ستبقى معركة غزة معركة التحدي الى بوابة الدولة الفلسطينية
وكالة معاً
هذه الرسالة التي تكررت كتابتها ، ولكنها حتى الان لم تصل الى قناعات الزعامة الاسرائيلية ، بأنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون اعطاء الشعب الفلسطيني كافة حقوقه على تراب دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس .وحاول الزعماء الاسرائيليون تغير عجلة التاريخ الوقوف أمام ارادة الشعوب بدعم أمريكي متحيز ، وقوة عسكرية متميزة بالشرق الاوسط .
وعلى الرغم من التغيرات الحزبية في الادارة الاسرائيلية والتي يقررها الشعب الاسرائيلي حبا منه في التغير ظنا منه امكانية الوصول الى الامن الاسرائيلي الهدف الاول والاخير للشعب الاسرائيلي متناسيا امن وحقوق الشعب الفلسطيني .
ولم يأتي حتى الان زعيم اسرائيلي يعرف واجبه تجاه شعبه وامنه .بل المفهوم الاحتلالي بقي مسيطرا على عقول واذهان الزعامة والشعب الاسرائيلي ، رغم طرح الصفحة الجديدة في التعامل من خلال حوارات واتفاقيات اسرائيلية فلسطينية وعربية .
وكانت سياسة فرض الامر الواقع هي السياسة الوحيدة التي تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلية ، حيث لا تردعها الاستنكارات العربية . وبات من الضروري بلورة موقف فلسطيني يجبر الامة العربية ان تخرج من دائرة انتظار الصدقة الاسرائيلية في دفع المحادثات العربية الاسرائيلية .
ورغم الضغوطات على السلطة الوطنية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية ، والتي احرجت أمام جماهيرها الفلسطينية بعدم الرد الفعلي تجاه الممارسات العدوانية التي تمارسها سلطات الاحتلال ، من سلب للارض الفلسطينية ، توسيع في المستوطنات ، عزل القدس عن باقي المناطق ، عدم الالتزام بالاتفاقيات التي ابرمت مع الجانب الفلسطيني والاستهانة بالكرامة والوجود الفلسطيني .مع ان الجانب الفلسطيني التزم بالاتفاقيات التي ابرمها وفي نفس الوقت كان يحذر اسرائيل والعالم من خطورة استمرار اسرائيل في رفضها الانصياع للاتفاقيات ورفضها الاستمرار بجدية في المفاوضات النهائية ، حيث وصلنا الى طريق مسدود اجبر ابو مازن للذهاب للامم المتحدة .وكنا نتأمل من الربيع العربي التاثير ايجابيا على القضية الفلسطينية ، للأسف تبين انه خريف عربي مدبر يستهدف الامة العربية والقضية الفلسطينية .
وتاتي معركة غزة لتغير كل الموازين وتؤكد ان مصير الدول في التاريخ التي تعتمد على القتل والابادة في وجودها فانها في طريقها الى الزوال .
ان الحرب على غزة نموذج عالمي من البشاعة ، بشاعة القتل الجماعي بحق مدنين ابرياء عزل وتطهير عائلات باكملها وهذا يظهر مدى الوحشية والكراهية الصهيونية للشعب الفلسطيني . كنا نسمع عن مجزرة في التاريخ ولكن ما يحدث في غزة مجازر دامية تتحدى الانسانية وقيمها وثقافتها . تتحدى العدالة الانسانية وكأنهم الاسرائيليون يحملون الفلسطينيون محرقتهم زمن هتلر ليقدموا الفلسطينين قرابين لمحرقتهم .ولكنهم في غزة ابشع من افران النازين .
ان الحرب على غزة فضحت اسرائيل امام شعوب العالم التي قامت هذه الشعوب بالتظاهر ضد الاسرائيلين وتصفهم بالمجرمين . ان ادعائهم بحماية شعبهم لم يعد يصدقه احد بل هم الاسرائيلين من حاصر شعبهم في دولة غير أمنة .تنظر اليهم تراهم جيوش فاشية لا اخلاقين مجردين من ابسط المبادئ الانسانية .
