تعتيم عبثي
الحياة الجديدة/ رئيس التحرير
موقف وطني راسخ، وتحركات كثيرة واتصالات اكثر، لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية على مستوى الرئاسة، وتاليا على مستوى حكومة الوفاق الوطني، لمحاصرة العدوان الاسرائيلي من اجل دحره، وعلى نحو لا يعود معه مرة اخرى في مقبل الايام، من خلال اقرار معادلة الحل الاشمل بالعودة الى طاولة المفاوضات لتحقيق السلام الممكن، عبر مؤتمر دولي هذه المرة، لا عبر اي معادلة اخرى لا حزبية ولا فئوية ولا مناطقية، لأن التضحيات باتت كبيرة وكبيرة جدا والدم الفلسطيني الطاهر والبريء الذي سفك ظلما وعدوانا طوال اكثر من ثلاثين يوما وما زال يسفك بطائرات الاحتلال وقذائفه المدمرة، لا تجوز مقايضته بطلبات الحل الانساني او الجغرافي فحسب ..!!
هذا الموقف وهذه التحركات والاتصالات، بل وهذه المعركة السياسية الصعبة التي تقودها الشرعية الفلسطينية تعرضت وما زالت تتعرض للتعتيم الاعلامي، واكثر للتشوية والتشكيك كلما لم يكن بالامكان تجاهل هذا الموقف الوطني الفلسطيني في هذه المعركة، ومن ذلك مثلا ان الفضائيات الاخوانية ومواقعهم الاكترونية، بخطاب المكابرة والاستعراض، لا تلتفت لصلابة الوفد الفلسطيني الموحد في القاهرة واصراره على طرح الموقف الوطني في اطاره الحاسم لردع العدوان الاسرائيلي، وتجسيد فعل المقاومة وحصد انجازه عبر الحل الشامل لا بل انها تحاول التشكيك بهذا الموقف عبر تركيزها على تصريحات لا مسؤولة، فئوية وحزبية ضيقة، لناطقين متعجلين وعصبويين على نحو متوتر تسعى للتشويش على مفاوضات الوفد الفلسطيني الموحد في القاهرة والتشكيك بمصداقية تصريحاته وخطابه السياسي، وعبر استضافة اصحاب اللغة الاخوانية للتحليل والتعليق، وبقصدية واحدة ووحيدة، وهي الهجوم على الموقف والدور المصري وموقف الشرعية الفلسطينية تاليا، وهي بذلك لا تذهب تماما الى فضح غايات العدوان الاسرائيلي واهدافه التي لا تريد لفلسطين وشعبها الحرية والاستقلال .
ولأن هناك هذا التعتيم وهذا التشويه الذي تواصله ماكينة الاعلام الاخوانية، لا يعرف الكثيرون خاصة "ثوار الفيس بوك" ان السلطة الوطنية هي من يفاوض على تأمين سفن المحطات الكهربائية لغزة، ونجحت في ذلك مع كل من فرنسا وتركيا، وهناك سفينتان جاهزتان للتوجه الى قطاع غزة ومفاوضات القاهرة تسعى لكسر الاعتراض الاسرائيلي بهذا الشأن، وايضا على صعيد تأمين الممر الاوسع لتأمين وصول عدد اكبر من الجرحى لمستشفيات المحافظات الشمالية في الضفة وان لا يبقى العدد محصورا بسبعين جريحا، كما يفرض الاحتلال الاسرائيلي، وهناك تحركات دبلوماسية فلسطينية في الامم المتحدة لتأمين دعم مالي لموظفي قطاع غزة من حركة حماس تحديدا في نطاق معالجة هذه المسألة لتسهيل عمل حكومة التوافق الوطني، وكل هذه التحركات وهذا العمل السياسي والدبلوماسي ليس الا امثلة على حراك السلطة الوطنية في كل اتجاه للتصدي للعدوان الاسرائيلي ومواجهة ما خلف حتى الآن مسألة اثر مسألة، والاهم من كل ذلك ان توجيهات الرئيس ابو مازن للوفد الفلسطيني الموحد في القاهرة تقضي بعدم التراجع عن اي من المطالب الفلسطينية لكي لا يذهب الدم الفلسطيني هدرا ومن اجل انجاز للكل الفلسطيني ونحو خدمة مشروعه الوطني.
لكن وكما الشمس لا يمكن ان تغطى بغربال، فان التعتيم الاعلامي الاخواني على الموقف الوطني الفلسطيني وحراكه العملي المنتج، سيظل هو هذا الغربال، وسنرى غدا اي مصير سيلقى خطاب الحماسة، الذي لن يكون دون ادنى شك كمصير ديوان الحماسة لابي تمام، فشتان ما بين الثرى والثريا.