سلاح المقاومة .. هدف الحرب ..وهدف المفاوضات
وكالة معاً
كان وما زال الهدف الرئيس والجوهري للكيان الصهيوني من حروبه على الشعب الفلسطيني وآخرها الحرب على غزه ، القضاء على المقاومة ايا كان شكلها وخاصة المقاومة المسلحة ، وفي هذه الايام يحاول العدو ومن خلال المفاوضات الجارية في القاهرة توجيه وتسيير دفة كافة مجرياتها بهذا الاتجاه لتحقيق هذه الغاية .بعد عجزه عن تحقيقها بالقتل والتدمير البربري على مدار شهر من الحرب ، فما اشبه اليوم بالامس الذي ذكرنا بحصار بيروت وحرب الاشهر الثلاث عام 1982م ، وذكرنا بالوسيط الامريكي فيليب حبيب سيئ الذكر والصيت الذي يستبدل الان بالوسيط المصري .
مفاوضات القاهرة الجارية الان برعاية مصرية تشبه الى حد كبير المفاوضات اثناء حصار بيروت برعاية اميركية وباعتباري مخضرما وعشت تفاصيل تلك الايام من موقعي ككاتب سياسي ، وحامل سلاح محاصر ادافع عن بيروت والمقاومة ، واعرف تفاصيل ما كان يدور وما يدور الان فاني وللاسف الشديد لم اجد فرقا بين طبيعة وجوهر المفاوضات في الماضي والحاضر رغم اختلاف الهدف الذي كان وقتها اخراج المقاومة من لبنان واليوم القضاء على سلاحها في غزة ، ولم اجد للاسف الشديد فرقا بين دور الوسيطين ، لم اجد فرقا بين الفيليب وليس الحبيب الامريكي وبين الدور المصري الحالي، الحبيب التاريخي ايام مصر عبد الناصر !! فعندما رفضت المقاومة المبادرة المصرية قبل تعديلها تصاعدت بربرية العدو وكان الهجوم البري وكانت مذبحة وملحمة الشجاعية التي ذكرتنا بمعركة قلعة الشقيف الخالدة الشجاعية ، تذكرت كيف كانت تفعل اسرئيل الشيء نفسه عندما كان فيليب حبيب يزعل من ردودنا على اقتراحاته اثناء المفاوضات ويبلغنا بزعله عن طريق شفيق الوزان رئيس وزراء لبنان انذاك ،ويؤكده لنا بالنار والجحيم الاسرائيلي ، وذكرتني المفاوضات الجارية في مصر الان كيف كان المذكور اعلاه فيليب حبيب يحاسبنا ويدقق على كل فاصلة وحرف ونقطة وحسابه وتدقيقه بعد كل جلسة مفاوضات كان بصواريخ الطائرات وقذائف الدبابات وبكل انواع الاسلحة المتطورة .ها هو التاريخ يعيد نفسه ولكن على شكل ماساة .
هدف الحرب على غزة وهدف المفاوضات في القاهرة واحد الا وهو سلاح المقاومة تحت عنوان الاحتياجات الامنية الاسرائيلية ، فكافة المصادر والمواقف العبرية التي اعقبت اجتماعين مطولين للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية اكدت بان طاقم المفاوضات الاسرائيلي تلقى تعليمات من المستوى السياسي تقضي بوجوب الحفاظ على المصالح الامنية شرطا للتوصل الى تفاهمات واتفاقيات في القاهرة ، وللتهديد لوحت اسرائيل بوقف المفاوضات واتخاذ اجراآت من طرف واحد واستبعدت هذه المصادر التوصل لاتفاق قريب ، وذكرت صحيفة يدحوت احرانوت نقلا عن وزير اسرائيلي قوله بان ،،هناك احتمالات بانهيار المفاوضات وعودة الطرفين لمعادلة هدوء مقابل هدوء .وذلك كله للضغط والمناورة على الطرف الفلسطيني .
لسان حال الاسرائيليين ومعهم الاميركان والاوروبيين والى حد كبير حلفائهم العرب ، يقول بان لفك الحصار ولاعادة الاعمار ولفتح المطار والميناء البحري ثمن غير الثمن الذي دفعته غزة من دماء ابنائها ودموع نسائها ، وغير ما حل بقطاع غزة من دمار وخراب على مد النظر ، والذي طال البشر والحجر ولا يشبهه الا الزلازل الربانية . ثمن المطالب الفلسطينية تقديم سلاح المقاومة على طبق من ذهب او خشب لا فرق فالنتيجة عندهم هي الاهم ، وكما قالت اسرائيل مرارا وعلى لسان زعيمها الاول نتنياهو فان العملية العسكرية ضد غزة لن تتوقف حتى تدمر اسلحة الفصائل والانفاق وان اي حل قادم يجب ان يشمل شرط سحب السلاح من قطاع غزة وطالب العالم بالعمل بالحاح لسحب السلاح وبضرورة وجود رقابة دولية على ذلك . وبهذا فانه وفي وقت مبكر ربط بين الحرب العسكرية والحرب السياسية ، وطبيعة التشكيل الامني لوفده التفاوضي تؤشر للهدف الامني المراد تحقيقه من المفاوضات ، كما ويجب ان لا ننسى ما كان قد طالب وصرح به جون كيري وزير الخارجية الاميركي ،،بان اي عملية تهدف الى ايجاد حل راسخ لازمة غزة ينبغي ان تقود لنزع سلاح حماس وجميع الجماعات الارهابية وسنعمل مع اسرائيل والشركاء الاقليميين لتحقيق هذا الهدف،، .
