محادثات رئاسية لبنانية فلسطينية في قصر بعبدا عقبها مادبة إفطار
بعبدا 16-8-2011
شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على أهمية قيام الدولة الفلسطينية، كتعبير عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم مؤكدا أن تولي لبنان رئاسة مجلس الأمن الدولي، خلال شهر أيلول المقبل، واستمرار عضويته غير الدائمة في المجلس لغاية نهاية هذا العام، إضافة لرئاسة قطر للدورة المقبلة للجمعية العامة للامم المتحدة، ستشكل عناصر دعم مهمة للمسعى الفلسطيني الهادف، في هذه اللحظة التاريخية بالذات، الى اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، والفوز بعضويتها الكاملة في المنظمة الدولية.
وإذ لفت الى إيلاء إهتمام خاص بموضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؛ وكيفية تحسين صوغ العلاقات اللبنانية - الفلسطينية وتنظيمها فإنه اعتبر أن الحل السياسي النهائي والعادل لقضية اللاجئين لا يمكن أن يأتي إلا عن طريق الاعتراف بحق عودتهم ، والحؤول دون توطينهم في الدول العربية المضيفة، وبخاصة في لبنان، استنادا لما نصت عليه مقدمة دستورنا، والمبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية.
من جهته، اكد الرئيس عباس رفض مبدأ التوطين رفضا قاطعا، وطالب بضمان حق العودة لكل فلسطيني،كما اكد ان الفلسطينيين ضيوف موقتون خاضعون للقانون والسيادة اللبنانية وعلى رأس ذلك المخيمات الفلسطينية. واضاف: نحن لا نؤمن انه يوجد سلاح فلسطيني لحماية الفلسطينيين، وانما نحن بحماية الشعب اللبناني رئيسا وحكومة وبرلمانا.
واوضح اننا دعاة سلام نسعى لنيل حريتنا واستقلالنا وسيادتنا على ارضنا وهو لا يتناقض مع مبدأ المفاوضات على اساس الشرعية الدولية وتوقف الاستيطان بشكل كامل. كما ان جهودنا ستبقى مستمرة من اجل تنفيذ اتفاق المصالحة لانهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية وتعميق وحدتنا الوطنية.
مواقف كل من الرئيسين سليمان وعباس جاءت خلال الكلمة التي القاها كل منهما في مأدبة الافطار التي اقامها الرئيس اللبناني على شرف الضيف الفلسطيني والوفد المرافق.
الوصول الى القصر الجمهوري
وكان الرئيس عباس وصل الى القصر الجمهوري عند الساعة السادسة إلا ربعا في مستهل زيارة عمل يقوم بها للبنان، وكان رئيس الجمهورية في استقباله عند الساحة الخارجية للقصر حيث أقيمت له مراسم الاستقبال الرسمية، وعزف النشيدان الوطنيان الفلسطيني واللبناني، ثم استعرض الرئيسان سليمان وعباس حرس الشرف. وبعد ذلك قدم مدير فرع المراسم والعلاقات العامة في رئاسة الجمهورية الى الرئيس الضيف الشخصيات اللبنانية المستقبلة له وقدم الرئيس عباس بدوره الى الرئيس سليمان أعضاء الوفد الرسمي المرافق.
لقاء ثنائي
وبعد مراسم الاستقبال الرسمية رافق الرئيس سليمان ضيفه الى صالون السفراء بين ثلة من رماحة لواء الحرس الجمهوري حيث عقد لقاء ثنائي تناول العلاقات بين البلدين.
لقاء موسع
بعد ذلك، إنضم الى الرئيسين سليمان وعباس أعضاء الجانبين الرسميين اللبناني والفلسطيني حيث عقد لقاء موسع حضره عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، وزير العمل شربل نحاس، وزير الاعلام وليد الداعوق، مدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، مستشار رئيس الجمهورية السفير ناجي أبي عاصي، مندوب لبنان الدائم في الامم المتحدة السفير نواف سلام، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، المستشار العسكري لرئيس الجمهورية العميد عبد المطلب الحناوي، رئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية اديب ابي عقل.
