التاريخ : الأربعاء 24-04-2024

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة    |     برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    |     مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    |     جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    |     مئات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى    |     الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    |     أبو الغيط يرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول "الأونروا"    |     فتوح يرحب بقرار حكومتي جامايكا وباربادوس الاعتراف بالدولة الفلسطينية    |     "الخارجية" ترحب بقرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين    |     نيابة عن الرئيس: السفير دبور يضع اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية في بير    |     الرئيس يدعو لاقتصار فعاليات عيد الفطر على الشعائر الدينية    |     "هيومن رايتس ووتش": التجويع الذي تفرضه إسرائيل على غزة يقتل الأطفال    |     فرنسا تقترح فرض عقوبات على إسرائيل لإرغامها على إدخال المساعدات إلى غزة    |     ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 33,360 شهيدا منذ السابع من تشرين الأول الماضي    |     اليونيسف: غزة على حافة الدمار والمجاعة    |     أردوغان: سنواصل دعمنا للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة    |     قوات الاحتلال تقتحم طولكرم وتعتقل سبعة مواطنين    |     غوتيرش ينتقد منع الصحفيين الدوليين من دخول غزة و"رابطة الصحافة الأجنبية" تعرب عن مخاوفها    |     رئيس الوزراء يلتقي وزير الخارجية السعودي في مكة    |     الرئيس المصري يستقبل رئيس الوزراء محمد مصطفى    |     الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد جلسة حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية
أراء » تـذكُّـر " أوســلــو"
تـذكُّـر " أوســلــو"

 

تـذكُّـر " أوســلــو"
جريدة الايام/ غسان زقطان

 

 
 

في استعراض الجنرال نورمان شوارزكوف للقوات المشاركة في الهجوم على العراق عشية انطلاق "عاصفة الصحراء" كان عليه أن يرد تحية ضباط عرب كثيرين، وقفوا باعتداد، يحسدون عليه، تحت رايات أنظمتهم لتحية القائد الأميركي.
لقاءات مدريد كانت استعراض "بيكر" السياسي في الصالة بينما في القبو كانوا يضعون نص اتفاق "أوسلو"، كان، الاتفاق، أقرب الى حادث سير عنيف تسببت به فوضى عارمة، التسونامي الذي تبع زلزال "عاصفة الصحراء" وحبس العراق في قفص مناطق "حظر الطيران".
تلك هي لحظة "أوسلو" التي تم الإعداد لها طويلاً، تهافت النظام العربي، بما فيهم أولئك الذين أصبحوا "ممانعة" فيما بعد، وحماقات الديكتاتور العراقي الذي أثخن شعبه بحروب كان يمكن تفاديها، وغزوات صبيانية تقودها بلاغة قومية متهالكة ونزعات ذكورية بائسة، ونظام أمني مرعب بينما "رفاقه" من القوميين الأكثر دهاء، الأسد الأب ومبارك على سبيل المثال، كانوا "يصافحون الأعداء وينامون في المعسكر الآخر"، التعبير لمظفر النواب، خارج النافذة كان الاتحاد السوفييتي يذوي وكانت عملية تجفيف موارد منظمة التحرير قد وصلت الى العنق.
ياسر عرفات كان وحيداً هناك في تونس، وحيداً تماماً، كما كان وحيداً في حصار بيروت وهو يقاتل ويفاوض، وكما كان وحيداً في المقاطعة في رام الله وفوهة "الميركافا" على مخدته، بينما يمسك بكلتا يديه سلم النجاة الذي ألقاه له شعبه في انتفاضتهم الكبرى، على ذلك السلم اتكأ ياسر عرفات.
تلك هي لحظة "أوسلو"، الخيار الثاني كان تبديد المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
لا أحد يرغب في مديح "أوسلو" الذي كان محصلة انهيار عربي، حتى أولئك الذين وضعوا أسماءهم الرباعية في قوائم الراغبين في العودة الى بلادهم، كثيرون منهم كانوا يدركون جيدا انه اتفاق رديء، ولكنه ليس نهاية المطاف وان ثمة على الأرض هناك مكاناً للمقاومة والاعتراض واعادة البناء، ومن بين هؤلاء كان ياسر عرفات نفسه، الذي أصر على إضافة اريحا لاقتراح "غزة أولا" في ربط واضح مع الضفة الغربية حيث المواجهة الاستراتيجية مع الاحتلال، كان الممر الآمن الذي يصل الضفة بغزة هاجسه الحقيقي وأولويته تماما كشرطي الميناء والمطار.
بنفس الطريقة والعناد التفاوضي عندما أصر، تحت النار، على أن يخرج المقاتلون بسلاحهم من بيروت، في اشارة واضحة الى ان المقاومة لم تنكسر.
أفكر في هذا بينما اتابع ما يتسرب من غرف المفاوضات في القاهرة بين الوفد الفلسطيني الموحد والمفاوض الاسرائيلي، والسعي الذي لم يتوقف في تعريف التهدئة الانسانية ووقف اطلاق النار، بين أهمية الميناء وضرورة المطار واطلاق سراح الأسرى، بين مناطق الصيد وحسبة أميالها بحريا، بين عدّ الأمتار في المنطقة العازلة... الى آخر هذه التسريبات.
في عبث المصطلحات هذا، يجد فصائليون جنتهم السياسية حيث تتدفق نرجسيتهم وهم يواصلون شرح الفروق ويوضحون القياسات، فصائليون يستعيدون نزعتهم الحزبية كاملة مجرد وقوفهم أمام الكاميرات، متحدثون تختفي فلسطين من تصريحاتهم ويحل مكانها اسم الفصيل ومزاياه، تماما كما يفعل مناصروهم في المسيرات عندما يتجاهلون العلم الوطني أمام راياتهم الحزبية.
الانقسام تحول الى ثقافة في بلادنا، ثقافة تقترح سلوكها وقيمها ومظاهرها، هذه الثقافة البائسة هي التي بررت بقاء ياسر عرفات وحيدا في المقاطعة، وهي التي لا تضع مطلب الممر الآمن بين غزة والضفة كخط أحمر، وتستبدل هذه الأولوية بمطالب أخرى تخص مصالح الفصيل، وكأن المطلوب من فلسطين وغزة على وجه الخصوص، رفع الحصار عن "الإخوان المسلمين" وليس عن قطاع غزة.

2014-08-19
اطبع ارسل