الرئيس لمجلة 'شؤون فلسطينية': بذهابنا لمجلس الأمن كنا نتمرد على سياسة القوة
لمرحلة الجديدة تتطلب إعادة تهيئة مكونات النظام الفلسطيني
لن نرضى بوضع يسمح باستمرار الاستيطان والاحتلال لأرضنا
رام الله 11-11-2011
قال الرئيس محمود عباس إنه 'بذهابنا لمجلس الأمن كنا نتمرد على سياسة القوة، ونعيد الاعتبار لمفاهيم الحق والعدالة والحرية، وهو ما أثار إعجاب العالم بنا'.
وأضاف السيد الرئيس، في حديثه لمجلة 'شؤون فلسطينية'، 'لقد نجحنا من خلال ذهابنا إلى الأمم المتحدة في وضع القضية الفلسطينية على رأس الأجندة السياسية الدولية، ونحن بذلك نرد لها الاعتبار في مواجهة المحاولات اليائسة لتنحيتها جانبا'.
وقال سيادته إن عنوان المرحلة المقبلة هو مواصلة العمل على نزع الشرعية عن الاحتلال ونيل اعتراف المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعضويتها في الأمم المتحدة.
وبين أنه 'في المرحلة المقبلة سننظر في الخيارات المتاحة لنا كافة، وسنفعل كل ما من شأنه التسريع في إنهاء الاحتلال'.
وحول الوضع الداخلي الفلسطيني، قال السيد الرئيس: 'إذا كانت المراجعة وتصحيح أوضاعنا الداخلية أمرا مطلوبا قبل ذهابنا إلى الأمم المتحدة، فإن ذلك أصبح ضرورة ملحة بعد أن دخلنا مرحلة جديدة لها مقتضياتها'، مضيفا أن 'المرحلة الجديدة التي دخلناها في نضالنا السياسي من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة تتطلب إعادة تهيئة مكونات النظام الفلسطيني على صعيد المنظمة والسلطة والمؤسسات الوطنية المختلفة'.
وتابع السيد الرئيس أن الدولة الفلسطينية أصبحت اليوم حقيقة سياسية واقعة، وسوف تتحول إلى حقيقة قانونية في اللحظة التي ينحسر فيها الاحتلال عن الأرض الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالخيارات والبدائل الأخرى، قال سيادته 'سوف ننظر في الخيارات كلها التي من شأنها أن تفشل سياسات الاحتلال من ناحية، وأن توصلنا إلى إقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية من ناحية أخرى. والشعب الفلسطيني بتجربته الوطنية والنضالية الغنية لا تعوزه السبل لتتويج مرحلة نضاله بالاستقلال والدولة. إن فكرنا ليس جامدا وسنفعل ما يتحتم علينا من أجل تحقيق أهدافنا الوطنية'.
وأكد سيادته أن 'حقنا في الدولة مقدس، وسعينا لإنجاز هذا الحق لن يتوقف، ولكننا قد نضطر إلى تغيير الوسائل والأساليب للتسريع في إضفاء الطابع السيادي على هذه الدولة'، مشددا على أنه 'وفي كل الأحوال، لن نرضى بوضع يسمح باستمرار الاستيطان والاحتلال لأرضنا'.
وفيما يتعلق بموضوع يهودية الدولة الإسرائيلية، قال السيد الرئيس إنه 'في الوقت الذي نرفض فيه الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، فقد أكدنا اعترافنا بدولة إسرائيل في الاتفاقات الموقعة بيننا. وبالمناسبة، أنا لست على علم بأية دولة في العالم تعترف بإسرائيل كدولة يهودية، فالاعتراف الرسمي بين الدول لا يقوم على هذا الأساس'.
وتجدر الإشارة إلى أن حديث السيد الرئيس لمجلة 'شؤون فلسطينية'، التي حرصت، بعد عودتها مجددا، على إجراء حديث شامل ومعمق مع سيادته، أجري في مدينة رام الله، بعد عودة سيادته من إلقاء خطابه التاريخي الشامل من على منبر الأمم المتحدة، وقد شمل الحديث المحاور الفلسطينية والإقليمية والدولية كافة.
