جثث مقابر الأرقام من خطر الضياع للاستخدام كأوراق مساومة في التفاوض
بددت إسرائيل اليوم الثلاثاء، آمال ذوي شهداء، توقعوا أن يستعيدوا جثامين أبنائهم وتشييعهم بما يليق بالكرامة الوطنية والإنسانية، ما يؤكد استخدام إسرائيل للجثث كأوراق مساومة في التفاوض على عمليات تبادل الأسرى، خاصة أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض عقوبات على الجثث.
وأمر وزير الجيش الإسرائيلي، ايهود باراك، بوقف تسليم جثامين 84 شهيدا فلسطينيا بزعم أنه سيتم بحث تأثير العملية على قضية الجندي الأسير جلعاد شاليط.
لكن مصادر إسرائيلية قالت، إن باراك اتخذ قرار التجميد بعد موجة انتقادات تعرضت لها الحكومة من جانب عائلات ضحايا العمليات التفجيرية وأوساط أخرى في إسرائيل.
وكان رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ أكد، أمس الإثنين، أن إسرائيل ستفرج عن 84 جثمانًا من جثامين شهداء الأرقام التي تحتجزها منذ عام 1967.
وقال منسق الحملة الوطنية لإعادة جثث ورفات الشهداء، سالم خلة، إن الاحتلال يحتجز أكثر من 317 شهيدا فلسطينيا في مقابر سرية تحمل أرقاما.
وبين خلة أن إسرائيل تحتجز جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب في أربع مقابر، مقبرة الأرقام المجاورة لجسر 'بنات يعقوب' التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى الحدود الإسرائيلية – السورية – اللبنانية، وتفيد بعض المصادر عن وجود ما يقرب من 500 قبر فيها لشهداء فلسطينيين ولبنانيين غالبيتهم ممن سقطوا في حرب 1982، وما بعد ذلك.
وثمة أيضا مقبرة الأرقام الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة بين مدينة أريحا وجسر الملك حسين في غور الأردن، وهي محاطة بجدار، فيه بوابة حديدية معلق فوقها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية 'مقبرة لضحايا العدو' ويوجد فيها أكثر من مائة قبر.
وتحمل هذه القبور أرقاما من '5003–5107' (ولا يعرف إن كانت هذه الأرقام تسلسلية لقبور في مقابر أخرى أم كما تدعي إسرائيل بأنها مجرد إشارات ورموز إدارية لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر أخرى)، ومقبرة ' ريفيديم ' وتقع في غور الأردن.
وقال خلة، إن المقبرة الرابعة المسماة بـ'شحيطة' تقع في قرية وادي الحمام شمال مدينة طبريا الواقعة بين جبل أربيل وبحيرة طبريا، غالبية الجثامين فيها لشهداء معارك منطقة الأغوار بين عامي 1965–1975.
وأشار إلى أنه وفي الجهة الشمالية من هذه المقبرة ينتشر نحو 30 من الأضرحة في صفين طويلين، فيما ينتشر في وسطها نحو 20 ضريحا، ومما يثير المشاعر كون هذه المقابر عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق، ما يعرضها للانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب الضالة والوحوش الضارية.
ووفق بيانات موقع 'لجنة المتابعة للحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين' فإن سلوك حكومة إسرائيل تجاه الشهداء الفلسطينيين والعرب، ليس غريباً عن مجمل ما سلكته منذ إقامتها في العام 1948، فلم يصدر عن مؤسساتها ما ينظم تعاطيها مع جثامين الشهداء وضحايا حروبها على الدول العربية والفلسطينيين حتى العام 1976، سوى الأمر العسكري الذي أصدرته قيادة الأركان العامة في 1/9/1976، والذي حمل الرقم 380109 وتعلّق بتعريف الجثث، نزع الوثائق والأغراض من على الجثث، وترقيم الجثث والقبور.
