ضعف فاضح
الحياة الجديدة/ عدلي صادق
ثمة دلائل لا حصر لها، على أن فرضية الضعف، تمثل قلقاً ذاتياً عند الرئيس الاميركي باراك أوباما، الضعيف بامتياز، وتعشش في رأسه. لذا لم يجد الرجل، ما يصف به الرئيس الفلسطيني «أبو مازن» سوى القول إنه ضعيف. وعندما نحاول تقصي الأسباب التي دفعت أوباما الى مثل هذا التفوّه؛ نكتشف أن مكمن القوة في الموقف الفلسطيني، هو ملخص هذه الأسباب والدافع الى الوصف المستفز. فالقوي والشجاع، عند أوباما، هو الضعيف في لغته ومواقفه لمصلحة شعبه، وهو ذلك الذي لا يبالي بالرأي العام في بلاده وليست لديه بوصلة وطنية. هذا هو معيار القوة والشجاعة عند الادارة الاميركية. فلو سُئل رئيس الولايات المتحدة، في حوار مطوّل، عن براهينه على ضعف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لأجاب بأن الرجل لم يشجب دفاع المقاومة الفلسطينية عن نفسها أثناء العدوان، وأنه بالعكس، وقف مع شعبه وصاغ خطابه السياسي على أساس أن ما يجري جرائم حرب وإبادة لا ينبغي أن تمر بغير عقاب. فالمقاومة عند أوباما، هي الإرهاب، أما قصف المنازل وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتحويل أجسادهم الى أشلاء، دون أن يقترفوا عملاً ضد أحد؛ فهو عند أوباما الفعل الحضاري الذي لا يستنكره سوى الضعفاء، وهو الشجاعة التي لم يرقَ اليها «ريتشارد قلب الأسد» في القرن الثاني عشر، حسب ثقافة المستوطنين!
بهذا المنطق العجيب، الذي لا يليق بالقوة العظمى وهي تأنس في نفسها الجدارة والأحقية في حفظ الأمن والسلم الدوليين؛ يُقيّم أوباما رؤساء الشعوب وزعمائها. وهذه ليست المثال الوحيد على خطأ حسابات الإدارة الاميركية في مشروعات الحرب وفي مشروعات السياسة. ولو كان لدى الرئيس الاميركي الوقت للتأمل، لتوصل الى قناعة بأن الرئيس الفلسطيني الذي وصفه بالضعف، ظل واقفاً بقوة، على امتداد أكثر من عشر سنوات من الضغوط ومن محاولات الاحتلال إضعاف السلطة الوطنية أدبياً وكيانياً، والتسويف والتنكر لأبسط متطلبات استمرار عملية التفاوض. وخلال هذه المسافة الزمنية، كان الضعف هو سمة السياسة الاميركية، أو بالأحرى الادارة الاميركية، التي ابتلعت لسانها، وليتها لم تنطق بالعدل والحقيقة وحسب؛ وإنما كذلك ابتلعت لسانها وهي تتلقى الإهانات من حكومة متطرفة، ذات نزعة اجرامية، اختارت الحرب وقهر شعب آخر، وقصفه، بالسلاح الاميركي، لتخصم من رصيد قوة السياسة الاميركية ومن ثقل الولايات المتحدة في السياسة الدولية.
كان الأجدر بالرئيس الاميركي، أن يزجر المجرمين الذين استخدموا طائرات «اف 16» ضد الأطفال، في ممارسة جبانة، وان يبلغهم ان الضعيف هو من يستقوي على الطفل بأحدث طائرة صُنعت للحرب. كان أجدر به أن يعتذر للشركتيْن الاميركيتين، اللتين تصنّعان الطائرة (لوكهيد مارتن وجنرال دايناميكس) وأن يعرب لهما عن الأسف، لأن أيقونتهما الحربية، استخدمت في مهام لم تهبط الى مستواها طائرة "مستير" الفرنسية، عندما تسلمها المحتلون الاسرائيليون في العام 1955 وهاجمونا بها في العام التالي. فعندما كانت تلك الطائرة المحملة بالقنابل الضخمة، تضرب في غزة، لم تستخدم سوى الرشاشات المتوسطة ضد أهداف منتقاة من الأفراد والتجمعات العسكرية، لكي لا يزعجوا ديغول. كان أجدر به أن يقول لهم أخزيتمونا يا ضعفاء في المواجهة المباشرة، ويا معرّة الجيوش التي بلا أخلاق حرب وبلا أخلاق سلام. أما عندما يدير الدفة علينا ويهجو ويتفلسف، فإنه لا يعكس إلا ضعفاً فاضحاً معششاً في داخله!