لماذا لا تعترفون بانتفاضة القدس ..؟؟
كاتب: يونس العموري
وكالة معاً
في ظل هذه المتغيرات الكبيرة التي تعيشها فلسطين كل فلسطين بعنوانها الابرز والمتمثل بمقاومتها الباسلة وما فرضته وتفرضه من حقائق راسخة لا لبس فيها نجد انفسنا مجددا امام حقيقة القدس، وما هية القدس في المعادلة الانسانية عموما. وفي المعادلة الفلسطينية على وجه التحديد حيث تلقفت القدس الاشارة منذ البدايات وعاشت وما زالت تعيش انتفاضتها وان لم ولن يعترفوا بها حتى اللحظة برغم شواهد ازقتها واحياءها، فمن جديد نكتشف ان للقدس حسابات اخرى غير حسابات باقي المدائن، فالقدس تاريخيا تحررنا من هزائمنا ومن انكساراتنا فيما نحن نسعى الى تحريرها، وهي توحدنا فيما نجهد من اجل توحيدها، وهي تفتح لنضالنا الافاق الواسعة فيما نحاول ان نكسر من حولها القيود، ذلك ان القدس تجمع الامة بكل مكوناتها، كما الانسانية بكل حضاراتها وثقافاتها واديانها، بل في القدس تنكشف العدوانية الفعلية لكراهي الانسان بشكله الأدمي وللفعل الصهيوني بكل ابعاده لا على اهل القدس وحدهم، ولا ابناء الامة كلها، بل على الكون بأسره.
معادلة القدس تفرض نفسها وحضورها في ظل غياب الضمير الانساني الحر المتحرر من كل اشكال الضغط وحسابات المصالح الإقليمية والدولية وتلك المتعلقة بحسابات الأنظمة والدول وحسابات البزنس للشركات عابرة القارات ومتعددة الجنسيات التي اصبح لها كلام الفصل بحسبة صناعة القرارات السياسية للدول وللأنظمة. وتفرض نفسها برغم كل الاهمال من حاكمية رام الله وما تمثل حيث سياسة الاهمال والترقيع والتعامل معها بهوامش التعامل والتعاطي والارقام سخيفة ومخجلة بهذا الصدد.
القدس بكل مرة تفرض نفسها وتفرض حضور قضاياها والصراع متاجج بكل اشكاله لطالما ان منطق الضاد يفرض نفسه ولن يكون الكلام الا كلاما عربيا متناقضا وعبرانية الكلام واساطير حكايا تلمودية.
القدس لا شك انها تعيش اليوم واحدة من مسلسلاتها الهادفة الى تأويلها وتأويل وقائعها وتُفتح معاركها ببشرها وحجرها وتهجير انسانها في محاولة لتفريغها من محتوياتها وتزييف حقائقها ... وهي التي تسهم بإثارتنا واثارة كل حساسيات وحسابات التاريخ واستحضاره وما من استكانة فلسطينية والقدس نازفة ليل نهار ...
القدس هي التي تفرض الحرب وقد تفرض برد السلام وقد تكون بوابة العبور للشقاق والخلاف حينما يكون التفريط بثوابتها سيد اللحظة، ومن المؤكد انها حجر الزاوية الأساسي في التصالح وتوحيد الصفوف وانجاز العمل الوحدوي لكل اطياف اللون الفلسطيني والعربي على مختلف وتنوع المشارب الفكرية والأيدلوجية عندما يصبح التشبث بالحقوق الراسخة ثابتا ثبوت تلالها، هي معيار الثوابت والتمسك بها، وهي مقياس التشبث بقومية العرب ان كان للعروبة من فاعلية بهذا الصدد، وهي التي تملك مفاتيح الولوج الى كل ضفاف الانسانية ومستوياتها فلكل شعوب المعمورة مكامن بها وبصمة من بصمات حضارتهم. والصراع عليها وفيها صراعا ليس بالجديد ولنا ان نقول انه صراع يأخذ الطابع البشري الحضاري، حيث الصراع الدائر رحاه الأن في ثناياها انما هو الصراع الفعلي ما بين اقطاب معادلة الخير والشر وهو انعكاس لطبائع الأمور منذ الأزل ففقيرها يصارع الساكنين على هوامشها ومن يدعون انهم اسيادها والقدس لا تعترف بسادة او امراء فيها حيث انها من تصنع السادة والأمراء ان هم عشقوها وتمرغوا بترابها وعايشوا أقاصيصها وحكاياتها وجالوا بأزقتها وتنشقوا عبق أبخرتها، واعتلوا اسوارها وانشدوا اهازيج اغانيها ورتلوا مزاميرها وفككوا النقوش الموسومة على جدرانها.
