التاريخ : الجمعة 22-11-2024

السفير دبور يستقبل القائم بأعمال سفارة دولة الكويت في لبنان لمناسبة انتهاء مهام عمله    |     السفير دبور يستقبل رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في لبنان    |     دبور يزور مثوى الشهداء ويضع إكليلاً باسم الرئيس عباس في الذكرى العشرين لاستشهاد الرمز ياسر عرفات    |     السفير دبور يتفقد ابناء شعبنا في مخيم الرشيدية    |     الجبهة الديمقراطية تعرض مع السفير اشرف دبور تداعيات العدوان الاسرائيلي على اللاجئين والنازحين منهم ف    |     السفير دبور يستقبل القائم باعمال سفارة دولة الكويت في لبنان    |     السفير دبور يستقبل المفوض العام لوكالة الاونروا فيليب لازاريني    |     السفير دبور تفقد النازحين من ابناء شعبنا في مراكز الإيواء في مدينة ومخيمات صيدا    |     السفير ديور تفقد النازحين من ابناء شعبنا في مراكز الإيواء    |     تدين قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان العدوان الصهيوني المتواصل على الشعبين الشقيقين ال    |     "فتح" تنعى الأمين العام لحزب الله الشهيد حسن نصر الله    |     اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تعزي باستشهاد الأمين العام لحزب الله    |     الرئيس يعزي باستشهاد أمين عام حزب الله حسن نصر الله    |     برعاية سفارة دولة فلسطين: توقيع اتفاقية تعاون بين حملة المطران كبوجي ووكالة الاونروا    |     35 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى    |     البنك الدولي: الأراضي الفلسطينية تقترب من السقوط الاقتصادي الحر وسط أزمة إنسانية تاريخية في قطاع غزة    |     مصطفى خلال الاجتماع الوزاري المشترك في نيويورك: حُقوقنا في تقرير المصير والعودة والحياة والحرية والك    |     الرئيس أمام الجمعية العامة: نطالب بتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة    |     شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مدينة غزة    |     السفير دبور يستقبل منسق لجنة الطوارئ الوطنية اللبنانية وزير البيئة ناصر ياسين    |     الرئيس يهاتف زوجة المناضل سامي مسلم معزيا بوفاته    |     الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير سامي مسلم    |     بمشاركة الرئيس: الجمعية العامة للأمم المتحدة تواصل أعمالها في نيويورك    |     رئيس الوزراء يبحث مع غوتيريش خطوات تنفيذ قرارات الأمم المتحدة لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال
أراء » غزة ودورة الحرب !
غزة ودورة الحرب !

غزة ودورة الحرب !

كاتب: دكتور ناجى صادق شراب

وكالة معاً

لقد باتت غزة تشكل نموذجا لكل النظريات والتفسيرات الدولية التي تحاول إن تقدم نموذجا للعلاقات الدولية بكل تعقيداتها ، وسيادة منطق القوة ، وعدم الثقة ، وتراجع القيم والمبادئ الأخلاقية لتفسح المجال أمام القوة والحرب تحت غطاء من الحق في الدفاع عن النفس ، أو ما يمكن تسميته بالحرب العادلة ،غزة اليوم تجسد كل التناقضات الدولية ، وكل التحولات في موازين القوى الإقليمية والدولية ، وتقدم نموذجا للدور المتزايد للفاعلين من غير الدول كحماس وحزب الله ، ودورهم في تحديد مصير ومستقبل المنطقة .

وغزة اليوم تقدم وتختزل فيها القضية الفلسطينية لدرجة لم نعد نسمع معها عن القضية الفلسطينية ، وكل ما نسمع العلاقة بين إسرائيل وحماس والمقاومة . وغزة باتت تشكل أيضا مستقبل المشروع الإسلامى وعلاقته بمشاريع التحرر العربى ، ومشاريع القومية العربية ، وغزة تقدم نموذج وخيار المقاومة بإعتباره الخيار الوحيد للتحرر رغم أن طريق التحرر الكامل طويل ومعقد ولا يغنى عن خيار التفاوض كما نري اليوم في مفاوضات التهدئة. وغزة تقدم التفسير التاريخى لتراجع القضية الفلسطينية في سلم ألأولويات وألأجندات السياسية والإقليمية والدولية ، فلم تعد القضية الأساس لكل القضايا والأولويات التي تحكم سياسات الدول.

