبدء بانضاجه لقدراته الذاتية المؤثرة في مصانع القرار. وبهذا ورغم قناعتي بأننا قد تأخرنا في تنمية هذا السلاح فإنني من المؤمنين بأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبدا.