التاريخ : الخميس 21-11-2024

السفير دبور يستقبل القائم بأعمال سفارة دولة الكويت في لبنان لمناسبة انتهاء مهام عمله    |     السفير دبور يستقبل رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في لبنان    |     دبور يزور مثوى الشهداء ويضع إكليلاً باسم الرئيس عباس في الذكرى العشرين لاستشهاد الرمز ياسر عرفات    |     السفير دبور يتفقد ابناء شعبنا في مخيم الرشيدية    |     الجبهة الديمقراطية تعرض مع السفير اشرف دبور تداعيات العدوان الاسرائيلي على اللاجئين والنازحين منهم ف    |     السفير دبور يستقبل القائم باعمال سفارة دولة الكويت في لبنان    |     السفير دبور يستقبل المفوض العام لوكالة الاونروا فيليب لازاريني    |     السفير دبور تفقد النازحين من ابناء شعبنا في مراكز الإيواء في مدينة ومخيمات صيدا    |     السفير ديور تفقد النازحين من ابناء شعبنا في مراكز الإيواء    |     تدين قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان العدوان الصهيوني المتواصل على الشعبين الشقيقين ال    |     "فتح" تنعى الأمين العام لحزب الله الشهيد حسن نصر الله    |     اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تعزي باستشهاد الأمين العام لحزب الله    |     الرئيس يعزي باستشهاد أمين عام حزب الله حسن نصر الله    |     برعاية سفارة دولة فلسطين: توقيع اتفاقية تعاون بين حملة المطران كبوجي ووكالة الاونروا    |     35 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى    |     البنك الدولي: الأراضي الفلسطينية تقترب من السقوط الاقتصادي الحر وسط أزمة إنسانية تاريخية في قطاع غزة    |     مصطفى خلال الاجتماع الوزاري المشترك في نيويورك: حُقوقنا في تقرير المصير والعودة والحياة والحرية والك    |     الرئيس أمام الجمعية العامة: نطالب بتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة    |     شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مدينة غزة    |     السفير دبور يستقبل منسق لجنة الطوارئ الوطنية اللبنانية وزير البيئة ناصر ياسين    |     الرئيس يهاتف زوجة المناضل سامي مسلم معزيا بوفاته    |     الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير سامي مسلم    |     بمشاركة الرئيس: الجمعية العامة للأمم المتحدة تواصل أعمالها في نيويورك    |     رئيس الوزراء يبحث مع غوتيريش خطوات تنفيذ قرارات الأمم المتحدة لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال
أراء » سميح القاسم: منتصب القامة والصوت يرحل
سميح القاسم: منتصب القامة والصوت يرحل
سميح القاسم: منتصب القامة والصوت يرحل
 
 
 

ودعت فلسطين بدمها ولحمها وشعبها ولغتها وأشجارها وأرضها وسمائها وبحرها ونجومها وأسراها ونساءها وأطفالها وقهرها وفرحها، بأحيائها وشهدائها وجرحاها وأبجدياتها النبوية، شاعرنا الكبير سميح القاسم الذي سقط واقفا منتصب القامة يمشي إلى الأبدية الخالدة، بعد أن عبأ الهوية الوطنية الفلسطينية بكل ذخيرته صوتا وضوءا وكلمات، وتحديا ومقاومة وبطولات، تصهل في الوعي الثقافي ولا تزال جيلا بعد جيل.

يقف العالم من أقصاه إلى أقصاه بمثقفيه وكتابه وأحراره ومعذبيه أمام سميح القاسم الآن، يفتحون كتابه ويقرأون آياته وغضبه وهدوئه وتمرده ويقينه من اجل مزيد من الحياة والحرية والكرامة، مزيد من صوت الحق ومواجهة الظلم التاريخي، مزيد من الدفاع عن حق الإنسان أن يكون إنسانا واضح الوجه والملامح والوجود.

