المالكي لـ «الشرق الأوسط»: نستكمل ملف العضوية في الأمم المتحدة
وزير الخارجية الفلسطيني: إذا رفض مجلس الأمن طلبنا مرتين سنذهب لـ«متحدون من أجل السلام»
نقلا جريدة الشرق الاوسط
تستعد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة لتحقيق ما أصبح يطلق عليه الفلسطينيون استحقاقات سبتمبر (أيلول) المقبل، أي اللجوء إلى الأمم المتحدة طلبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبولها عضوا كامل العضوية في الجمعية العامة في حال بقي الوضع على ما هو عليه، من تعثر في المفاوضات بسبب الإصرار الإسرائيلي على مواصلة البناء الاستيطاني، لا سيما في مدينة القدس المحتلة.
وقال رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن «ما نقوم به الآن كخطوة أولى من أجل تحقيق استحقاقات سبتمبر المقبل، هو استكمال إجراءات بخصوص حصد المزيد من الاعترافات الدولية بدولة فلسطين على حدود عام 1967». وحسب المالكي، فإن 116 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددها 192 تعترف الآن بدولة فلسطين. وقد يصل هذا الرقم إلى 128. وقال إنه «وللتأكد من صحة هذا الرقم، نحاول الحصول على الأوراق الثبوتية من الأرشيف الفلسطيني الموجود في تونس»، التي وافقت حكومتها بعد الثورة ورحيل زين العابدين بن علي، على إعادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتابع المالكي القول «الأهم من كل ذلك هو أننا معنيون باستكمال الإجراءات كافة، لنعرف من هي تلك الدول التي نستطيع الحصول على اعترافها بالدولة الفلسطينية، من الآن وحتى سبتمبر المقبل. هذه هي المهمة الأولى والأساسية التي نعمل على تحقيقها في الوقت الحاضر. والمهمة الثانية هي أنه يجب أن يكون ملف طلب العضوية للأمم المتحدة مستكملا وجاهزا قبل سبتمبر. وهذا يعني ضرورة أن نعد أنفسنا لاستكمال هذا الملف على نحو جيد وتقديمه للأمم المتحدة وفق شروط طلب العضوية».
ويتضمن هذا الملف حسب الفقرة الأولى من بروتوكول مونتيفيديو، عناصر أربعة، وهي وجود الشعب والأرض والحكومة والاتفاقات مع دول أعضاء في الأمم المتحدة. واستطرد المالكي «لذلك فإن مزيدا من الاعترافات بدولة فلسطين على حدود عام 1967 أمر مهم للغاية، وإن هذه الدولة موجودة عمليا وفيها شعب وحكومة، كما أن هذه الدولة وقعت اتفاقات مع دول أخرى في مجالات كثيرة».
* ولكن القضية لا تتعلق بحقوق وأرض وشعب وحكومة اتفاقات إلى آخره، وإنما بقرار سياسي وهو قرار سياسي صادر عن أميركا صاحبة حق النقض (الفيتو) الذي قد يحبط كل الجهود الفلسطينية في هذا الصدد.
- أنا الآن لا أتحدث عن النتائج وإنما عن الاستعدادات والخطوات التي يجب أن نقوم بها وأن تكون جاهزة.. الحصول على عدد أكبر من الاعترافات بالدولة أولا.. وثانيا إعداد طلب العضوية للأمم المتحدة من جميع جوانبه. والمرحلة الثالثة هي ما يجب علينا أن نقوم به بعد تقديم طلب العضوية للأمين العام للأمم المتحدة، الذي سيرفع الطلب فورا إلى مجلس الأمن الدولي الذي بدوره سيشكل لجنة فنية لدراسة الطلب. وخلال الفترة ما بين تقديم الطلب ودراسته من قبل اللجنة الفنية لإعطاء الرد عليه، لا بد أن نوجد على المسرح الأممي بكثافة، كبعثة فلسطين مدعومة بعدد كبير من الخبراء في القانون الدولي، من أجل توفير كل ما هو مطلوب وكذلك الرد على أي تساؤلات وتقديم أي إيضاحات. في حال صادقت اللجنة على الطلب، فإنها ستعيده إلى مجلس الأمن الذي لديه خيار التصويت بـ«نعم» أو «لا» أو «تعليق التصويت عليه لأجل مسمى»، وهذا يعني عمليا الرفض. في مثل هذا الوضع لن يكون بوسعنا سوى العودة إلى الجمعية العامة للاستفسار. وقد حصل ذلك في عام 1950، بخصوص 8 أو 9 دول بما فيها الأردن وإيطاليا والأرجنتين. وقد عادت هذه الدول إلى الجمعية متسائلة إن كان من حق مجلس الأمن أن يرفض طلبها للعضوية. وطلبت الجمعية العامة من محكمة العدل الدولية أن تعطي رأيا استشاريا في هذه القضية. وفي مارس (آذار) 1950 أصدرت محكمة العدل رأيها الاستشاري الذي جاء لصالح مجلس الأمن، مؤكدا ضرورة وجود توصية من مجلس الأمن لصالح طلبات العضوية. وانتظرت هذه الدول 3 سنوات لتعيد الكرة وتحصل على موافقة مجلس الأمن.