وشارك عن الجانب الفلسطيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الاحمد، الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة، مستشار الرئيس للشؤون الديبلوماسية مجدي الخالدي، رئيس البعثة الفلسطينية في لبنان السفير عبد الله عبد الله، نائب رئيس البعثة الفلسطينية في لبنان أشرف دبور، مندوب فلسطين الدائم في الامم المتحدة رياض منصور ومدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وخلال اللقاء تطرق الجانبان الى واقع العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في مختلف المجالات.
مأدبة افطار
وبعد استراحة أقام رئيس الجمهورية مأدبة افطار على شرف الرئيس الضيف والوفد المرافق حضرها عن الجانب اللبناني نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، وعدد من الوزراء ورؤساء اللجان النيابية، قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، سفراء الدول العربية المعتمدين في لبنان، رؤساء السلطات القضائية، عدد من ممثلي وسائل الاعلام اللبنانية، والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، قائد لواء الحرس الجمهوري العميد وديع الغفري ومستشارو رئيس الجمهورية وكبار موظفي الرئاسة.
وعن الجانب الفلسطيني أعضاء الوفد المرافق للرئيس عباس.
كلمة الرئيس سليمان
وألقى الرئيس سليمان في خلال مأدبة الافطار الكلمة الآتية:
السيد الرئيس،
أصحاب الدولة والمعالي والسيادة،
أيّها الحفل الكريم،
يسرني أن أرحب بكم وبالوفد الفلسطيني المرافق غروب هذا اليوم من شهر رمضان المبارك، أعاده الله عليكم ، وعلى الشعبين اللبناني والفلسطيني، بكل يمن وخير وبركة.
تقومون، سيادة الرئيس، بزيارة أخوة وعمل إلى لبنان، قبل أسابيع قليلة من توجهكم إلى نيويورك، للدفاع عن القضية الفلسطينية، وطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة. وكانت قد أغلقت أمامكم، سبل ومقاربات أخرى، للتقدم على طريق السلام العادل، بفعل تعنت إسرائيل، ولاءاتها المدانة لمستلزمات السلام، واستمرارها، بصورة غير شرعية، في بناء المستوطنات.
لقد سبق لجامعة الدول العربية أن قررت اعتماد دولة فلسطين ، كعضو كامل العضوية فيها؛ ووافق لبنان بطبيعة الحال في حينه، على هذا القرار.
وفي ضوء هذا الواقع، وافق مجلس الوزراء اللبناني، بتاريخ 27 تشرين الثاني 2008، على "إنشاء علاقات ديبلوماسية مع دولة فلسطين". كذلك قرر في جلسته الأخيرة، المضي قدما في الإجراءات الآيلة إلى وضع هذا القرار موضع التنفيذ، خصوصا من خلال رفع التمثيل الديبلوماسي الفلسطيني في لبنان إلى رتبة سفارة؛ وستقومون غدا سيادة الرئيس، بمشاركة لبنانية رسمية، برفع العلم الفلسطيني، فوق مبنى سفارتكم ، تحوطكم مظاهر التضامن والترحيب.
إن قيام الدولة الفلسطينية، أيها الأخوة، تعبير عن حقكم في تقرير المصير؛ وتقرير المصير حق ثابت من حقوق الشعب الفلسطيني، يكفله القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ولكم على الارض الفلسطينية تاريخ طويل من التضحية والنضال سعيا لتحقيق اهدافكم الوطنية المشروعة.
إن تولي لبنان رئاسة مجلس الأمن الدولي، خلال شهر أيلول المقبل، واستمرار عضويته غير الدائمة في المجلس لغاية نهاية هذا العام، إضافةً لرئاسة قطر للدورة المقبلة للجمعية العامة للامم المتحدة، ستشكل عناصر دعم مهمة للمسعى الفلسطيني الهادف، في هذه اللحظة التاريخية بالذات، الى اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، والفوز بعضويتها الكاملة في المنظمة الدولية.