ان حرب غزة الشرسة تواجهها مقاومة صمود تختلف عما سبق .انها تهدد امن المواطن الاسرائلين التي لطالما تدعى اسرائيل في كل حروبها بهدف امن مواطنيها .
ان هذه المقاومة عجز عنها كل العرب لذلك في هذه المرة لم يدعوا لاجتماع قمة عربية مع انها لا تفعل شيء سوى الكلام حتى الكلام صمت امام المقاومة التي عرت العرب امام انفسهم وامام العالم .وللاسف هنالك حملة معاداة الفلسطينين . لماذا حيد العرب الصراع مع اسرائيل ؟
هؤلاء العرب الذين هزمتهم اسرائيل خلال ستة ايام عام 1967 وهي نفسها اسرائيل بنفس القوة العسكرية بل اكثر تعجز امام المقاومة من دخول غزة خلال شهر .لقد اصبحت فلسطين حاجزا امام تفكير اسرائيل لاي توسع في الاراضي العربية خارج فلسطين .
ومن منطلق فهمنا للتاريخ فان له معبر واحد للشعوب المضطهدة المناضلة في سبيل تحقيق حقوقها وعيشها بطريقة كريمة ، وهو الوقوف بحزم ضد الظلم والعدوان .
ونحن ، الشعب الفلسطيني ، لنا تاريخ نضالي عريق ، كان علينا ان نأخذه الاساس والركيزة لاي عملية تفاوض . وهذا ما علينا اخذه الان وفي أي مفاوضات مستقبلية وخاصة بعد مقاومة غزة .
اننا اصحاب حق واصحاب ثورة ومسيرة نضال طويلة وارادتنا لن يثنيها بطش الاحتلال .
انما تجاوبنا ، قيادة وشعبا فلسطينيا ، مع مرحلة الحوار ، والتي استغلها الاحتلال ابشع استغلال ، وجاء نتنياهو ليؤكد من خلال تصريحاته المعلنة ضد الكيان الفلسطيني ، بانه قادر على فرض سياسة الامر الواقع ، معتمدا على الوضع العربي المتهرول ونسي تاريخ الشعب الفلسطيني المعنون بالتضحيات من اجل الدفاع عن كيان الانسان العربي بشكل عام والانسان الفلسطيني بشكل خاص .
واني ارى في هذه المرحلة المقبلة وبعد غزة الصمود مسارا جديدا في الحوار مع الاسرائيلين ، حيث بات على الاسرائيلين ادراك حقيقة ان الشعب الفلسطيني ليس اقلية في دولة اسرائيل . وان الشعب الفلسطيني شعب لهذه الارض فلسطين . وان القدس عروس فلسطين .
وان لا اله الا الله وان لا وطن لنا غير فلسطين . هذه الحقيقة التي يجب ان يدركها الاسرائيليون ، وان وصولهم الى دولة بجوار الدولة الفلسطينية وعلى تراب فلسطين هو الشيء الذي تجاوز عجلة التاريخ ، وانها فرصة للكيان اليهودي ان يعيش بأمن الكيان الفلسطيني .
ان هذه الحقيقة ستبقى ما بقيت معركة التحدي الى الوصول الحتمي والاكيد تاريخيا الى بوابة الدولة الفلسطينية ، تلك البوابة المحاطة باسوار القدس القديمة ، رمز نضالها ورمز بقاءها ورمز حريتها .ولكنني على يقين ان هذه الحقيقة لن يقبلها الاسرائيليون الا بعد المعاناة . وهذا ما يحصل فعلا في مقاومة غزة لحرب مدمرة ولا غرابة في ذلك . فالزيتون لا يعطي الزيت الا بعد سحقه . وهذا ما يحاول الشعب الفلسطيني دائما التعبير عنه جماهيريا. والتاكيد ان الجماهير الفلسطينية قادرةعلى صنع المواقف التاريخية سلما وحربا .