وغزة تقدم النموذج كيف أن الدول الساعية والباحثة عن دور صغيرة أو كبيره توظف حرب غزة لمصالحها ولدعم دورها ، بعيدا عن إعتبار أن القضية الفلسطينية أولوية عليا لهذه الدول. وتقدم غزة نموذجا لكل التداعيات التي ترتبت علي ثورات التحول العربية ، والصراع على الحكم بين ألأخوان الساعين لإحياء المشروع ألإسلامى ، والساعين للمشروع العروبى والقطرى فهناك من يرى في غزة مشروعا إسلاميا وليس فلسطينيا، وانها قاعدة صلبة للمشروع الإسلامى ينبغى الحفاظ عليه. ، ولهذا تقدم غزة نموذجا لنجاح وفشل لهذه الثورات ، وهى ما تبقى من قوة للحفاظ على المشروع الإسلامى ، ولذا غزة دخلت في دائرة جديدة من الصراع على مستوى المنطقة بصرف النظر عن فلسطينية شعبها ، وقضيتهم الوطنية .

وغزة وبرغم من صغر مساحتها ، وكبر شعبها الذي يقارب المليونين تشكل جوهر الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ، فهى تقدم ركيزتى معادلة الصراع والحرب، وهما إسرائيل ، وحماس والمقاومة ، والعلاقة هنا تقوم علي النفى والرفض وعدم الإعتراف والقبول ، وتقوم على خيار الحرب لأن كل طرف يسعى للتخلص من الطرف الآخر ، المقاومة تتحدث عن التحرر الكامل ، ونهاية إسرائيل، وإسرائيل تتحدث عن نزع كامل لسلاح المقاومة ، وتحويلها إلى مجرد هيكل تنظيمى بلا مضمون تابع ، وكل هذا وكأن السلطة الفلسطينية التي تجسد شرعية العمل الفلسطينى من خلال منظمة التحرير على إعتبار انها مازالت وستبقى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى . وغزة تقدم النموذج والمدخل لخيارات التفتيت والإنقسام التي تجتاح المنطقة العربية ، وبفصل غزة يسهل تقسيم الدول العربية إلى وحدات وكينونات سياسية علي أساس من المذهبية والطائفية .

وفى غزة توجد كل القوى الإقليمية والدولية ، كلها تتصارع وتتنازع وتتحارب، ووقودها الشعب الفلسطينى في غزة الذي دفع حتى كتابة هذه المقالة ما يقارب الألفين شهيد جلهم من ألأطفال والمسنيين والنساء، وتدمير أكثر من ألفى منزل بالكامل، واكثر من عشرين الف منزلا ما بين تدمير جزئى وكامل، وتدمير للبنية الإقتصادية والإجتماعية والبشرية والتعليمية والصحية ،والمقابل بضعا من الملايين التي قد تدفعها كمنحة وزكاة أو سكوت عن موقف، ويبقى السؤال هل هذا هو قدر غزة أن تعيش في دورة كاملة من الحروب والحصار التى تلتهم أطفالها كلما كبروا ؟ هل نحن نربى أولادنا من اجل الحرب؟ وهل من غزة ستتحرر فلسطين بالكامل ، وتقام الدولة الفلسطينية ؟ لا أحد يشكك في شرعية المقاومة الفلسطينية بإعتبارها وسيلة من وسائل التحرر والإستقلال، ولكن في الوقت ذاته علينا إن نعيد ألإعتبار لقضيتنا ، التي كانت في يوم من ألأيام قضية العالم كله، وهى الشهادة لمنح الوطنية العربية .

