التاريخ : الأحد 07-12-2025

الحبر الأعظم في المخيمات    |     اللجنة العليا التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني تعقد اجتماعها العاشر في رام الله    |     نادي الأسير: قرار الاحتلال نقل المعتقل المسن محمد أبو طير لـ "ركيفت" هو إعدام بطيء    |     خوري: نور السلام الذي يشع من بيت لحم سيبقى حاضرا رغم الظروف    |     إيرلندا وإسبانيا وهولندا تعلق مشاركتها في يوروفيجن 2026 احتجاجا على مشاركة إسرائيل    |     روسيا تؤكد ثبات موقفها تجاه القضية الفلسطينية    |     شيخ العقل يلتقى مبعوث الرئيس الفلسطيني ياسرعباس و سفير دولة فلسطين د محمد الاسعد    |     فتوح: إسرائيل تواصل خرقها الفاضح لاتفاقية شرم الشيخ والقانون الدولي الإنساني    |     الرئاسة ترحب بالبيان الختامي للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية    |     فتوح يرحب بالبيان الختامي لقمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي    |     الرئيس يشكر نظيره الصيني على تقديم 100 مليون دولار دعماً إنسانياً لفلسطين    |     "فتح" ترحب بالموقف الصادر عن الرئيس الصيني بتأكيده على الدعم الثابت لشعبنا    |     هيئة الأسرى ونادي الأسير يعلنون عن أسماء ثلاثة شهداء من معتقلي غزة    |     بحضور السفير الفلسطيني في لبنان جمعية المواساة تحيي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني واليوم الدولي لل    |     السفير الاسعد: الثقافة قادرة على تثبيت الحقيقة وبناء جسور الصداقة بين الشعوب    |     السفير الاسعد يلتقي قيادة حزب طليعة لبنان العربي وجبهة التحرير العربية    |     دائرة التنظيمات الشعبية بمنظمة التحرير: العلاج والتأهيل والسفر للعلاج حق لكل ذي إعاقة    |     "هيئة الأسرى": التجويع والإهمال الطبي مستمران في سجون الاحتلال    |     الجمعية العامة تصوت على قرار يدعو لانسحاب إسرائيل من أرض دولة فلسطين    |     "مقاومة الجدار والاستيطان": 2144 اعتداء نفذها الاحتلال ومستعمروه في تشرين الثاني الماضي    |     "الإحصاء": تضاعف الإصابات الجسيمة في غزة إلى 42 ألفاً وارتفاع حاد في حالات البتر    |     فتوح يرحّب بالقرار الأممي الداعي إلى تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية    |     رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: الوقت قد حان لاتخاذ خطوات حاسمة بشأن القضية الفلسطينية    |     الرئاسة تثمن موقف الإجماع الدولي بالجمعية العامة لصالح إنهاء الاحتلال على الأرض الفلسطينية في القدس
» 23 نيسان 1969 يوم مشهود في حياة لبنان وثورة فلسطين

 

1969 نيسان 23

 

يوم مشهود في حياة لبنان وثورة فلسطين

 

معن بشور

24/4/2014

 

       لم يكن يوم 23 نيسان 1969 يوماً عادياً في حياة لبنان الحديث، كما لم يكن يوماً عادياً كذلك في حياة القضية الفلسطينية في العقود الاخيرة.

       يومها تنامى الى الوطنيين اللبنانيين انباء عن محاصرة  الجيش اللبناني لمجموعات من الفدائيين الفلسطينيين في القطاع الأوسط  (قضاء بنت جبيل)، ويومها كان الجرح اللبناني عميقاً بعد العدوان الصهيوني على مطار بيروت الدولي في 28 كانون الاول 1968 حيث نزلت قوات من الكوماندوس الاسرائيلي ارض المطار وأحرقت الاسطول الجوي التجاري اللبناني (طائرات الميدل ايست) ولم تواجهها اي مقاومة لأن العقيدة القتالية المعتمدة آنذاك كانت "قوة لبنان في ضعفه" بل كان الاحساس بالمهانة كبيراً بعد سماع تصريح موشيه دايان وزير دفاع العدو بعد حرب حزيران 1967 "بأن غزو لبنان لا يحتاج إلى اكثر من نزهة كتيبة مجندات تتوجه على دراجات هوائية إلى لبنان".

       ويومها ايضا كان الجرح العربي بليغا بعد نكسة الخامس من حزيران عام 1967 حيث أحتل الصهاينة اراض  في فلسطين ومصر وسوريا، تماما كما كان الأمل العربي كبيراً بالعمل الفدائي الفلسطيني لا سيما بعد معركة الكرامة الشهيرة في 21/3/1968، حيث صدّت مجموعات من مقاتلي (فتح)، وبمساندة من الجيش العربي الاردني، تقدماً عسكرياً صهيونياً شرق نهر الاردن، فأحّس العرب كلهم، ومعهم الوطنيون اللبنانيون، بطعم الكرامة يشّع من ارض الكرامة في الاردن، وأعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شعاره الشهير "المقاومة وجدت  لتبقى وستبقى" ترجمة لشعار آخر اعلنه بعد نكسة حزيران مباشرة " ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".

