التاريخ : الأحد 14-12-2025

المنظمات الأهلية تدعو لتوحيد الجهود تحت مظلة الأمم المتحدة لوقف جرائم الاحتلال    |     الاحتلال يصعّد عدوانه في الضفة: هدم منازل ومنشآت ومتنزه وتجريف ملعب وأراضٍ زراعية    |     لازاريني: العاصفة بايرون تحكم قبضتها على غزة    |     الخارجية ترسل رسائل متطابقة للمجتمع الدولي حول إعدام الأسير عبد الرحمن السباتين    |     مقاومة الجدار والاستيطان: قرار إقامة المستعمرات حرب إبادة للجغرافية الفلسطينية    |     منصور يبحث مع رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة القضايا المتعلقة بفلسطين    |     عباس والاسعد يلتقيان النائب معوض    |     السفير الاسعد يستقبل وفداً من جبهة التحرير الفلسطينية    |     السفير الاسعد يستقبل وفداً من حزب الشعب الفلسطيني    |     الأونروا: الأمطار تفاقم معاناة النازحين في غزة وتُغرق الخيام وسط خطر تفشّي الأمراض    |     الرئاسة تدين قرار الاحتلال بناء 764 وحدة استيطانية جديدة في الضفة    |     الخارجية المصرية: كثفنا جهودنا على مدار عامين لإنهاء الحرب في غزة    |     الخارجية: حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتجاهل    |     سانشيز: إسبانيا ستسير دوما إلى جانب فلسطين    |     "التعاون الإسلامي" تدين خطط الاستيطان الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية    |     الرسام الفلسطيني حمزة الكاي يهدي الممثل الخاص للرئيس لوحة فنية من اعماله    |     بيروت: مهرجان سياسي طلابي في الذكرى ال 66 لتأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين    |     الجامعة العربية تدعو الجنائية الدولية لإدراج الإهمال الطبي بحق المعتقلين ضمن تحقيقاتها في جرائم الحر    |     الرئيس يجتمع مع ملك إسبانيا    |     مصطفى: نعمل على الحوكمة المؤسساتية لقطاع الصحة لنصل إلى الاستدامة المالية وتقديم أفضل الخدمات    |     "اليونيسف" تحذر من ارتفاع مستويات سوء التغذية لدى الأطفال والحوامل في غزة    |     بيان أوروبي: الاستيلاء على ممتلكات أممية انتهاك صارخ لاتفاقية الامتيازات والحصانات الخاصة بالأمم الم    |     الأمم المتحدة: نرفض ونعارض بشكل قاطع أي تغيير في حدود غزة    |     المجلس الوطني: جرائم الاحتلال تمثل اختبارا قاسيا للقيم الإنسانية في يوم حقوق الإنسان
» شجرة الذاكرة
شجرة الذاكرة

شجرة الذاكرة

يحيى رباح

جريدة الحياة الجديدة 11-11-2013


في الذكرى التاسعة لرحيله، يحضر فينا الرئيس ياسر عرفات بشكل مدهش حتى أننا نجد أنفسنا في معظم الوقت نتحدث عنه بصيغة الحاضر, أعتقد أن الملايين من الفلسطينيين في وطنهم التاريخي فلسطين - حيت الاتصال العادي بين أجزائه مستحيلة- كما الفلسطينيين في شتاتهم الواسع الذي يزداد شتاتاً، يلاحظون هذه الظاهرة، لماذا؟ لماذا ما زلنا نتحدث عن ياسر عرفات بصيغة الحاضر، من النادر بل ومن المستهجن أن نستخدم صيغة الماضي الغائب؟ أعتقد أن ياسر عرفات بالنسبة للشعب الفلسطيني هو رمز مركب، أنه زعيم سياسي من الطبقة الأولى، وهو بطل تراجيدي في نفس الوقت! وكزعيم سياسي فانه انبثق من الضرورات الملحة التي لا يوجد ما هو أولى منها ولا أقدس منها، ضرورات لدى شعب فقد وطنه قسراً ومن الملح أن يكون له وطن! وفقد كيانه تحت ضغط أقوى الأقوياء ومن الملح أن ينبثق له كيان، وتبعثرت هويته في الأرض مع هبوب العواصف الهائجة، ومن الملح أن يلملم هويته.
وكزعيم سياسي، فانه أدرك في وقت مبكر، وفي وقت صعب أيضاً، أن شعبنا الفلسطيني لا يستطيع أن ينتظر أحد لكي يحقق له ضروراته الملحة، بل عليه أن يبرأ نفسه، وأن يعتلي خشبة المسرح، وأن يلعب الدور الأصعب، وأن يكون الرقم الصعب.
انه اكتشاف مذهل وخارق الصعوبة الى حد المستحيل، ولكن ياسر عرفات الزعيم السياسي حول هذا الهاجس الضخم الى تفاصيل على أرض الواقع، بدأها بصياغة العناوين، قاتل مع عبد القادر الحسيني في وقت مبكر، وقاتل مع الفدائيين ضد الانجليز في منطقة قناة السويس، وأنشأ وهو في كلية الهندسة جامعة القاهرة رابطة الطلاب الفلسطينيين لتكون عنواناً أول، ثم أسس حركة فتح مع زملائه المؤسسين، وكان كل فلسطيني في العالم يسأل نفسه صباح مساء، ماذا نفعل؟ فانتمى الفلسطينيون على مضض الى الأحزاب القائمة، وكانت عبقرية تأسيس حركة فتح أنها ألهمت الفلسطينيين أن لهم كياناً يأوون اليه، ثم أصبحت فتح هي العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية المعاصرة، وواصل ياسر عرفات ورفاقه تسجيل فلسطين في دفاتر الحضور عبر قرارات في غاية الخطورة والشجاعة.
أما ياسر عرفات البطل التراجيدي، فهو كان يعرف الثمن الفادح لما يفعل وما يختار، كان مثل قبطان سفينة أسطورية ذاهبة في المحيط الى جبل المغناطيس لتصطدم به وتتحطم أشلاءً، ولكن البطل التراجيدي يعرف سلفاً أقداره الكبرى ولا يهاب.
كل مرة كان ياسر عرفات يقول فيها نعم، كان يعرف أن هذه «النعم» سوف تقلب الأمور رأساً على عقب! وكل مرة كان يقول فيها (لا) كان يعلم أنه بقولها في وجه أعتى الأقوياء في العالم فان الثمن سيكون فادحاً بما يفوق الخيال! ولكنه لم يتردد لحظة واحدة في أن ينطق بنعم أو ينطق بلا، ما دام ذلك يقضي الى لحظة من الحضور الفلسطيني.
يعيش معنا ياسر عرفات يوماً بيوم، ولحظة بلحظة، كل ما يجري اما حببنا فيه أو حذرنا منه، وهو لم يفعل ذلك مجاناً، بل بجهد خارق يفوق الاحتمال، وبتضحية لا يحتملها سوى الأنبياء والشهداء! ولذلك فاننا نحي ذكراه بصفته الحاضر وليس بصفته الغائب، فان تضحياته ومعاركه ومواقفه ممتدة فينا الى زمن قادم

2013-11-11
اطبع ارسل