انا تحت الاحتلال حتى ادخل السوبرماركت ..
الكاتب: م.طارق ابو الفيلات
نقول دائما اننا شعب تحت الاحتلال ,ولا ننسى هذه المقولة في كل موقف وفي كل مناسبة نحن شعب تحت الاحتلال,كل شيء في حياتنا ينغصه الاحتلال وكل فرحة في قلوبنا يسرقها الاحتلال حتى الابتسامة يخطفها الاحتلال .
والاحتلال يظهر لك في كل شيء يتجلى لك في كل موقع وانت تسبه وتلعنه وتمقته وتتمنى زواله وتعلن ان روحك فداء لوطنك .
اذا منعت من السفر تقول هذا هو الاحتلال واذا اوقفك حاجز لساعات تقول لا باس فانا تحت الاحتلال واذا سمعت صوت الرصاص تقول هذا هو الاحتلال واذا شيعت شهيدا تصرخ يسقط الاحتلال واذا مررت بمستوطنة تقول هي ارضنا لكنه الاحتلال فكل شيء عندك منقوص لانك تحت الاحتلال.
شعب تحت الاحتلال لا يحظي لا بالامن ولا بالازدهار ولا بالتنمية ولا بالحرية ولا بالكرامة ولا بالهناء ولا بالسعادة وهو يعرف انه يعيش هذا الواقع لان الاقدار شاءت له ان يكون تحت الاحتلال فكلما تجلت له منغصات الحياة ونواقصها هز راسه اسفا وغضبا وقال :لا باس فنحن ما زلنا تحت الاحتلال.
من كان تحت الاحتلال لا يتوقع ان يعيش الحياة الافضل ولا الامثل ولا الاكمل وهو يعلم ان الاصل فيه ان هذفه هو انهاء الاحتلال والتخلص منه وفي سبيل ذلك لا يهم ان جاع ولا يهم ان مرض ولا يهم ان سجن او اعتقل او منع من السفر او حرم من كثير من كماليات الحياة المهم زوال الاحتلال.
انا وانت نشعر بالاحتلال ونقول لسنا احرارا في أي شيء وفجاة تدخل السوبرماركت وتقول :انا حر.
نعم في البسوبرماركت انا حر لانه لا يعقل ان شعبا تحت الاحتلال كما ندعي اذا دخل السوبر ماركت وجد خمسين نوع من افخر انواع الشوكلاته وخمسين نوع من الاجبان والالبان والزبدة وخمسين نوع من البوظة والبسكويت والسكاكر ومئات انواع المعلبات فيها كل ما لذ وطاب وكلها مغلفة بغلاف الاحتلال تحمل علمه البغيض واحرف لغته الكريهة وتحمل اسماء منتجاته العبرية مكتوبة بنفس الاحرف التي تكتب بها اوامر الاعتقال لشبابنا واوامر الهدم لبيوتنا بنفس الاحرف التي تستخدم لابلاغنا بمصادرة اراضينا وتجريف زيتوننا بنفس الاحرف واللغة التي يشتمون فيها ديننا ويكتبون فيها تاريخهم بدمائنا.
انا حر في السوبرماركت ولا خصومة لي مع الاحتلال احب التبوزينا ولا اقبل بديلا عن الشمينت ولا تحدثني عن البوظة فهي خط احمر ولا تجادلني في الحليب فاطفالي لا يحبون غيره واياك اياك والبسكويت والشوكلاته الاسرائيلية التي تذوب في الفم من فرط لذتها ولا تطلب مني ان اشتري منتجا فلسطينيا لا يمكن ان يرقى الى مستوى منتجات اسرائيل الشقيقة.
هذا هو التناقض وتلك هي غشاوة الاجنبي وعقدة الافرنجي برنجي التي حاولنا مرارا وتكرارا توضيحها وشرحها لكن اليوم وللجدل فقط لن اناقشها وساطرح الامر من وجهة نظر اخرى.
من قال ان من حقي كشعب تحت الاحتلال ان احصل على افضل منتج جتى لو كان من صنع الاحتلال؟
هل في حياتنا شيء كامل حتى نطلب الكمال في السوبرماركت؟
جادلني احدهم ان منتجات اسرائيل اجود بنسب متفاوته في الكثير من المنتجات فسالته عن نسبة تفوق الاجبان والالبان على منتجاتنا فقال لا نريد ان نبالغ لكن على الاقل هي اجود بنسبة 15% من صناعتنا المحلية وهي نسبة مهمة لمستهلك تحت الا حتلال فلما سالته عندما يطرقون باب بيتك فجرا ويخرجونك مع زوجتك واطفالك بملابس النوم كم نسبة ما ياخذون من كرامتك فقال 100% ,الا توجعك هذه النسبة اكثر من15% .؟؟
كتبت كثيرا في دعم المنتج الوطني واعطائة الاولوية وكنت وما زلت اقول ان لدينا مئة سبب لمقاطعة بضائع الاحتلال ومع عدوان غزة ربما تضاعفت الاساب.
لن اتطرق هنا الى الاقتصاد ولا الى العمال وخلق فرص عمل لهم ولا الى مقولة ما نصنع وما نزرع ولن اخوض في كثير من سجالاات سابقة افنيت سنوات من عمري اطرحها بل ساكتفي بنقاش الامر من زاوية واجبي كمستهلك تحت الاحتلال وموقفي من دولة تحتلني وتقتلني وتهدم بيتي ولا ترتجف يدي وانا ادعم اقتصادها وادفع ثمن رصاصها فيكون مني الرصاص ومني الدم ومني الشهيد وعلي الكفن واصيح فليحيا الوطن.
واقول لكل من يعتبر هذا الطرح غير مقنع ان هناك طرحا رسميا اسرائيليا باغتصاب امهات وزوجات المقاومين فلننتظر حتى ذلك الحين فلربما استطعنا ان نقنع بعض من ادمنوا بضائع الاحتلال اننا شعب تحت الاحتلال.