منزوعون عن القضية
الحياة الجديدة/حافظ البرغوثي
تحاول اسرائيل اضافة الى الفتك بأهلنا في غزة وتدمير ما لم يدمر في الاعتداءات السابقة تحقيق مكاسب جديدة وهي نزع سلاح غزة بالكامل، أي الاستسلام التام او الموت الزؤام. فسلاح المقاومة الصاروخي لا يؤثر بقدر ما يؤثر السلاح الارضي الذي يرهب الاحتلال عند المواجهة ويمنعه حتى الآن من شن حرب برية.
وكانت اسرائيل في المفاوضات طلبت ان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح والأرض والحدود وباطن الارض وسمائها وقدسها ونزع قضية اللاجئين من جدول المفاوضات, فما الذي يتبقى بعد ذلك ؟ ولعل التهويل الاسرائيلي من الصواريخ يتقاطع مع التهويل الفصائلي، ولكن لكل مآربه من وراء ذلك، فاسرائيل تخشى من تطوير الرؤوس المتفجرة للصواريخ وليس تطوير مداها فقط, وفي ظروف غزة الحالية يستحيل ذلك لأن الصناعة الصاروخية تحتاج بنية صناعية اكثر تطورا من الحالية. ويظن البعض ان التعاطف والتضامن مع غزة هو تضامن مع حماس، وربما كانت حماس تهدف الى ذلك لتحقيق مكاسب كفك الحصار والمالي السياسي المفروض عليها عربيا ودوليا لارتباطها العضوي مع جماعة الاخوان المحظورة في اكثر من بلد عربي، لكن الوقوف مع غزة هو وقوف مع الذات بغض النظر عن الاجتهادات، فليست حماس الا فصيل وطني وان اختلفت الرؤى وان تقلصت عند بعض قادتها الى مجرد رافعة حزبية. فالمعركة تفترض منا ان نرى دمنا وانقاضنا وان نجنب غزة المزيد من من الويلات التي اعتاد الاحتلال ايقاعها في شعب محاصر يستفرد به كلما وكيفما شاء.
فما تعرضت له غزة خلال السنوات الاخيرة يوازي كل ما تعرضت له منذ النكبة، ولا يجوز التبشير بجولات اخرى بعد التهدئة المنتظرة مثلما توافق ابو مرزوق وليبرمان في ذلك. المتحكمون بغزة يجب ان يعملوا على تنقية الأجواء مع مصر وبقية الدول العربية وليس لوم مصر، وان يهجروا اوهام استمرار الانقسام فما حل بغزة منذ الانقسام لا يوازيه اي عذاب. بالمصالحة الصادقة يمكن اخراج غزة من الحصار واخراج حماس من عزلتها. ودون ذلك سنواصل احصاء الصواريخ واعداد الشهداء.لأننا الآن منزوعون عن قضيتنا المركزية وعن بعضنا.