الرئيس محمود عباس: من هو الذي سأخشاه؟
مقابلة للسيد الرئيس محمود عباس مع صحيفة كريستيان ساينس مونيتورالاميركية
الرئيس محمود عباس ناقش عدة مواضيع في مقابلة أجرتها معه راغده درغام: المواضيع تشمل التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية والمقاومة السلمية لإسرائيل والعلاقات مع سوريا وتركيا وإيران وأقوال أوباما وتناقضاته من أفعال ورغبته في العودة إلى المفاوضات.أجرت رغده درغام مقابلة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نيويورك، وكانت هذه المقابلة أولى المقابلات التي أجريت مع سيادته بعد خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث والعشرين من أيلول.
راغده درغام: السيد عباس، ما هو الشعور الذي انتابك وأنت تقف أمام الجمعية العامة؟ ما هو شعورك الشخصي وأنت تقف هناك في تلك اللحظة التاريخية؟
الرئيس عباس: شعرت حقا أننا نشهد حدثا تاريخيا، ونحن نحمل معنا مطلب الحق والعدل وتحديدا طلبنا للحصول على دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة مثلنا مثل بقية الشعوب. وإذا تمكنا من إجراء التصويت فسنحصل على التأييد بالإجماع، ولكن للأسف هناك من يريدون أن يمنعوا الفلسطينيين من الوصول إلى ذلك وهناك من يريدون أن يرفضوه، وكل ما يمكننا فعله هو أن نصبر.
راغده درغام: هل أنت خائف من ردود الأفعال؟ هل هذه مغامرة تخشى أن تجلب لكم عواقب وخيمة؟
الرئيس عباس: إنها ليست مغامرة، بل على العكس من ذلك، إنها مسعى محسوب بشكل جيد. نحن نناقش هذه القضية منذ أكثر من عام، وقمنا بدراسة جوانبها بالتفصيل الكامل: إلى أين نحن ذاهبون وكيف نذهب إلى هناك؟ تباحثنا ذلك الأمر مع الدول العربية التي كانت على تواصل كامل معنا في كل خطوة اتخذناها، وخصوصا لجنة المتابعة العربية. ولهذا السبب نحن لم نقم بمناورة ولم نتلاعب بل كنا واضحين تماما أمام الجميع. هذا هو موقفنا وهذا ما نريد فعله. هذا لم يسجل فقط في محاضر الاجتماعات بل في تصريحاتنا أيضا.
راغده درغام: هل سيقودكم الفيتو الأمريكي إلى بدائل مدروسة من ناحيتكم؟ ما الذي ستقومون به؟ ما هي البدائل في حال استخدمت أمريكا الفيتو؟
الرئيس عباس: قلت سابقا بأننا سنعود إلى أرض الوطن وسندرس كل الاحتمالات، وهذا يعني أننا لن نرفض أي مقترح بشكل مسبق، بل سندرس هذه المقترحات وفقا للقواعد الأساسية التي نحتفظ بها. وبعبارة أخرى، نحن نريد العودة إلى المفاوضات ولكن لا عودة للمفاوضات بدون الاعتراف بحدود عام 1967 ووقف النشاط الاستيطاني. نحن بانتظار أن يقوم مجلس الأمن بحل هذه المسألة في الوقت المناسب من خلال إجراءاته الرسمية والفنية. ولكننا ومع ذلك نرفض أية لعبة سياسية تهدف إلى العرقلة والمماطلة.
راغده درغام: هل هناك سيناريو لقيام مجلس الأمن باتخاذ قرار تأجيل، فقط التأجيل في حال وصول الطلب الفلسطيني إلى حين أن تختتم الدول الأوروبية بجانب الدول العربية جهودها ؟
الرئيس عباس: نحن لا نبحث في هذه المسألة حاليا كما أننا نرفض وبكل تأكيد أي نوع من التأخير أو العرقلة.
