التلويح بالمجزرة
الحياة الجديدة/ رئيس التحرير
المستوطنون الذين اختطفوا الفتى ابو خضيرالذي لم يتجاوز عمره السادسة عشر عاما بعد، ثم قاموا بقتله، وبعد ذلك بحرق جثته ثم جرجرتها ليلقوا بها على اراضي قرية " دير ياسين " المستوطنون هؤلاء لم يفعلوا كل ذلك بفورة غضب، ولا نقول ايضا بدم بارد وانما فعلوه بدم فاسد مريض بالحقد والعنصرية، والابشع فعلوه بقصدية التلويح بالمجزرة حينما ذهبوا بجثة الفتى الضحية الى تلك القرية الفلسطينية التي كانت مسرحا لأولى المجازر الاسرائيلية ضد شعبنا، عادوا الى مسرح الجريمة الاولى ليهددوا بها، وبغطرسة الخارجين عن القانون، عادوا ليتفاخروا بها تراثا أليفا، وطريقا وحيدة يعرفونها لكي يكونوا...!!!
نعم لم يذهب المستوطنون بجثة الفتى الضحية الى " دير ياسين " إلا من اجل هذا التلويح وهذا التهديد وهذه المفاخرة التي لا تليق بالطبيعة البشرية، فهل ينتبه العالم الى ما تفعله اسرائيل اليوم وهي تشعل بهروبها من طاولة السلام، نيران فكرة المجزرة بحلولها الدموية البشعة.؟ هل ينتبه العالم الى ما يحدث من تشبث اسرائيلي بهذه الفكرة التي تريد ان تجعلها دبابة الاحتلال اليوم اكثر فعالية..!!
لم نبررنحن ولا بأي صيغة كانت عملية خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم فيما بعد، والقاتل بالمناسبة ما زال مجهولا بما يشي بالشبهة الجنائية، لكن اسرائيل حسمت امر هذه العملية منذ البداية وكما تشتهي اهدافها الاستيطانية، وقبل اية تحقيقات عملية وموضوعية، وراحت تباشر اوسع واعنف عملية عقاب جماعية ضد شعبنا في الضفة وغزة، ومع ذلك تصدت القيادة الفلسطينية لهذا الحدث وقالت كلمة صدق وحق بانسانية الجملة السياسية التي لم ترق للبعض عندنا، وخاصة من اصحاب الشعارات الشعبوية..!!
لم نبرر نحن ولن نبرر، ونعرف ان القتل على هذا النحو لا يخدم قضية عادلة، فهل تفعل اسرائيل نتنياهو مثلما فعلنا، هل يدين نتنياهو قتل الفتى ابو خضير..؟؟ ندرك ان الرئيس ابو مازن حينما يطالب نتنياهو بادانة خطف وقتل الفتى ابو خضير، فانه لا يفعل ذلك لعقد مقارنات سياسية استهلاكية، وانما ليؤكد مصداقية مواقفنا في انسانية الجملة السياسية برغم جراحنا العميقة والنازفة التي تخلفها حراب الاحتلال المغروسة في خواصرنا وصدورنا.
على الاغلب لن يذهب نتنياهو الى ادانة تقود الى عقاب حقيقي وان فعل (ولحسن النية سطوة عندنا) فلا نظن ان العقاب سيتجاوز "قرش شدمي" الذي بات في حكم التاريخ كشاهد عدل على عنصرية العدالة الاسرائيلية وبشاعتها، فهو القرش الذي حكمت به محمكة عسكرية اسرائيلية على العقيد "يسخار شدمي" يدفعه كغرامة جراء مسؤوليته عن مذبحة كفر قاسم التي راح ضحيتها تسعة واربعون فلسطينيا بينهم ثلاثة وعشرون طفلا.
لكن لا مذبحة كفر قاسم ولا مجزرة دير ياسين ولا كل المجازر التي ارتكبتها اسرائيل ضد شعبنا جعلته يهاب القوة الغاشمة ليهرب من ساحات المواجهة والصراع وانما زادته اصرارا على المضي في دروب هذه الساحات لانتزاع حقوقه المشروعة وتحقيق اهدافه العادلة، فكيف بالتلويح بالمجزرة ان تجعله هذا الخائف الهارب المتراجع...!!