وفي حال رفض مجلس الأمن طلبنا، فإننا سنطلب تفسير أسباب الرفض، وقد نجد أنفسنا مضطرين للجوء إلى محكمة العدل الدولية للحصول على رأي استشاري في هذه المسألة.
الاحتمال الثاني هو أن يوصي مجلس الأمن بقبول طلب العضوية.. وهذه التوصية بحد ذاتها ليست كافية لقبول الطلب، بل لا بد أن يحصل على ثلثي أصوات الأعضاء أي 128 عضوا من أصل 192 مجمل عدد الأعضاء.. وهذا يتطلب منا عملا دؤوبا.
* هل هناك أي وسيلة لتجاوز قرار مجلس الأمن؟
- حسب ميثاق الأمم المتحدة، فإنه ليس هناك وسيلة لتجاوز قرار مجلس الأمن.
* ولكن ما هي المعايير التي يمنح مجلس الأمن توصيته سواء بالرفض أو القبول في هذا المجال؟
- هناك أربع مواد وعناصر أساسية في معاهدة مونتيفيدو، وهي كما سلف وذكرنا وجود أرض وشعب وحكومة واتفاقات، أضف إلى ذلك يجب أن تكون الدولة المتقدمة محبة للسلام وملتزمة به.
* وفي حالتكم أنتم يبدو من كلامكم أن جميع هذه الشروط متوفرة، فكيف إذن سيبرر رفض الطلب.
- طبعا الرفض ليس قانونيا لأنه يتعارض مع الشروط الأساسية لطلب العضوية، وسيكون قرارا سياسيا. وبإمكاننا أن نتحدى الرفض وإذا ما نجحنا في إقناع الأمم المتحدة بموقفنا من خلال التركيز على أن الرفض يهدد السلام العالمي، فإنها قد تعيد الطلب مجددا إلى مجلس الأمن وتطالبه في إعادة النظر في قراره الأول، الذي لم يؤخذ وفق الشروط الواردة في الميثاق.
* ما هي خياراتكم الأخرى في حال فشل جهودكم هذه؟
- إذا ما أثبتنا للأمم المتحدة أن رفض طلب العضوية قد يهدد السلام في المنطقة وهذا سينعكس سلبا على السلام العالمي، فإننا قد ننجح في الذهاب إلى الجلسة الخاصة في الأمم المتحدة تحت عنوان «متحدون من أجل السلام».
* وهل يمكن لقرار «متحدون من أجل السلام» أن يلغي قرار مجلس الأمن؟
- تتمتع هذه الجلسة الخاصة بصلاحيات لمناقشة أي قضية لكنها غير مخولة بالبت في طلب العضوية. لكن إذا كان هناك إصرار أميركي على رفض الطلب في المرتين الأولى والثانية، فلا بد من إيجاد التفسير القانوني من أجل طرح هذا الموضوع. إضافة إلى أن فهمنا للقانون الدولي أنه ليس جامدا بل قابل للتطور والتفاعل مع المجريات العالمية واحتياجات المجتمعات. ففي عام 1950 لم تكن هناك جلسة «متحدون من أجل السلام»، وجرى استحداثها من قبل أميركا كي تتجاوب مع معطيات ومتغيرات جديدة، لها علاقة بكوريا الشمالية. نحن نقول إن القانون الدولي يجب أن يكون منسجما مع التطورات العالمية، واحتياجات الدول والشعوب، ويكون معها وليس ضدها. ونحن الآن نواجه وقائع جديدة تتطلب أن يكون هناك اجتهاد قانوني دولي، يأخذ في عين الاعتبار المأزق الذي تستخدم فيه واشنطن الفيتو في كل مرة، ضد هذا الطلب بينما جرى من الجانب الفلسطيني استكمال جميع جوانب الطلب حسب القانون والمواصفات، إضافة إلى وجود شبه إجماع دولي. هذا يعني أن هناك مأزقا ولا بد من معالجته من خلال إبداعات جديدة لاستنباط حلول للخروج من المأزق.
* الموضوع ليس موضوع حقوق ولا طلب عضوية، بل هو قرار سياسي.. يعني مهما فعلتم فإن واشنطن ستستخدم حق النقض.
- هذا الاستنتاج الذي توصلت إليه، هو نفس الاستنتاج الذي توصل إليه الكثير من الدول بمن فيها دول أوروبية مثل فرنسا.