معركة فلسطين القانونية
الحياة الجديدة/ موفق مطر
ماشي لفلسطين.. ربي معاكم" قالتها لي الشرطية التونسية بمطار قرطاج الدولي قبل يومين بابتسامة المتفائل، وهي تختم جواز سفري الفلسطيني فيما دمعتها تكاد تنفر من مآقيها.
"ربي معاكم" هو اكثر ما يمكن لهذه الاخت العربية وهي "بزيها الرسمي" أن تقدمه، فهذا الدعاء تعبير عاطفي صادق مع اشقائها في العروبة الفلسطينيين، أصحاب الحق المظلومين، الذين تستقوي عليهم دولة الاحتلال (اسرائيل) بأحدث آلات الحرب والدمار..أما نحن وبعد ان علمتنا التجارب ضرورة استخدام الاسلحة الاستراتيجية، فانا نمتلك اسلحة استراتيجية ان احسنا شروط استخدامها، فإنها تمكننا من مجابهة قوة فولاذ ونار وأسلحة جيش وحكومة إسرائيل، فنحن نستطيع نقل المعركة من ميادينها وحدودها الجغرافية التي رسمتها حكومة الاحتلال، بالاشتباك مع دولة احتلال في ميادين القانون الدولي، وما طلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، إلا احد هذه الأسلحة الاستراتيجية التي يحسن الرئيس محمود عباس ابو مازن استخدامها، فالأهم بالنسبة لنا هو اشعار " نظام " تل أبيب بأنه وان كان يمتلك قوة ردع حربية وأدوات جرائم ضد الانسانية، فإننا بالمقابل نمتلك قوة ردع أخلاقية قوامها القانون الدولي ومواثيق ومعاهدات الأمم المتحدة، فهذه المنظومة اللا نارية (القانون الدولي) ما كانت إلا لحماية الشعوب المستضعفة، وضمان حقوقها، وشرعنة وسائل مقاومتها للغزاة والمحتلين والمعتدين.
نستطيع قلب نتائج معادلة القوة النارية في الحرب، ان حكّمنا العقل ليتصدر المواجهة، واستعنا بقوة الصبر والصمود كميزتين اساسيتين، فشعبنا يمتلك قدرة عجيبة على امتصاص موجات التدمير الممنهجة رغم الضحايا والثمن الباهظ، وهذا ما يشجع القيادة الفلسطينية العقلانية على فتح معركة مع دولة الاحتلال في ميادين القانون الدولي، لإيقاف الخط البياني المتصاعد لأسماء وأرقام الشهداء والجرحى، وتجميد نقطة الخسائر المادية أيضا، وتجر دولة الاحتلال الى مواجهة (لا تتمناها) على جبهة القانون الدولي، فإسرائيل تدير أكبر مغسلة ادمغة بشرية في العالم، وتستطيع عبر ماكينتها الاعلامية تشكيل رأي عام عالمي لصالحها، بالتحول الى ضحية، ناهيك عن اساليبها الضاغطة لإسكات اصوات حكومات مؤثرة في العالم، ان لم تضللها أصلا.
نمتلك قدرات الانتصار فعلا في ميدان القانون الدولي، لأن دول العالم كلها بما فيها حكومة تل ابيب تقر بان دولة اسرائيل تحتل ارض دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، كما اقر العالم لنا بعد نيل عضوية الدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة حق طلب الحماية الدولية، وحق محاسبة دولة الاحتلال على جرائم ضد الانسانية يرتكبها قادة سياسيون وعسكريون وضباط وجنود جيشها ومستوطنين متطرفين بحق الأبرياء المدنيين الفلسطينيين، رعايا ومواطني دولة فلسطين..لكن تحقيق هذا الانتصار مرهون بوحدة وطنية فلسطينية،، وإعلاء المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وتمكين حكومة التوافق الوطني من القيام بواجباتها ومهامها في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) بما فيها عمل الأجهزة الأمنية المقررة في القانون الأساسي، لأن الأيام المقبلة قد تشهد اتفاقا ستتغير بموجبه صورة الوقائع الميدانية على الأرض، وقد نشهد تدخلا مصريا سياسيا يفضي الى ما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني بالاستقرار، وتحديدا من جهة المعابر، وأمن الحدود، فالانتصار في ميدان القانون الدولي يتطلب دعما شعبيا وحزبيا وفصائليا، والاصغاء لعقلانية وحكمة الرئيس ابو مازن، والتفكير بكيفية اخذ الشعب الفلسطيني الى مربع الاستقلال والحرية والحياة الكريمة.