العودة إلى المعركة بشروط أفضل
الكاتب: عبد المجيد حسن الخالدي
وكالة معاً
بدأ العدوان الإسرائيلي الحالي الغاشم على قطاع غزة، ومنذ الأيام الأولى قدمت المقاومة الفلسطينية شروطاً محددة للوصول إلى وقف القتال والهدنة، وبدأ ما عرف بالتهدئة الإنسانية ثم التهدئة من أجل التفاوض، عندها كانت حصيلة تضحياتنا على المستوى البشري والمادي قد وصلت إلى أعداد تجاوزت المائتي شهيد والألف جريح وتدمير مئات المنازل والمنشآت، ثم استأنفت المقاومة القتال وزادت التضحيات وعدنا للتهدئة ثم استؤنف القتال مرة أخرى، وفي كل مرة يشتد العدوان والبطش الصهيوني على شعبنا ضراوة وتتضاعف أعداد الشهداء والجرحى وتتسع دائرة الدمار، رغم كل ذلك نجد أن قياداتنا السياسية والحزبية تتمسك بنفس المطالب ووفدنا المفاوض يقدم نفس الشروط ويصر عليها، وكأنه بإصراره على هذه الشروط والتي هي في الأصل كلها استحقاقات قديمة كفلتها اتفاقيات أوسلوالسابقة للشعب الفلسطيني، وكان من المفروض أن نحصل عليها دون أي تضحيات أو آلام إضافية جديدة،كأنه يقدم نفسه أنه متمسكبموقف صلب وبطولي خارق يستحق الإشادة والمساندة.
أتمنى بل أرى أنه يجب أن تكون للمفاوض الفلسطيني ابتكارات ومفاجآت تفاوضية كما كان لرجال المقاومة الفلسطينية ابتكاراتهم ومفاجآتاهم في أساليب التصدي للعدو الصهيوني، وكما أنهم غيروا وفرضوا قواعد المعركة يجب على المفاوض أن يفرض وأن يضع قواعد جديدة للتفاوض، وأقصد بذلك أنه كلما زادت تضحياتنا فيجب أن تتناسب شروطنا ومطالبنا مع حجم هذه التضحيات، فليس من المعقول أن تكون شروطنا بعد مئتي شهيد وألف جريح هي نفس الشروط التي نتمسك بها بعد أكثر من ألفي شهيد وأكثر من عشرة آلاف جريح والحجم الهائل للدمار في المنازل والمنشآت وما يقارب ربع مليون مشرد ونازح, يجب أن نقدم شروطاً جديدة أعلى سقفاً وأقوى من الشروط الأولى، ليعرف العدو أن لكل قطرة من دمائنا ثمناً يجب أن نحصل عليه في النهاية وننتزعه من بين أنيابه انتزاعاً، وإلا فما الفائدة فيما نقدمه من المزيد من التضحيات إذا كنا سنقبل بنفس الشروط؟ أليس لفارق التضحيات ثمن نستحقه, ماذا لو لم تنجح المفاوضات الحالية في التوصل إلى هدنة وعدنا للقتال وعاد عدونا للبطش والتنكيل بالمدنيين الأبرياء والمجازر الجماعية وازدادت التضحيات مرة أخرى ولن أقول " الخسائر " ووصل عدد الشهداء إلى عشرة آلاف شهيد والجرحى إلى مئة ألف جريح ولم يبق في غزة حجر في مكانه، فهل سنعود إلى نفس الشروط؟ وحتى لو حصلنا عليها بعد ذلك، فهل سنعلن الانتصار ونصفق للمفاوض؟ وهل سنجد مسيرات جماهيرية حاشدة تسيير في شوارعنا احتفالاً بالنصر, اعتقد أننا رغم أننا منتصرون في كل الأحوال وأننا أعددنا بيان النصر منذ الأيام الأولي للمعركة، وهذا من حقنا لأننا لم ننحن ولأننا اخترنا طريق التصدي للعدوان ولقنا الصهاينة دروساً كبيرة وأحدثنا فيهم القتل وأثخنا فيهم الجراح ونشرنا في قلوبهم الرعب وأصبنا اقتصادهم بالخسائر الكبيرة، لكن عندها سنجد الكثير منا يلطم الخدود بدل التصفيق، ولن نجد حشوداً جماهيرية تستطيع السير لأننا سنكون بين شهيد وجريح ومشرد في المدارس والشوارع..
إن الحقيقةالمؤكدة أن كل أبناء شعبنا بمختلف توجهاته الحزبية والسياسية هم خلف المقاومة ومعها وحاضنتها دائماً وفي كل الظروف وخلف المفاوض أيضاً وأن الجميع رغم عمق الجراح واستمرار النزيف مستعدون لتقديم المزيد المزيد من التضحيات، ولن يشذ عن ذلك إلا كل خائن ومتخاذل وعميل، لكن هذا الشعب ينتظر أن يجني الثمار التي روى أشجارها بدمائه.
وأخيراً فيجب ألا يغيب عن ذاكرتناأن تاريخ صراعنا مع عدونا الصهيوني يؤكد أن بعد كل معركة هدنة، وبعد كل هدنة طويلة كارثة عظيمة على شعبنا، فما هو حجم الكارثة القادمة بعد التهدئة القادمة؟ أفيقوا رحمكم الله.