كنّا.... وما زلنا!
الحياة الجديدة/ محمد علي طه
كتب زهير بهلول، الاعلاميّ البارز، مقالاً جريئاً في صحيفة "هآرتس" في أثناء الحرب الأخيرة (تموز- آب 2014) عنونه بِـ "من الصّعب أن تكون عربيّاً في إسرائيل"، فكيف حالك وأوضاعك يا أحمد العربيّ الباقي في وطنك في أيّام الحرب وفي الأشهر التي تليها؟ ولا أعني بذلك شعورك وموقفك من الحرب الهمجيّة التي شنّتها إسرائيل على أبناء شعبك فهذه بدهيّة يعرفها القاصي والدّاني بل أعني حالك في مدينتك وقريتك وشارعك وبيتك في الدّولة التي تزعم وتتفاخر بأنّها واحة الدّيمقراطيّة في الشّرق أو فيللا في وسط غابة كما وصفها ايهود براك!؟
خرجتْ، من جحورها، مظاهر الحقد على كلّ ما هو عربيّ في البلاد بعد أن كانت تتستّر مراعاة للحضارة، ورفعت العنصريّة رأسها وصالت وجالت بلا رادع، فالتّربة خصبة وكذلك الفضاء الذي سمّمه الإعلام وتصريحات عدد من الوزراء والنّوّاب الإسرائيليّين. ويبدو أنّ ما يُسمّى بالتّعايش اليهوديّ – العربيّ في الدّولة الذي سعى إليه مواطنو إسرائيل العرب، من أجل البقاء والحياة الكريمة، ونشطت فيه قوى عقلانيّة وسلاميّة من مواطني إسرائيل اليهود كان هشّاً ولم يصمد في أثناء وبعد مظاهرات سلميّة مرخّصة جرت في عدّة مدن مثل تل أبيب وحيفا والناصرة وأم الفحم وكفر مندا وطالب فيها المتظاهرون العرب وقوى اليسار الإسرائيليّ بوقف الحرب على غزّة، واعتبرها الإعلام الإسرائيليّ المجنّد والأكثريّة السّاحقة من المواطنين اليهود دعماً لحركة حماس وخيانة للدّولة. وردّاً على هذه المظاهرات السّلميّة التي اعتدت عليها أجهزة الأمن واعتقلت مئات الشّبّان العرب وقدّمت العشرات منهم إلى المحاكم، دعا ليبرمان إلى مقاطعة المواطنين العرب اقتصاديّاً، وحدثت اعتداءات على عائلات عربيّة، وفُصل عدد من الموظّفين والعمّال العرب من أماكن عملهم بتهمة التّماهي مع المقاومة أو معارضة العدوان الإسرائيليّ.
جمهور فريق بيتار القدس الذي هتف في الأيّام العاديّة "الموت للعرب" وشتم النّبيّ العربيّ الكريم بسفالةٍ صار اليوم يردّد بفرح بهيميّ "لن تجري دراسة في غزّة لأنّه لم يبقَ فيها أولاد" وأمّا جمهور فريق مكّابي تل أبيب لكرة القدم أيضاً فيصبّ حقده على لاعب عربيّ ساهم كثيراً في رفع مكانة فريقه.
كتبت النّاشطة الاجتماعيّة ريم حزّان بعد ما شاهدته من تصرّفات اليمين في أثناء مظاهرة شارك فيها مئات من أعضاء الجبهة الدّيمقراطيّة في مدينة حيفا: "بقيتُ أيّاماً عدّة في حالة من الذّهول....وأرعبتني نظرات القتل والتّعطّش للدّم من عيون الفاشيّين" وأضافت بأنّها بدأت منذ ذلك اليوم بالتّوجّس في الشّارع والأماكن المكتظّة...وصرتُ "أمسك بيد طفلي كي لا يُخطف".
كنّا وما زلنا منذ ستّة وستّين عاماً على العهد نخوض معركة البّقاء والصّمود في هذا الوطن الذي ليس لنا وطنٌ سواه.