وتفيد اللجنة أن السلوك العملي لحكومات إسرائيل وسلطاتها الاحتلالية، لم يلتزم بهذا الأمر الذي حاول واضعوه ملامسة ما نصت عليه اتفاقيات جنيف لعام 1949، فطالما تذرعت السلطات الإسرائيلية برفضها تسليم جثث الضحايا لذويهم، باعتبارات ردع الآخرين عن مقاومة احتلالها، كما وللحيلولة دون أن يتحول تشييع جنازاتهم إلى مهرجانات سياسية للقوى والحركات المناهضة للاحتلال.
ولم يتورع محامو النيابة أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية عن الإعلان عن معارضة تسليم الجثث لذوي الضحايا، حتى يتم استخدام الجثث كأوراق مساومة في التفاوض على عمليات تبادل الأسرى، وهو ما وصفته المحاكم الإسرائيلية العليا بالأمر غير المرضي.
وأضافت: لا تكتفي السلطات الإسرائيلية، بالتنكر للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف للعام 1949، باحتجازها لجثامين شهداء فلسطينيين وعرب، وإصدار أحكام بالسجن على بعضها، بل أنها تمعن في مخالفتها، من خلال دفن الجثث في مقابر تعرف بمقابر الأرقام ولا يزيد عمق الواحدة منها عن 50 سنتمترا، ما عرضها للانكشاف بفعل العوامل الطبيعية، فتصبح عرضه لنهش الوحوش والكلاب الضالة، فيما تتعرض الجثث المحتجزة في الثلاجات للتلف وانبعاث الروائح، بسبب عدم تطبيق المعايير الصحية على هذه الثلاجات.وأكدت اللجنة أن سلوك وممارسات حكومة إسرائيل، وسلطاتها الاحتلالية، بحق جثامين ضحايا حروبها، هو عمل غير مسبوق، فليس في عالمنا من لا يزال يعاقب الإنسان وينتقم منه، حتى بعد موته، ومن يتعمد مضاعفة معاناة ذوي الضحايا بحرمانهم من حقهم في تشييع أحبائهم، ودفنهم، وفقا لتقاليدهم الدينية، وبما يليق بالكرامة الوطنية والإنسانية، سوى حكومة إسرائيل، وسلطاتها الاحتلالية.
وجاء على موقع 'مقابر الأرقام'،' ربما تكون إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض عقوبات على الجثث، حيث أنها تحتجز أعدادا غير معروفة من جثث الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا في مراحل مختلفة من الكفاح الوطني حيث أقامت إسرائيل لهذه الغاية مقابر سرية عرفت باسم مقابر.
وكان مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، أطلق بالتعاون والشراكة مع شبكة أمين الإعلامية، حملة وطنية شعبية لإلزام إسرائيل بالإفراج عن الجثامين لأجل تمكين ذويهم من تشييعهم ودفنهم وفقا للتقاليد الوطنية الفلسطينية والشعائر الدينية، وبما يليق بكرامتهم الإنسانية والوطنية كما ومن أجل إلزام حكومة إسرائيل وسلطاتها الاحتلالية بتحديد مصير المفقودين الذين تنكر وجودهم لديها.
ولأجل تحقيق هذا الهدف الإنساني تعمل الحملة على حشد رأي عام وطني وإقليمي ودولي ضاغط على حكومة إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي الإنساني، واتفاقات جنيف سيما المادة 17 من اتفاقية جنيف الأولى، والتي تلزم الدول المتعاقدة باحترام جثامين ضحايا الحرب من الإقليم المحتل وتمكين ذويهم من دفنهم وفقا لتقاليدهم الدينية والوطنية.
وفي خدمة هذا الغرض رحبت الحملة بتعاون وشراكة كل المنظمات والمؤسسات القانونية المدافعة عن حقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية، ودعتها إلى الشروع فورا بالنشاطات الإعلامية والسياسية والدبلوماسية والجماهيرية التي تصب في قناة هذا الهدف.
وكان مشاركون في ندوة قانونية دولية حول 'الأبعاد القانونية لجريمة احتجاز إسرائيل لجثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين' عقدت في القاهرة يوم 19-5-2011، دعوا إلى إلزام دولة الاحتلال بالإفراج عن جثامين الشهداء لتمكين ذويهم من دفنهم بطريقة تليق بهم كبشر وحسبما تنص الشرائع السماوية.