التاريخ : الأربعاء 01-05-2024

السفير دبور يلتقى وفد من نقابة تجار ومستوردي المستلزمات الطبية والمخبرية في لبنان    |     السفير دبور وابو العردات يلتقيان قيادة حركة فتح في منطقة صيدا    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة صور    |     السفير دبور يستقبل قادة افواج الاطفاء الفلسطيني في لبنان    |     السفير دبور يكرم الفنانة التشكيلية هبه ياسين    |     الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    |     رئيس بوليفيا يطالب باتخاذ إجراءات صارمة لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة    |     "آكشن إيد" الدولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من الأزمة الانسانية بسبب العدوان    |     مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    |     "فتح" تهنئ الجبهة الديمقراطية بنجاح مؤتمرها الثامن وبانتخاب فهد سليمان أمينا عاما    |     رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار يستكملان إجراءات الاستلام والتسليم    |     "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف جمهورية جامايكا بدولة فلسطين    |     مصطفى يؤكد ضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم الحكومة الفلسطينية    |     أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة    |     الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار في    |     البرلمان العربي: قرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين "خطوة في الإتجاه الصحيح"    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة    |     برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع
أراء » شجرة الذاكرة
شجرة الذاكرة

شجرة الذاكرة

يحيى رباح

جريدة الحياة الجديدة 11-11-2013


في الذكرى التاسعة لرحيله، يحضر فينا الرئيس ياسر عرفات بشكل مدهش حتى أننا نجد أنفسنا في معظم الوقت نتحدث عنه بصيغة الحاضر, أعتقد أن الملايين من الفلسطينيين في وطنهم التاريخي فلسطين - حيت الاتصال العادي بين أجزائه مستحيلة- كما الفلسطينيين في شتاتهم الواسع الذي يزداد شتاتاً، يلاحظون هذه الظاهرة، لماذا؟ لماذا ما زلنا نتحدث عن ياسر عرفات بصيغة الحاضر، من النادر بل ومن المستهجن أن نستخدم صيغة الماضي الغائب؟ أعتقد أن ياسر عرفات بالنسبة للشعب الفلسطيني هو رمز مركب، أنه زعيم سياسي من الطبقة الأولى، وهو بطل تراجيدي في نفس الوقت! وكزعيم سياسي فانه انبثق من الضرورات الملحة التي لا يوجد ما هو أولى منها ولا أقدس منها، ضرورات لدى شعب فقد وطنه قسراً ومن الملح أن يكون له وطن! وفقد كيانه تحت ضغط أقوى الأقوياء ومن الملح أن ينبثق له كيان، وتبعثرت هويته في الأرض مع هبوب العواصف الهائجة، ومن الملح أن يلملم هويته.
وكزعيم سياسي، فانه أدرك في وقت مبكر، وفي وقت صعب أيضاً، أن شعبنا الفلسطيني لا يستطيع أن ينتظر أحد لكي يحقق له ضروراته الملحة، بل عليه أن يبرأ نفسه، وأن يعتلي خشبة المسرح، وأن يلعب الدور الأصعب، وأن يكون الرقم الصعب.
انه اكتشاف مذهل وخارق الصعوبة الى حد المستحيل، ولكن ياسر عرفات الزعيم السياسي حول هذا الهاجس الضخم الى تفاصيل على أرض الواقع، بدأها بصياغة العناوين، قاتل مع عبد القادر الحسيني في وقت مبكر، وقاتل مع الفدائيين ضد الانجليز في منطقة قناة السويس، وأنشأ وهو في كلية الهندسة جامعة القاهرة رابطة الطلاب الفلسطينيين لتكون عنواناً أول، ثم أسس حركة فتح مع زملائه المؤسسين، وكان كل فلسطيني في العالم يسأل نفسه صباح مساء، ماذا نفعل؟ فانتمى الفلسطينيون على مضض الى الأحزاب القائمة، وكانت عبقرية تأسيس حركة فتح أنها ألهمت الفلسطينيين أن لهم كياناً يأوون اليه، ثم أصبحت فتح هي العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية المعاصرة، وواصل ياسر عرفات ورفاقه تسجيل فلسطين في دفاتر الحضور عبر قرارات في غاية الخطورة والشجاعة.
أما ياسر عرفات البطل التراجيدي، فهو كان يعرف الثمن الفادح لما يفعل وما يختار، كان مثل قبطان سفينة أسطورية ذاهبة في المحيط الى جبل المغناطيس لتصطدم به وتتحطم أشلاءً، ولكن البطل التراجيدي يعرف سلفاً أقداره الكبرى ولا يهاب.
كل مرة كان ياسر عرفات يقول فيها نعم، كان يعرف أن هذه «النعم» سوف تقلب الأمور رأساً على عقب! وكل مرة كان يقول فيها (لا) كان يعلم أنه بقولها في وجه أعتى الأقوياء في العالم فان الثمن سيكون فادحاً بما يفوق الخيال! ولكنه لم يتردد لحظة واحدة في أن ينطق بنعم أو ينطق بلا، ما دام ذلك يقضي الى لحظة من الحضور الفلسطيني.
يعيش معنا ياسر عرفات يوماً بيوم، ولحظة بلحظة، كل ما يجري اما حببنا فيه أو حذرنا منه، وهو لم يفعل ذلك مجاناً، بل بجهد خارق يفوق الاحتمال، وبتضحية لا يحتملها سوى الأنبياء والشهداء! ولذلك فاننا نحي ذكراه بصفته الحاضر وليس بصفته الغائب، فان تضحياته ومعاركه ومواقفه ممتدة فينا الى زمن قادم

2013-11-11
اطبع ارسل