وأجرى الحديث كل من: الكاتب والباحث في الشؤون الفلسطينية سميح شبيب، ورئيس وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) رياض الحسن، والأستاذ المحاضر في دائرة العلوم السياسية بجامعة بيرزيت سمير عوض، والباحث في الشؤون الإسرائيلية عبد الحفيظ محارب.
وفيما يلي نص الحديث:
أحدث خطابكم في الأمم المتحدة صدى واسعا ولقي تأييدا شعبيا فلسطينيا وتعاطفا عربيا ودوليا، فما هي أسباب ذلك في رأيكم؟
-لقد سرد الخطاب الرواية الفلسطينية ببعديها الإنساني والسياسي، وقدم مرافعة مقنعة بأحقية وجدارة الشعب الفلسطيني بنيل استقلاله والاعتراف بدولته المستقلة. كما عكس الخطاب نضجا ومصداقية عالية للدبلوماسية الفلسطينية. فقد تمكنا خلال السنوات الماضية، بجلدنا ومثابرتنا، وإدارتنا الرزينة والمسؤولة للصراع، من نيل ثقة وتعاطف المجتمع الدولي. كما تمكنا من نزع الذرائع المختلفة التي تذرعت بها الحكومة الإسرائيلية للتهرب من استحقاق السلام وأصبح الجميع يدرك بأن هذه الحكومة هي التي تعرقل الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام.
لقد استطعنا كسب تأييد وتعاطف معظم دول وشعوب العالم بعدالة قضيتنا وقوة منطقنا وعزيمة شعبنا وتضحياته من أجل التخلص من الاحتلال. إن كلمة الاحتلال كلمة مقيتة، ولا يمكن أن تلقى أي قبول من الشعوب المحبة للسلام، وإسرائيل بكل قوتها وقوة حلفائها لم تستطع إضفاء الشرعية على احتلالها.
لقد تعاطف العالم مع صمودنا أمام التهديدات والضغوط التي مورست علينا بعدم الذهاب إلى مجلس الأمن طلبا للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة. فبذهابنا لمجلس الأمن كنا نتمرد على سياسة القوة، ونعيد الاعتبار لمفاهيم الحق والعدالة والحرية، وهو ما أثار إعجاب العالم بنا.
لقد أردنا بخطابنا في الأمم المتحدة إعادة الاعتبار أيضا للشعب الفلسطيني المكافح من أجل حريته والقضاء على أوهام ومراهنات خاطئة بأن هذا الشعب يمكن أن يتعايش مع الظلم والإجحاف والاحتلال إلى ما لا نهاية.
لقد نجحنا من خلال ذهابنا إلى الأمم المتحدة في وضع القضية الفلسطينية على رأس الأجندة السياسية الدولية، ونحن بذلك نرد لها الاعتبار في مواجهة المحاولات اليائسة لتنحيتها جانبا.
إن تأييد الشعب الفلسطيني والتعاطف الدولي الكبيرين لمسعانا يمنحانا الثقة والحافز لمواصلة جهودنا الحثيثة لنيل حريتنا واستقلالنا.
مرحلة جديدة من النضال:
في تقويم غالبية المراقبين، سواء انتموا إلى عالم السياسة، أو عالم الصحافة، فإن خطابكم في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/9/2011 مثل نهاية مرحلة وبداية مرحلة مختلفة، هل تتفقون مع هذا الرأي؟ وإذا اتفقتم معه، فما هي ملامح المرحلة الجديدة؟.
-في المرحلة الماضية، وعلى مدى سنوات، سعينا بكل جدية للتوصل إلى حل عبر المفاوضات، ولكن الحكومة الإسرائيلية لم تبد أي قدر من الجدية ولجأت بدلا من ذلك إلى سياسة من التسويف والمماطلة. فرفضت الالتزام بمرجعية للمفاوضات وتحديد سقف زمني لها، والأهم من ذلك رفضت وقف الاستيطان الذي ينهب الأرض. ولقد أصبحنا نشعر أن وجودنا المادي والوطني على أرضنا أصبح مهددا، فاستمرار الاستيطان بهذه الوتيرة لن يبقي لنا أرضا نقيم عليها دولتنا، ولن يمكننا من قيام كيان وطني مستقل وقابل للحياة يلبي طموحات شعبنا في الحرية والاستقلال والحياة الطبيعية.
إن ذهابنا إلى الأمم المتحدة كان بمثابة رسالة بأنه لم يعد بمقدورنا الاستمرار في هذا الوضع الخطير. ولا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يقوم الاحتلال بعملية ممنهجة لتهويد القدس، عاصمة دولتنا الفلسطينية، ومواصلة الاستيطان في أنحاء الضفة الغربية كافة. لقد قررنا بذهابنا إلى الأمم المتحدة أن نسلك نهجا آخر، ينقل قضيتنا إلى المجتمع الدولي ليتحمل مسؤوليته في إحقاق حقوقنا المتمثلة في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة والاعتراف بها، وقبول عضويتها في الأمم المتحدة. لقد أردنا نزع الشرعية عن الاحتلال ووضع حد لعبثه بوجود ومستقبل شعبنا. كان هدفنا واضحا تماما في كل المراحل لكننا الآن نشرك المجتمع الدولي كله لتحمل مسؤولياته.
إن عنوان المرحلة المقبلة هو مواصلة العمل على نزع الشرعية عن الاحتلال ونيل اعتراف المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعضويتها في الأمم المتحدة.
فإن كان من شأن مفاوضات جادة تقوم على وقف شامل للاستيطان وذات مرجعية وإطار زمني محددين تحقيق هذا الهدف فلا مانع لدينا للعودة إلى المفاوضات. ولكننا بحاجة إلى ضمانات أكيدة بالتزام إسرائيل بهذه المرجعيات. ومع ذلك، نحن لا نرى أي تناقض بين العودة إلى المفاوضات طبقا لهذه الأسس، وبين الاعتراف بدولة فلسطين وقبولها عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، لأن ذلك ينسجم تماما ومبدأ حل الدولتين الذي يقر به الجميع. لا عودة إلى الوراء، في المرحلة المقبلة سننظر في الخيارات المتاحة لنا كافة، وسنفعل كل ما من شأنه التسريع في إنهاء الاحتلال.
الوضع الداخلي الفلسطيني ونجاعة الأداء:
إن التعديل الجوهري في السياسة الخارجية يتطلب أحيانا إحداث تعديلات ملائمة في الوضع الداخلي. فهل في برنامجكم اتخاذ إجراءات معينة تخص فتح والمنظمة والسلطة؟.
-لا يستطيع المرء أن يتجاهل علاقة وضعنا الداخلي وسلامته بنجاعة أدائنا في السياسة الخارجية، فكلما كان الوضع الداخلي قويا، كلما كانت سياستنا الخارجية أكثر فعالية.
وإذا كانت المراجعة وتصحيح أوضاعنا الداخلية أمرا مطلوبا قبل ذهابنا إلى الأمم المتحدة، فإن ذلك أصبح ضرورة ملحة بعد أن دخلنا مرحلة جديدة لها مقتضياتها.
المرحلة الجديدة التي دخلناها في نضالنا السياسي من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة تتطلب إعادة تهيئة مكونات النظام الفلسطيني على صعيد المنظمة والسلطة والمؤسسات الوطنية المختلفة. كما يجب أن تطال إعادة التهيئة هذه التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني. عملنا الجديد هذا يجب أن يندرج في إطار رؤية وطنية شاملة تبنى عليها استراتيجيات عمل وخطط وآليات محددة.
وحركة 'فتح' غير مستثناه من هذه العملية، وربما تقع عليها مسؤولية أكبر من تلك التي تقع على بقية الفصائل، بصفتها الحركة الأكبر. كما أن 'فتح' مطالبة بأن تقوم بإعادة تفعيل وتنظيم نفسها بما يتلاءم مع المهمات التي توجبها المرحلة الجديدة التي دخلناها بعد ذهابنا إلى الأمم المتحدة.
وعلى صعيد السلطة، نأمل أن ننجح في تشكيل حكومة جديدة من شخصيات مستقلة تحضر لأجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما يمكن لهذه الحكومة أن تسهم في إعادة تهيئة الوضع الفلسطيني لمواجهة التحديات الجديدة التي أصبحنا نواجهها بعد ذهابنا إلى الأمم المتحدة، ونأمل من حركة 'حماس' أن تغلب المصلحة الوطنية العليا، وتقدر خطورة الظروف التي نعيشها وذلك بالتجاوب مع مسعانا في تشكيل الحكومة الجديدة.
ومن الطبيعي أن المرحلة الجديدة تتطلب تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها لتقوم بدورها على أكمل وجه، ونأمل أن يتمخض الحوار الجاري بين حركتي 'فتح' و'حماس' عن اتفاق سريع من أجل إعادة تهيئة المنظمة بحيث تستوعب القوى الفلسطينية كافة في أطرها القيادية والتمثيلية والمؤسساتية، وتمارس دورها في تنظيم وتعبئة أبناء شعبنا في الداخل والخارج.
السلطة الفلسطينية نواة الدولة:
شكلت السلطة الوطنية الفلسطينية نواة الدولة، ولكن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال قائما، ولا تزال السلطة تمارس مهامها، هل لا يزال هذا الوضع قابلا للاستمرار؟ وما هي البدائل؟.
-كانت البداية في قيام الكيانية الفلسطينية بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بأطرها القيادية والتمثيلية، كاللجنة التنفيذية التي كانت بمثابة حكومة للشعب الفلسطيني والمجلس الوطني الذي كان بمثابة برلمان والميثاق الوطني الذي شكل ما يشبه الدستور الفلسطيني، بالإضافة إلى مؤسسات المنظمة المختلفة التي عنيت بإدارة شؤون الفلسطينيين في مجالات الحياة كافة، وشكلت بذلك بديلا لمؤسسات الدولة.
وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، كنواة للدولة الفلسطينية، أخذت ملامح الدولة الفلسطينية الحديثة في التبلور على الأرض من خلال التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع الفلسطيني. فقد تأسست السلطات الثلاث للنظام الفلسطيني، السلطة التشريعية المتمثلة في المجلس التشريعي، والسلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة، والسلطة القضائية، وجرى الفصل بين هذه السلطات وأعمال حكم القانون ومبادئ الرقابة والشفافية والمساءلة، وأصبح لدينا قانون أساسي، كمرجع دستوري لمجموعة كبيرة من التشريعات والقوانين العصرية التي كان من شأنها تنظيم حياتنا. وأجرينا الانتخابات التشريعية والرئاسية النزيهة في شكل دوري، وأصبحت الديمقراطية هي السمة الأبرز للنظام السياسي الفلسطيني.
ومنذ قيام السلطة، وحتى يومنا هذا، تواصلت جهود بناء الدولة بمؤسساتها وبنيتها التحتية واقتصادها الوطني ومجتمعها المدني، فأصبح العالم، بمؤسساته الدولية ذات الاختصاص، كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يشهد بأهلية الدولة الفلسطينية وقدرتها على الحياة.
لقد أصبحت الدولة الفلسطينية اليوم حقيقة سياسية واقعة، وسوف تتحول إلى حقيقة قانونية في اللحظة التي ينحسر فيها الاحتلال عن الأرض الفلسطينية.
أما فيما يتعلق بخيارتنا وبدائلنا الأخرى، فسوف ننظر في الخيارات كلها التي من شأنها أن تفشل سياسات الاحتلال من ناحية، وأن توصلنا إلى إقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية من ناحية أخرى. والشعب الفلسطيني بتجربته الوطنية والنضالية الغنية لا تعوزه السبل لتتويج مرحلة نضاله بالاستقلال والدولة. إن فكرنا ليس جامدا وسنفعل ما يتحتم علينا من أجل تحقيق أهدافنا الوطنية.