راغده درغام: ما الذي ستجنيه في حال توقف طلبكم أمام الفيتو الأمريكي؟
الرئيس عباس: الولايات المتحدة ستكون قد قمعت الديمقراطية في حال حرمت الشعب الفلسطيني من حق الحرية وحق تقرير المصير، وبالتالي سيتعين عليها أن تتحمل مسؤولية أفعالها.
راغده درغام: ولكن هناك من يتساءل لماذا المجازفة بخسارة الرئيس الأمريكي الذي يتعاطف معكم ومع قضيتكم؟
الرئيس عباس: إنه رئيس الولايات المتحدة الذي تحدث عن ضرورة وقف الاستيطان، إنه الرئيس الأمريكي الذي تحدث عن حدود عام 1967؛ عليه أن يفي بكلماته على أقل تقدير.
راغده درغام: هل يمكن أن تصبح مقترحات السيد ساركوزي بديلا؟
الرئيس عباس: قلنا سابقا أننا نقدر ما يقوم به ساركوزي، ولكن ردنا الرسمي سيكون بعد التشاور مع القيادة الفلسطينية. نحن سنقدم كل شيء بالتفصيل أمام القيادة الفلسطينية، والقيادة ستقرر ما هو الموقف المناسب.
راغده درغام: هل تم إقصاء اللجنة الرباعية جانبا؟ هل تشعرون بخيبة أمل من مواقف اللجنة الرباعية؟
الرئيس عباس: للأسف، فشلت اللجنة الرباعية في السنة الماضية في إصدار بيان، بالرغم من حقيقية إصدارها في الماضي قرارات كانت جيدة بالفعل. لكنها هذا العام ومنذ أيلول حتى هذه اللحظة فشلت بالقيام بذلك. فشلت الرباعية مرتين في تلبية ما هو مطلوب، وفي المرة الثالثة فإن الرباعية هي من رفضت الاقتراحات الأمريكية وليس نحن من رفضها. رفضت روسيا وأوروبا والأمم المتحدة ما قدمته أمريكيا من مقترحات. وهذا يعني أن ما عرضته الولايات المتحدة كان مرفوضا من الجميع، تلك المقترحات التي تحدثت عن دولة يهودية والكتل الاستيطانية وكأنها أمرا واقع، وتحدثت أيضا عن أمن يبقى تحت السيطرة الإسرائيلية. وبعد ذلك يأتي إلينا مبعوث الرباعية توني بلير حاملا معه الأفكار التي رفضتها الرباعية نفسها. لهذا السبب، أخبرت الرئيس أوباما أننا نرفض مثل هذه الأفكار.
راغده درغام: هل صحيح أن بيان اللجنة الرباعية الذي أخبركم عنه الأمين العام للأمم المتحدة يتضمن أفكارا جديدة؟
الرئيس عباس: هم قدموا بعض الأفكار والآراء. نحن قلنا لهم أننا سنستمع إليهم و نناقشهم، وبعد ذلك سنقدم لهم ما لدينا من تعليقات (تغذية راجعة).
راغده درغام: اقترح ساركوزي جدولا زمنيا للمفاوضات، هل أنتم على استعداد للمضي قدما فيما اقترحه؟
الرئيس عباس: المسألة الأولى هي المفاوضات قبل الإطار الزمني، هذا هو المهم. لكن القضية الجوهرية هي فحوى المفاوضات. إذا كان فحوى المفاوضات مناسبا فسنقول نعم، وبعد ذلك سيتم تحديد إطار زمني للمفاوضات. سنقوم بوضع إطار زمني للموضع الذي نختتم فيه المفاوضات.
راغده درغام: انتقدت حماس خطابك، بينما كان العالم يصفق لك ويقدم لك الترحاب المليء بالحماس، كانت هناك مواقف وتصريحات ضدك!؟
الرئيس عباس: قالت حماس منذ البداية إن هذا التوجه هو أحادي الجانب وتحرك من جانب واحد. هذا صحيح لأننا ربما لم نتشاور معهم في الأمر. ولكن "إذا لم تستشرني فأنا ضدك"!. أنا أتفهم جوهر موقفهم على الأقل، لكنهم يفتخرون بخطئهم. لقد استمروا برفضهم وبدءوا يبحثون عن الذرائع، وقالوا إن الخطاب فيه تناقضات وغير ذلك. لقد فهم العالم بأكمله الخطاب ومع ذلك هم يقولون إن الخطاب مليء بالتناقضات. إنه لأمر مؤسف.