يقف الماضي والحاضر والمستقبل أمام هذا الذي يمشي حاملا نعشه على كتفه ويغني، يعزف على ربابة فلسطين، يطلب من الناس أن تسمع جثته وصيحته في البراري، منتعلا البحر في حيفا، صاعدا على أشجار الكرمل، يرفض أن يعد العشرة صارخا في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

خذوا دمي حبرا لكم
ودبجوا قصائد المديح
في المذابح المظفرة
وسمموا السنابل
وهدموا المنازل
وأطلقوا النار على فراشة السلام
وكسروا العظام
لا بأس لو تصير مزهرية
عظامنا المكسرة
لا، لا تعدوا العشرة

رحل سميح القاسم ، متنبي فلسطين ، مقلاعها وحجرها ومتراسها في كل المراحل، شاعر المقاومة والانتفاضة، الشاعر القديس، الشاعر المقاتل والغضب الثوري، العالمي، الاممي، خبز الفقراء ، أناشيد الطلبة، الدرس الأول في المدارس والمواجهات، المارد الذي رفض الهزيمة، رفض الاحتلال، وشكل قوس قزح لثقافة المقاومة مع محمود درويش وتوفيق زياد وراشد حسين ومعين بسيسو وإميل حبيبي وحنا ابو حنا، وشكل كابوسا لسياسات الاحتلال بكلماته وصوته وظلاله.

تقدموا تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم

عندما علت أصوات القنابل، وارتكبت المذابح تلو المذابح على يد سلطات الاحتلال، وعندما انكسرت اللغات الأخرى في المحيط، ولجأت إلى قواميس الملاجئ، وقف سميح القاسم في وجه المحتلين الغزاة، رفض التجنيد والعبرنة والتهويد واحتلال الميراث والتراث والقرية والماضي والحاضر ونهب التاريخ والمنفى على يد المحتلين الأعداء.

اسقط القاسم أساطير الاحتلال وخرافاتهم ورواياتهم المتخيلة والمسلحة، كشف زيفهم وضعفهم، دخل إلى معسكرهم المدجج بالكراهية والتطرف، فشكل خطابا فلسطينيا مضادا لخطابهم اللاهوتي والديني والاستعماري.

انا الأرض وانا الإنسان
انا الماضي والحاضر والمستقبل
فاقتل في عز الظهر لكي ترث المقتول
دمنا يتبرع للأرض
بكل خطوط العرض
وكل خطوط الطول

سميح القاسم، صوت الحرية، صوت الاسرى في السجون، تغريدتهم في الجوع والصبر ومقارعة السجان، وهو الذي دخل السجن، ولاحقه المحتلون من مكان إلى مكان، واعتبروه خطرا على امن إسرائيل، لأن كل قصائده مفخخة.

وحين اسند سميح ظهره على جدار السجن و فاحت رائحة الاسمنت الطازج ،باركه النشيد المتدفق من زنازين الوطن:

أيها الجواد الأبيض حتى التلاشي
اصهل على جبالنا العالية
فها هي أيدينا تلوح في الزوابع
وفوق رقاب المحكومين
بالسجن أو الإعدام حتى النصر

رحل شاعر المقاومة ، الروح الفتية والمتوهجة سميح القاسم، لسان الفلسطينيين وأبجديتهم، منبه الوعي الإنساني والثقافي، ولا زال يتطلع إلى غزة الشهيدة المفجوعة والصامدة، حبيبته التي وعدها إما الحياة بكرامة أو الموت بكرامة:

يا صباح الخير، بنت المعجزات
ما أنت ، من؟
أمدينة أم موقع متقدم؟
في جبهة نقشت صدور جنودها الشجعان
كل الأسلحة
وعلى صدور جنودها الشجعان
ذلت كل ... كل الأسلحة
ما أنت ، من؟
أمدينة، أم مذبحة؟

 

2014-08-22
اطبع ارسل