لم يكن في حسباننا أن تصبح السلطة، ومنذ اليوم الأول الذي تأسست فيه، أداة لتأبيد الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، أو إعفائه من مسؤولياته تجاه الشعب المحتل، أو القيام بوظائف وخدمات نيابة عنه. ففي اللحظة التي تؤول فيها السلطة إلى هذا المآل، لا بد من إعادة النظر في وضعها.
وإن كان هناك من يلوح بحل السلطة، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال التراجع عن مطلب أو مشروع الدولة الذي اكتمل بناؤه على الأرض، بل تعزيز هذا المشروع بسلطة غير مقيدة بقيود الاحتلال. هذه القيود التي تحملناها من أجل الوصول إلى الاستقلال.
وستكون النتيجة بالضرورة إعادة النظر في منظومة العلاقات القائمة بيننا وبين الحكومة الإسرائيلية، بما لا يمكن هذه الأخيرة من مواصلة احتلالها لأرضنا، ولجعل الاحتلال مكلفا لها.
حقنا في الدولة مقدس، وسعينا لإنجاز هذا الحق لن يتوقف، ولكننا قد نضطر إلى تغيير الوسائل والأساليب للتسريع في إضفاء الطابع السيادي على هذه الدولة.
وقد أكدنا مرارا على المقاومة السلمية كوسيلة فعالة لإنهاء الاحتلال، كما أننا وخصوصا بعد الذهاب إلى الأمم المتحدة، سنركز على تعزيز وتوسيع الدعم الدولي لنا من أجل نزع الشرعية عن الاحتلال، ولكننا، وفي كل الأحوال، لن نرضى بوضع يسمح باستمرار الاستيطان والاحتلال لأرضنا.
البدائل المتاحة أمام الشعب الفلسطيني:
تمارس إسرائيل والولايات المتحدة الضغوط والتهديدات عليكم، كما أثبتت الرباعية الدولية أنها غير قادرة على التقدم بحلول للقضية الفلسطينية، فكيف ستواجهون هذه الضغوط والتهديدات' وما هي البدائل المتاحة لكم؟.
-نحن أصحاب حق وقضية عادلة، قدمنا من أجلها التضحيات على مدى عقود من الزمان، ولا يمكن لأية تهديدات أو ضغوط أن تثنينا عن مواصلة كفاحنا المشروع لنيل حقوقنا. لقد جربت مثل هذه التهديدات والضغوط في الماضي ولم تجد نفعا.
ولذلك فإننا ندعو هذه الأطراف إلى مراجعة مواقفها وإلى التفكير في شكل مختلف فيما يريده الفلسطينيون. إنهم يريدون حقوقا مشروعة كفلتها لهم المواثيق والشرائع والقرارات الدولية كافة.
وقد أثبتت الوقائع أنه من دون تلبية هذه الحقوق، لا يمكن أن يتحقق السلام والاستقرار في المنطقة. إن الفلسطينيين يريدون العيش بحرية وكرامة أسوة ببقية شعوب العالم. فما هو الأمر الغريب أو المستهجن في ذلك حتى يتعرضوا للضغوط والتهديدات؟.