لا يعقل وليس من المقبول إن يكون قدر غزة فقط هو الحرب والحصار، وفى كل مرة نتحدث عن إعادة إعمار ، هذه معادلة غير صحية ،لأنه لا إعمار مع الحرب والحصار، ومن شأن هذا أن يفكر اهل غزة وشبابها في البحث عن ملاذات آمنه بحثا عن حياة لأطفالهم، وهذا قد يكون أخطر نتائج وتداعيات هذه الحرب. الحرب ليست هدفا ولا غاية في حد ذاتها ، وغزة لم تخلق من أجل الحرب والحصار حتى يعيش غيرها غزة خلقت ليعيش أبنائها كما الشعوب الأخرى، في غزة شباب وعقول قادرة على صنع الحياة، الحرب دائما تتبعها مراجعة ومحاسبة لكل مجرياتها ، وما حققته من إنجازات، او من عدم قدرة على تحقيق الأهداف، قد يكون ذلك صعبا في النموذج الفلسطينى والعربى ، لغياب مؤسسات الشرعية الحقيقية ، وبعيدا عن العاطفية التي تعودنا وتربينا عليها ، وهذا حق مشروع أن نعيد مراجعة ومحاسبة كل خياراتنا ، وأن نضع أيدينا على نقاط الضعف ، والسلبيات حتى نتفادها في المستقبل فطريق التحرير طويل، وغزة لا بد أن تعود للكل الفلسطينى ، نحن في حاجة لمحاسبة أنفسنا ، ومحاسبة قادتنا ، ويبقى السؤال هل نحن في حاجة لقيادة فلسطينية جديده؟ غزة اليوم في حاجة لجهد وصدق وإخلاص في العمل من أجل البناء، وقد يكون التحرير لقيام الدولة الفلسطينة من غزة ، ولكن عبر سلطة وشرعية ورؤية فلسطينية واحده من خلال نظام سياسى أكثر ديموقراطية ومشاركة وتوافقيا، وتبقى غزة ملك كل شعبها ،في الداخل والخارج، في الضفة وغزة ،لدينا أوراق عمل كثيرة ، ولا شك إن الحرب الأخيرة قد حققت إنجازات سياسية ، وخلقت واقعا سياسيا جديدا يعمل لصالح القضية الفلسطينية .

ولعل ابرز هذه الإنجازات فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها ألإستراتيجية التي منها ترسيخ الإنقسام والفصل، فهل يملك الفلسطينيون الإرادة والقرار الفلسطينى للإستفادة من هذه الإنجازات الإستراتيجية أم أننا وكالمعتاد سنهدرها بخلافاتنا وإنقساماتنا من جديد. وأخيرا غزة في حاجة لمراجعة خياراتها في إطار الخيار الفلسطينى المنفتح على كل الخيارات والعلاقات الإقليمية والدولية ، وبقدر نجاحنا في البعد عن سياسات المحاور والإستقطاب، وبقدر أن تكون لدينا رؤية فلسطينية خالصه ، وبقدر مراجعة مواقفنا وخياراتنا بما يتوافق ونتائج هذه الحرب، بقدر تحقيق إنجاز إستراتيجى فلسطينى يقربنا كثيرا من تحقيق أهدافنا الوطنية ، وعندها يمكن أن نترحم على شهادائنا ، ويكون الثمن الذي دفعه هؤلاء الشهداء ، وألأسرى القابعين في سجون إسرائيل ومحرومون من تنفس نسيم الحرية جديرا بذلك ، وعندها أيضا يمكن إن نخرج غزة من دورة الحرب والحصار القاتلة ولمدمرة للحياة والتفاؤل والسلام ، ولو لم يكن هناك حصار ما أندلعت الحرب وقتل من قتل ودمر ما دمر ونزح من نزح وتشرد من تشرد، ولهذا مسؤولية الحرب تقع على من حاصر وساهم وتسبب بحصار غزة .وخطأ الإعتقاد أن الحرب حتمية في علاقة غزة بإسرائيل، ولنتذكر جميعا إن لغزة خياراتها الفلسطينية .
2014-08-13
اطبع ارسل