       لم يفهم اصحاب القرار آنذاك في السلطة اللبنانية حجم الانتصار الشعبي اللبناني للعمل الفدائي الفلسطيني، ولا حجم الاعتراض على السياسة الرسمية المعتمدة آنذاك بتجاهل المخاطر الصهيونية على لبنان، وهو اعتراض عبّر عنه طلاب لبنان في كل جامعاتهم آنذاك (اللبنانية، اليسوعية، الامريكية، العربية) بانتفاضة كبرى استمرت عدة اسابيع احتجاجاً على ما جرى في مطار بيروت الدولي في الايام الاخيرة من العام 1968

       يومها، أي في 23 نيسان 1969، اجتمع الوطنيون اللبنانيون من كل لبنان في ساحة البربير ( وقد بات اسمها بعد تلك التظاهرة بساحة 23 نيسان) واستعدوا للانطلاق بتظاهرة في الشارع العريق بالتظاهرات (خط البسطة إلى السراي الحكومي) دعما للعمل الفدائي الفلسطيني.

       فجأة انهمر رصاص السلطة على المتظاهرين، وسقط منهم الشهيدان احمد ولي الدين وصفوان دندشي من طرابلس والعديد من الجرحى بينهم النقابي البارز محمد قاسم، واستقالت حكومة الرئيس الشهيد رشيد كرامي في سابقة لم تتكرر بعدها إلا مع وزير داخلية سابق هو الوزير بشارة مرهج الذي رفض اطلاق النار على مسيرة لجمهور المقاومة في 13 ايلول 1993 ضد اتفاقية اوسلو مما أدى الى اقالته، بعد أخذ ورد، في ما عرف بمرسوم "منتصف الليل" الذي اصدره الرئيسان الراحلان الياس الهراوي ورفيق الحريري فور عودتهما ليلاً من دمشق بعد زيارة اليها ضمتهما الى رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ولقاء طويل مع الرئيس الراحل حافظ الاسد.

       ادت استقالة الرئيس رشيد كرامي الى ازمة حكم وفراغ حكومي استمر منذ نيسان 1969 حتى تشرين الثاني من العام نفسه، ولم تنته إلا بعد اتفاق القاهرة الموّقع من قائد الجيش اللبناني آنذاك، العماد الراحل اميل بستاني ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية الرئيس الراحل ياسر عرفات وبرعاية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

       كانت تلك المسيرة الدامية منطلقاً لانبعاث حركة شعبية ووطنية لبنانية عابرة للمناطق والطوائف، اخذت تلعب دوراً  متعاظماً في حياة لبنان والمنطقة كما شكلت تلك التطورات سبباً في هزيمة ما عرف آنذاك بحكم "المكتب الثاني" مفسحة في المجال لانتخاب  الرئيس الراحل سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وهو المتحالف يومها مع الرئيسين الراحلين كامل الاسعد وصائب سلام في ما أطلق عليه اسم "تكتل الوسط" يميّز نفسه عن "النهج" الشهابي وعن الحلف الثلاثي الذي برز بقوة في انتخابات 1968 بعد ما تعرضت له زعامة ناصر في حرب 1967.

       كان اتفاق القاهرة ايضا منطلقاً لوصول المقاومة الفلسطينية  الى جبهة ثانية هي الجبهة اللبنانية بعد تمركزها في اغوار الاردن بعد حرب حزيران، بل ليصبح لبنان الجبهة الوحيدة للمقاومة بعد خروجها من الاردن بعد احداث ايلول 1970 وتموز 1971 ، بكل ما أطلقه انتقال قوات المقاومة الفلسطينية إلى ذلك من تفاعلات لا سيما في الانفجار الامني الكبير الذي بقي مستمراً منذ نيسان 1975 الى تشرين اول 1990 مما يشير الى امكانية اعتبار 23 نيسان 1969 يوماً لافتتاح الاحداث الدامية التي عاشها لبنان.

       ولا يخفى على احد، ان العودة بالذاكرة الى ذلك اليوم المفصلي في تاريخ لبنان يعيد الى الاذهان مجموعة عبر ودروس ينبغي الاستفادة منها اليوم وغداً وكل حين...

       لكن ما نفتقده في هذا اليوم التاريخي هو  ثلاث :

       اولها: نفتقد الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي مثّل على مدى السنوات رمزاً للالتزام الصادق بقضايا وطنه وأمته حتى قضى شهيداً متمسكاً بوحدة لبنان وعروبته.

       ثانيهما: نفتقد الحركة الوطنية الشعبية الجامعة لكل تيارات النهوض والتحرر، والعابرة لكل المناطق والطوائف، والمؤسسة لبرنامج اصلاح وطني وديمقراطي، فلقد تم اغتيال هذه الحركة ايضا لاسباب عدة ليس المجال للخوض فيها الان.

       ثالثهما: نفتقد تلاحماً لبنانياً – فلسطينياً، سطر واحدة من ابرز لوحات وحدة النضال الشعبي العربي التي تعرضت وما زالت لأشرس الحروب والمؤامرات والفتن التي استفادت دون شك من أخطاء وخطايا وقع بها الجميع، وتستحق مراجعة من الجميع، مراجعة قائمة على قاعدة الالتزام بنهج المقاومة المستمرة للاحتلال، وقاعدة الاحترام لسيادة لبنان ولحقوق الاخوة الفلسطينيين.



- منسق عام تجمع اللجان والروابط الشعبية

2014-04-24
اطبع ارسل