إن الانحياز الأميركي الصارخ والأعمى لإسرائيل كان سببا رئيسيا في الحيلولة دون التوصل لحل سياسي حتى الآن، وبالتالي تسبب في تأخير إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. إن الولايات المتحدة بتهديدها استخدام 'الفيتو' في مجلس الأمن ضد طلبنا للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، تجعل من نفسها طرفا يحمي التوسع الإسرائيلي وهو ما يتعارض مع كونها راع أساسي ووسيط نزيه لعملية السلام في الشرق الأوسط. وبسبب انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل، رحبنا بمشاركة أطراف دولية أخرى كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، في إطار الرباعية الدولية في رعاية العملية السلمية. وكان يحدونا الأمل بأن يستطيع هذا الإطار التخفيف من حدة الانحياز الأميركي لإسرائيل. ولكن الولايات المتحدة الأميركية نجحت للأسف في تعطيل دور الرباعية الدولية في تبني مواقف أكثر توازنا بيننا وبين إسرائيل، وظهر لنا مؤخرا أن هناك تراجعا أميركيا عن مواقف سابقة وعن مبادرات سبق وأيدتها أو اقترحتها الولايات المتحدة نفسها مثل توصيات ميتشل أو خطة خارطة الطريق أو حتى مطالبة الرئيس أوباما بوقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود1967 واعتبار ذلك مصلحة قومية أميركية.
أما فيما يتعلق بالبدائل المتاحة لنا، فقد كان أحد هذه البدائل هو الذهاب مباشرة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن بطلب العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة الدولية.
وفي حال الاستمرار بإخفاق الرباعية الدولية، سوف نواصل تحركنا في المحافل الدولية، وعبر الأمم المتحدة في شكل خاص، وسنواصل تعبئة الرأي العام الدولي والمحافل والهيئات الدولية كافة من أجل نزع الشرعية عن الاحتلال ودعم مسعانا المشروع من أجل نيل حريتنا واستقلالنا.
وكما أشرنا سابقا، سنواصل عملية التقويم والمراجعة الشاملة للعملية السياسية برمتها والبحث في خياراتنا المختلفة التي من شأنها إيصالنا إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس.
يهودية الدولة الإسرائيلية يلغي حق اللاجئين في العودة:
الموقف الفلسطيني يرفض الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية. ولكن هناك دولا تعترف بذلك. هل قمنا بما فيه الكفاية لإيضاح موقفنا إزاء تلك المسألة، والكشف عن مرامي إسرائيل من وراء الاعتراف بها كدولة يهودية؟.
-لقد شرحت في خطابي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسباب التي تدعونا لرفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. إن مثل هذا الاعتراف سوف يجحف بوضع وحقوق مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون كمواطنين في دولة إسرائيل ويحرمهم من حقوق المواطنة المتساوية، وقد يعرضهم في المستقبل لسياسات من التمييز والإقصاء.
كما أن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية سوف يسقط حق الملايين من اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم طبقا للقرار 194، ويلغي من جدول أعمال مفاوضات الوضع النهائي موضوع اللاجئين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مطلب إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية سوف يحول الصراع القائم في المنطقة إلى صراع ديني ويؤجج مشاعر التعصب والتطرف.
إن طلب إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية لم يوجه لأحد غيرنا، وقد عقدت إسرائيل اتفاقيات سلام مع دول عربية أخرى، ولم يكن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية شرطا لتوقيع هذه الاتفاقات. لذلك، نحن نرى في هذا الطلب الإسرائيلي منا، والذي لا يلقى إجماعا إسرائيليا، ذريعة أخرى للمماطلة والتهرب من مفاوضات جادة تفضي إلى إنهاء الاحتلال عن أراضينا وإقامة دولتنا المستقلة.
وفيما يتعلق بدول أخرى أخذت تتحدث عن اعترافها بإسرائيل كدولة يهودية، فهذا من شأنها، رغم أننا نعتقد أن مثل هذه المواقف تتعارض مع المفاهيم الديمقراطية، لأنها تتجاهل حقوق المواطنين من غير اليهود في دولة إسرائيل. كما أنها لا تعزز المفاهيم التي تسهم في تحقيق السلام والتعايش بين شعوب المنطقة.
وفي الوقت الذي نرفض فيه الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، فقد أكدنا اعترافنا بدولة إسرائيل في الاتفاقات الموقعة بيننا. وبالمناسبة، أنا لست على علم بأية دولة في العالم تعترف بإسرائيل كدولة يهودية، فالاعتراف الرسمي بين الدول لا يقوم على هذا الأساس.