وسيقوم لبنان، بمواكبة هذا الجهد الفلسطيني بغية إنجاحه، أكان ذلك أمام مجلس الأمن أو الجمعية العامة.
السيد الرئيس
لن تكون هذه النتيجة، بطبيعة الحال، كافية لحل كل المشكلات واعادة كامل الحقوق.
إلا أنها ستخلق بالتأكيد، دينامية جديدة، في ظل أجواء دولية، باتت تعي، بأنه سيصعب التوصل إلى سلام فعلي، من دون إحقاق الحق في فلسطين، وإرساء العدالة، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، ومرجعية مؤتمر مدريد، والمبادرة العربية للسلام.
يبقى على الصعيد الثنائي، أن نولي اهتماما إضافيا خاصا، بموضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؛ وكيفية تحسين صوغ العلاقات اللبنانية - الفلسطينية وتنظيمها.
يجدر التذكير أولا بأن أمن لبنان، يشمل امن المخيمات وسلامتها، وبأن سيادة لبنان لا تكون كاملة إلا من خلال تعزيز منطق القانون وسلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية. ونحن نسعى بثبات لمواجهة الإرهاب، والزام إسرائيل تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، بالتعاون مع قوات اليونيفيل، التي نحرص على سلامتها وحسن تأدية مهمتها. ونحتفظ بحقنا في استرجاع أو تحرير ما تبقى لنا من أرض محتلة، بكل الطرق المتاحة والمشروعة. نقول ذلك عشية ذكرى انتشار الجيش اللبناني في الجنوب نتيجة للانتصارات التي تحققت بفعل تكامل قدرات جيشنا ومقاومتنا وتضامن شعبنا حيث تم دحر العدوان الاسرائيلي في مثل هذا الوقت من العام 2006 بعدما تم تحرير معظم اراضينا في العام 2000.
وفي موازاة هذا الجهد، ما زال البحث قائما حول سبل تطبيق مقررات مؤتمر الحوار الوطني اللبناني العام 2006، وما أكدت عليه بيانات هيئة الحوار الوطني منذ العام 2008، لجهة العمل على انهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ومعالجة قضايا الامن والسلاح في داخلها، بما يضمن أمن الدولة والمواطنين واللاجئين الفلسطينيين على السواء. ونحن ننظر إلى تعاونكم المستمر سيادة الرئيس، لتوفير الظروف المناسبة لتحقيق هذه الأهداف.
من جهة أخرى، حرصت الحكومة اللبنانية، على تحسين الأوضاع الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين. إلا أن هذه الخطوات، على أهميتها، يجب الا تصرفنا عن واجب التأكيد على المسؤولية الأساسية، التي تقع على وكالة الأونروا، التي أنشئت خصيصا العام 1949، من أجل العمل على غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم.
وفي هذا المجال، فإنه يتوجب علينا حض المجموعة الدولية باستمرار، على تعزيز موارد الأونروا وقدراتها للسماح لها، بالاضطلاع دوما وبصورة أفضل، بواجب تأمين الحياة الكريمة اللائقة للاجئين الفلسطينيين. وهذه مسؤولية دولية قبل كل شيء. ويتوجب علينا كذلك تفشيل أي خطط ممكنة، لدمج الوكالة في هيئات أممية أخرى، كالهيئة العليا للاجئين، أو لإنهاء دورها وأعمالها، تمهيدا لاستيعاب اللاجئين في الدول المضيفة وتوطينهم.
وفي مطلق الأحوال، فإن مهمة الأونروا، تبقى في جوهرها، مهمة إنسانية موقتة وقائمة، إلى حين إيجاد حل سياسي نهائي وعادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. وهذا الحل لا يمكن أن يأتي إلا عن طريق الاعتراف بحق العودة لهؤلاء اللاجئين، والحؤول دون توطينهم في الدول العربية المضيفة، وبخاصة في لبنان، استنادا لما نصت عليه مقدمة دستورنا، والمبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية.