اسرائيل وبعد ان عجزت وفشلت في الميدان ، ها هي تعمل وبكل قدراتها وبالتعاون والتنسيق مع حلفائها المذكورين اعلاه على ان تتوصل المفاوضات في مصر الى حل من حلين للسيطرة على السلاح والتخلص منه :
الحل الاول : التوافق على تطبيق نفس نموذج السلطة الفلسطينية في الضفة على قطاع غزة وتمدده بكل ماهو قائم عليه من سياسات التنسق الامني مع الاجهزة الامنية الاسرائيلية وليس المدنية فحسب كما يكذب البعض ، وتطبيق سياسة وحدانية السلاح الشرعي المحددة وجهته سلفا ، مقابل الرواتب والاعمار والتنمية المغمسة بالذل والعار ، وهم مستعدون وكما اعلنوا لتقديم 50 مليار دولار لشراء السلاح باسم الاعمار والميناء والمطار .
الحل الثاني : في حال فشل الحل الاول ، سيحاولون العمل وفق النموذج السوري حيث تم التوافق الدولي على تجميع السلاح الكيماوي السوري والتخلص منه ، وتم ذلك بنجاح منقطع النظير ، وقد يتم عندنا بصيغ وتعديلات مختلفة بعض الشيء . فصحيفة هآرتس الاسرائيلية ذكرت بان هناك قرار الماني وفرنسي وبريطاني باطلاق مبادرة لاستصدار قرار اممي من مجلس الامن بتبادل وقف القتال ورفع الحصار واعادة قوات السلطة الفلسطينية ووضع آلية دولية للمراقبة والاشراف تضمن عدم تسليح المقاومة مجددا .وهو الشيء نفسه الذي تسعى له المجموعة الاوروبية ، فمجلس الاتحاد الاوروبي قال في بيان له بعد اجتماع لوزراء الخارجية في بروكسل يوم الجمعة الماضي ان “العودة للوضع الذي كان سائدا قبل النزاع ليس خيارا”، موضحا ان شرطة الاتحاد الاوروبي ستراقب مرور الامدادات الضرورية لاعادة اعمار غزة وستحاول منع تهريب الاسلحة .
اذن فالسلاح هو الهدف والمراد ، وورقة المفاوضات الاسرائيلية تربط باحكام ووعي شديدين بين اي تقدم في مجال فك الحصار او الصيد او المنطقة العازلة بالتقدم الزمني والملموس في تنفيذ احتياجاتها الامنية ، كما ان المبادرة المصرية نصت وفي مادتها الرابعة على مناقشة قضايا الامن في المرحلة الثانية مباشرة .
في مفاوضات الهدنة التي تلت حرب 1948م ضاعت منطقة المثلث التي تقسم الاراضي التي سيطرت عليها قوات الصهاينة الى قسمين منفصلين تماما لن يكون لهما اي مستقبل بدونه ، وفي مفاوضات كامب ديفيد المصرية تم صيد السمكة العربية الكبيرة واخراجها من دائرة الصراع مع عدوها ، وفي مفاوضات اوسلو الفلسطينية تم اصطياد السمكة الفلسطينية وتحويلها الى منظمة اهلية تستجدي الشحدة وتعمل تحت امرة من يشحدها .
لست خائفا من وفدنا المفاوض ، فاني اعرف الكثير منهم ومنهم رفاق درب تعليمي ونضالي طويل ولكني اخاف عليهم ، فللمفاوضات قوانينها ،وموازين القوى هي التي تحدد مسارها ونتائجها وانتصار غزة المجيد لم يقلب هذه الموازين واذا لم تتحقق المطالب في هذه الجولة فلنعد الى قواعدنا في غزة سالمين ، حتى لا نوفر للعدو الغطاء الذي يريد . فخطر المفاوضات لا يقل عن خطر الحرب ولكن صمام الامان هم اولئك من صنعوا النصر المبين وما زالوا على الثغور مرابطون وفي الانفاق وايديهم على الزناد ثابتون وصامدون .