راغده درغام: هل هناك حديث عن حل السلطة الفلسطينية؟
الرئيس عباس: نحن لا نتكلم عن حل السلطة.
راغده درغام: اقترحتم ما هو قريب من انتفاضة مدنية ضد الاحتلال.
الرئيس عباس: أنا لم أقل انتفاضة، فالانتفاضة موجودة منذ وقت. المقاومة السلمية والشعبية موجودة في بلعين ونعلين وفي مدن فلسطينية أخرى قريبة من الجدار؛ يقوم بها فلسطينيون وإسرائيليون ومتضامنون أجانب كل أسبوع. نحن نشجع هذه الاحتجاجات السلمية والشعبية التي ليست ضد القانون الدولي، بل إنها ضد الاحتلال، ويستخدم فيها وسائل سلمية. ما هو المطلوب منا؟ علّمونا أخواننا العرب بانتفاضاتهم وربيعهم، هم يتكلمون عن سلمية مظاهراتهم، وقد أثبت هذا بالفعل أن هذه الوسيلة هي أكثر وسيلة فعالة لنيل الشعوب حقوقها.
راغده درغام: هل تخشى قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ تهديداته باتخاذ إجراءات؟ فقد صرح على ما يبدو بتهديدات يمكنها أن تصل إلى حد العمل العسكري؟
الرئيس عباس: يمكنه فعل أي شيء على الصعيد العسكري، فنحن ليس بإمكاننا مواجهته على الصعيد العسكري كما أننا لا نرغب بذلك. إذا رغب نتنياهو بذلك فستكون جميع الأبواب مفتوحة أمامه.
راغده درغام: هل تخشى قطع الولايات المتحدة مساعداتها المالية المقدمة لك؟
الرئيس عباس: هناك حديث عن قطع المساعدات، لكن على الأمريكان أن يخبرونا عن السبب وراء قطع المساعدات. ولكن علينا عبور الجسر عندما نريد الوصول.
راغده درغام: هل أنتم على علاقة جيدة مع سوريا؟ لماذا لا تقومون بزيارة إلى إيران؟ كان أول من بارك لك على خطابك هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان، وأمير قطر. ما هي طبيعة علاقتكم الحالية مع تركيا وقطر مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك منافسة تركية إيرانية على المنطقة؟ وما هي طبيعة علاقتكم الحالية مع سوريا وإيران؟
الرئيس عباس: كان هناك وفد إيراني رحب بنا عندما ذهبنا إلى المؤتمر، كما هو الحال بالنسبة للوفد السوري الذي التقينا معه.
راغده درغام: هنا؟
الرئيس عباس: نعم التقينا مع الوفد السوري البارحة كما أننا التقينا أكثر من مرة سواء في الجمعية العامة أو في منزل الأمير القطري، كما جاء اليوم نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد وهنّأني. نحن لسنا على علاقات سيئة مع أي جهة بل على العكس نحافظ على علاقات جيدة مع الجميع. وبالنسبة لعلاقتنا مع أوردوغان وأمير قطر، علاقتنا معهم ممتازة. ليس لدينا أي مشاكل مع أي أحد، ولهذا السبب جاء الجميع وهنئنا ورحب بنا.
راغده درغام: هل هناك ما يخيفك؟
الرئيس عباس: من الذي ينبغي أن أخاف منه؟ مرحبا بنتنياهو إذا أراد مهاجمتنا، مرحبا به إذا أراد فسخ الاتفاقيات، يمكنه فعل ما يريد لأنه هو المحتّل ليس نحن. هو يحتل أرضنا ويمكنه فعل أي شيء، لكننا لن نخضع لما يريده، يجب علينا معارضته بكل وسائلنا السلمية.