السيد الرئيس،
إن السعي الدائم لتحقيق المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية داخل مجتمعاتنا، على قاعدة الثوابت والمبادئ، شرط من شروط تدعيم مجمل قدراتنا الوطنية.
كما أن تغليب منطق الحوار والإصلاح ومسار الديموقراطية والحداثة في عالمنا العربي، لا يمكن إلا أن يشكل عنصر دعم لقضايانا العربية المحقة، وفي طليعتها قضية فلسطين.
وإذ تقدمون اليوم، على خطوة تاريخية باتجاه الأمم المتحدة، بالتنسيق مع الدول العربية، لإعلاء شأن دولة فلسطين وشعبها، يؤكد لكم لبنان من جديد، التزامه قضيتكم العادلة، واستعداده لوضع قدراته الديبلوماسية في خدمتها.
عشتم
عاش لبنان وعاشت فلسطين
كلمة الرئيس عباس
ورد الرئيس الضيف بالكلمة الآتية:
" فخامة الاخ الرئيس ميشال سليمان
اصحاب المعالي والسعادة
الاخوة والاخوات،
تغمرني السعادة اليوم وانا احضر هذا الافطار الرمضاني في بيروت عاصمة العزة والثقافة العربية، هنا بضيافة فخامتكم، واتوجه بفائق شكرنا لكم فخامة الرئيس ولحكومتكم وبرلمانكم وللشعب اللبناني الشقيق على اعلان لبنان الرسمي لتبادل العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الجمهورية اللبنانية ودولة فلسطين.
هذه الخطوة تأتي في توقيت هام، حيث قررنا وبدعم عربي كامل التوجه للامم المتحدة لنيل الاعتراف بفلسطين دولة ذات سيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ومن هنا من لبنان، والذي سيتولى قريبا رئاسة مجلس الامن اؤكد اننا دعاة سلام نسعى لنيل حريتنا واستقلالنا وسيادتنا على ارضنا وهو لا يتناقض مع مبدأ المفاوضات على اساس الشرعية الدولية وتوقف الاستيطان بشكل كامل. كما ان جهودنا ستبقى مستمرة من اجل تنفيذ اتفاق المصالحة لانهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية وتعميق وحدتنا الوطنية.
اخي فخامة الرئيس،
كان لبنان وشعبه، ولا يزال، ورغم كل ما يواجهه من تحديات البلد الشقيق الذي قدم تضحيات غالية من دماء ابنائه كما استضاف منذ نكبة عام 1948 مئات الآلاف من ابناء شعبنا في لجوئهم الموقت حتى يأتي اليوم وان شاء الله يكون قريبا، لعودتهم الى ارض وطنهم، فوجودهم في لبنان وجود موقت يخضع للقانون اللبناني. وان حصولهم على الحقوق المدنية والاجتماعية للعيش بكرامة هنا في لبنان، لا يعني مطلقا التوطين.
اننا نرفض مبدأ التوطين رفضا قاطعا، ونطالب بضمان حق العودة لكل فلسطيني ولذلك، لا يخطر ببالي ابدا ان هناك من يفكر بالتوطين لاننا نعرف تماما ماذا تعني هذه الكلمة. الفلسطينيون ضيوف موقتون خاضعون للقانون والسيادة اللبنانية وعلى رأس ذلك المخيمات الفلسطينية، ونحن لا نؤمن انه يوجد سلاح فلسطيني لحماية الفلسطينيين، وانما نحن بحماية الشعب اللبناني رئيسا وحكومة وبرلمانا وبالتالي، لسنا بحاجة لهذه الاسلحة ولا نريدها لاننا نؤمن ان لبنان ارضا واحدة وسيادة واحدة ودولة واحدة له قيادته وسلطانه على كل اراضيه دون استثناء.
فخامة الرئيس،
ننتهز الفرصة اليوم لننقل لفخامتكم ولحكومتكم ولشعبكم تحيات شعبنا الفلسطيني وتمنياته بأن ينعم لبنان بالاستقرار والرخاء وكل عام وانتم بخير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".