القدس هي القادرة على فعل التحدي وفرض التصالح واستحقاقاته ان كانت النوايا خالصة بهذا الاتجاه من خلال المعادلة الأبسط التي لا بد ان تجد لنفسها طريقا وسط ظلامية الخصام والتقاتل والتخاصم حيث لا خلاف على القدس او في القدس ومن الممنوع ان نتصارع بالقدس لسبب بسيط وقد يكون بديهي ان القدس من الممكن بل من المؤكد انها ستلفظ كل من يتقاتل بأزقتها وتنبذ كل من يحاول ان يجيرها لصالحه فهي العصية على حسابات المصالح والإستثمار الفئوي فيها في سبيل تحقيق اغراض اخرى غير اغراض القدس، ولابد من الادراك هنا ان فلسطين بدون القدس معادلة مبتورة وغير مقروءة او مفهومة المعالم ولا يمكن ان تستوي رموزها وحسبتها. ولابد من الادراك ايضا انه ومن خلال القدس وفعل القدس تتغير معالم العوالم، فاذا كانت غزة محاصرة واستنهضت مقاومتها وانتصرت بارادة ثوارها واطلقت حمم صواريخها وهزت اركان تل ابيب واجبرتهم على الاعتراف بجبروتها، فالقدس تعيش اعتى اشكال الحصار وان كان كسر الحصار على غزة فعلا ضميريا بإمتياز فلابد من الادراك ان كسر الحصار عن القدس فعلا نضاليا وكفاحيا اساسه العمل بشكل متواصل وبكافة السبل والإمكانيات المتاحة والممكنة وان تظل خياراتنا مفتوحة ولنا الحق دائما بذلك.من المهم العلم والكل يعلم ان القدس معيار صدق القادة وكذبهم ومقياس الفعل النضالي او الإرتكان لمخططات حكومات تل ابيب المتعاقبة، وبالتالي لابد ان تعتبر قضاياها هي محور الفعل الأساسي لكافة الأطر الوطنية والرسمية في النشاط السلطوي للسلطة الفلسطينية، الا ان الحقيقة وللأسف قد تكون مغايرة بعض الشيء، فكثيرة هي خطابات الإستجداء التي تجد طريقها على طاولة هذا المسؤول او ذلك وكانت قد سئمت القدس منهم ومن استجداء وعودهم.
كان التوجه سيد الموقف منذ جريمة حرق الفتى الصغير شهيد فجر محمد ابو خضير بأن تعالوا الى القدس وعايشوا ملحمة حتصنعها كما عودتكم وقفوا الى جانب مجانينها وعشاقها وادعموها ووفروا لها القلاع الحصينة وحافظوا على لغتكم وانتم ترقبون المشهد وحاولوا ان تعتذروا عن اخطاءكم بحقها، كانت الدعوة مجلجلة منذ ذاك الفجر بالخامس من رمضان ومنذ ان اصبح ذاك الفتى ايقونة رمزية فرضت نفسها على كل محافل العالم، قلنا لهم يا سادة ويا قادة ارتقوا لمستوى الحدث فالقدس تمنحكم اللحظة التاريخية تقدموا نحوها واقتنصوها. ولكن لا حياة لمن تنادي. حاولت القدس ان تنهض وقضت مضاجع النائمين واهتزت عروش من كانوا يتحدثون خلسة باسمها، واجبرت الكل وتحديدا من يقبض عليها ويغتصبها جهرا نهارا وبكافة اساليبه ووسائله المعهودة وتلك التي لا يعرفها الا ابناء القدس، وتحدت البطش والباطش وزبانيته وفرضت المعادلة من جديد فمنذ اسابيع طويلة وببساطة الامور تعيش القدس انتفاضة فعلية حقيقة وخلقت حالة اشتباكية فعليه مع قوات الاحتلال بمختلف ازقتها وحواريها والمشهد يبدو واضحا وجليا منتصرة لقضيتها ولعنوانها وللمقاومة الباسلة في عاصمة الفقراء ( غزة ) وهتفت هتافاتها الاجمل وقامت واسقطت معادلة التطبيع وانتظرت القرار ليكون تشكيل القيادة الوطنية الموحدة لإنتفاضتها ولصدور بيانها الاول ولم يصدر ولم تتصدر العناوين الشعار الذي ما زالت القدس بانتظاره .. ( لا صوت يعلو فوق صوت الحق لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة) وهنا نجد انفسنا نطرح سؤالا بكل صدق الكل بانتظار اجابته لماذا لا تعترفون بانتفاضة القدس ..؟؟ واعلم واعرف ان الاجابة برسم الكل ....