غزة ... للكرامة عنوان
وكالة معاً
ايها القاعدون المنتظرون أساطيل يهوذا الذي تستدعونه لسحق اطواق ياسمين غزة تكبيراتكم لن تعلو وستكتشفوا عاجلا ان سدنة الهيكل سيتساقطون على اسوار القلاع المحصنة الحصينة حامية احلام البسطاء الذين ثاروا على قياصرة العهد الجديد ... فقراء الليل يعرفون اتجاهات الريح الشمالية ويعلمون خفايا عشقهم للتراب المجبول بعرقهم ولن يبيعوا احلامهم الصغيرة وسيحددوا بوصلتهم ….. وكسرى وان كان ضجيجه عاليا يعرفون انه مبدع بتجارة الرقيق والبيع والشراء … وبوصلة لا تشير الى ام المدائن العتيقة القدس مقتنعون انها المشبوهة وتبقى العنتريات الكلامية ثغاء احوى والتجارة الرائجة في ظل عصر حريم السلطان ….
ايها الحطابون البسطاء اوقدوا النيران في خيامكم واعتلوا قمة احد ولا تابهوا للغنائم واعلموا ان الموت قادم اليكم فموتوا بهدوء وافسحوا المكان للشيطان بان يسود فهذا ليس عصركم ومن الممنوع عليكم ان تعتاشوا وتحيوا في كنف اطواق الياسمين … انتظروا الموت كما تشتهون ولا تخجلوا من هزيمة القيصر فهو امير الجبناء ولم يكن يوما نبيلا من النبلاء او فارسا يمتطي صهوة اليمامة الزرقاء كان يختفي خلف معاناتكم وبليلكم يتغنى ولا تفرحوا كثيرا لرحيل القيصر فخلف موت كل قيصر، قيصر جديد وبالتالي جبان اخر يتاجر باحلامكم ويحاول ان يستصرخ عطفكم ...
ايها البسطاء الجالسون في الطرقات الوسخة اطردوا جميلاتكم من المكان حيث انهن سبايا العصر الجديد وعتقوا خمركم فالجند المدججون بالحقد سيعبرون المكان وان كان البعض منهم بالضاد ناطقين، ومخططات (هينبال) لم تجديكم نفعا فقد خانوه جنرالات وامراء الحرب وتجار ليالي العواصم المدججة بالمؤامرة على الحلم، اعلموا ان تكبيراتهم لن تعلوا بفضل موتكم وقتلكم سيحدد مسار موتهم وقتلهم ونهايات احلامهم ....
ايها الليل انتظرهم قليلا ليلتقوا مع جميلاتهم وامنحهم القليل من الموت قبل ان تعلن عن موعدهم مع النوم الابدي في كهوف مكفهرة باردة …. فالله سيعلن عن موتهم ايضا وارادة البسطاء من ارادة الرب وهم التواقون لإغفاءة ولو قليلة على اكتاف الحبيبة والخنساء ستطأطىء رأسها احتراما واجلالا للثكالى اليتامى الضائعين الهائمين على وجوههم ورقعة الجغرافيا المسماة بالوطن ستظل كما هي دون ان تختفي الجبال وقلاع البحر ستسستقبل الاساطيل من جديد بصرف النظر عن المنتصر وذاك المهزوم وبحر عكا امواجه ستظل تلاطم اسوار القلاع العتيقة واسوارها ستظل العصية على نابليون وسيرجع يجرجر اذيال الهزائم …. وللنصر وجهان … والرقيق والسبايا هم سادة وسيدات القبائل المهزومة على اطراف القبائل المتناحرة وتاج كسرى سيتوج الرأس المعممة بالوشاح الاسود وصغار القوم باطراف فلسطين سيحاولون ان يعتلوا اسطحة منازلهم مكبرين مهللين متضرعين للرب بان يحمي عرينهم ...
يا غزة الوجع حاولي ان تغفي ولو قليلا واهدأي واستكيني وانتظريهم على ابوابك واخلعي عنهم كل الزيف وعري مواقفهم وعوارتهم القبيحة فهم قبيحون وان كانوا سادة في عروشهم واظهري كل جمالك من خلال قبح سادة يحاولون النطق باسمك وانت البهية التي تمنعهم حتى اللحظة من مجرد الاقتراب من مكونات ابجدياتك ....
هي الجميلة المعلنة عن ذاتها باعلان اللحظة الراهنة بكل ما اؤتيت من قوة ورباط الخيال وان استطاعت الى ذلك سبيلا فهي العالمة بخفايا المرحلة يُراد لها ان تكون عنوان من عناوين فوضتهم والفوضى مرتبطة بالحراك السياسي الراهن وتجاذب المحاور وصراع العواصم على جملة غزة التي تنطقها وتقولها بكل صرخة تضيع في اودية دبلوماسية الكلام المنمق والذي يراعي برتوكلات صالونات الحوار والمفاوضات ويبقى للمفاوضات فنونه وادواتها وغزة الكل ينطق باسمها واسمها ضائع تائه والصرخة مرهونة باداء القابضين على الجمر والماء، والجمر بكل الشوارع مشتعلا وضاعت ملامح الطرقات والدروب قد اصبحت متاهات لا تشبه بعضها ...
غزة انت الكرامة والعنوان، غزى ارغاما تتصدر العناوين من جديد وتحاول ان تنهض بشموخ .... تقف امام البحر لتعلن عن هويتها بكل أهاتها ... وتقول ما يمكن ان يٌقال في حضرة القتل والتقتيل للغة الضاد بأزقتها ... جاءت هذه المرة واستحضرت كل تاريخ من عبر دروبها ومن انكسر على بواباتها ... لم تخف موج البحر الهادر المائج الهائج وصاحبت غضبه واربكت كل غُزاتها ... كان تنتظر عشاقها المتسللين اليها ليلا ليحكوا واياها حكايا الليل المنسدلة ستائره بعد النهار العابث بأسوارها ... ونابليون اقتحم البحر ووقف حائرا امام اسئلتها ... وغجرية تسللت الى ازقتها... تطلق العنان لأهاتها ...تبحث عن هويتها ... ومخزون مكنوناتها ..تفتش بين السطور ووسط الكلمات عن معانيها ... تدور في فلكها المتمرغ بوحل الأرض السمراء ... تسكن القلاع وتتأبط شيء من التاريخ لتزهو بذات يحاولون سحقها تحت نعال مغتصبي الليل الجميل الزائر لحواري المدينة العتيقة الرابضة على متوسط البحر .... تجيء بكامل رونقها ماسحة على جباة لوحتها شمس تموز الحارقة ... وللسمراء المنتظرة عند زبد بحر النسيان تجلس غزة .. وبلحظة تصرخ من شدة الألم وحرقة الشوق لمعاودة ممارسة الحياة ... فقد سئمت الغزة من هذا الصلف ومن هذا العجز ومن هذا الليل الحالك السواد ومن كل افعال الاغتصاب ... والعاهرات القادمات عند اول الصبح يفضحن عجز الرجال ... الموسيقى حزينة هذا الصباح ... ونباح الكلمات لم يعد يجدي ... وحجارة القلاع اهتزت ... والسفن غادرت الموانيء ... والعجائز لم يعدن يجلسن على بوابات الانتظار ... والوحش افلت من عقاله .. وجن جنون عشاقها ... وانتشر الخبر ... وتصدرت العناوين ... فقد نطقت من جديد غزة بلغة ضادها ... واسمعت بشرها وحجرها وكل مجانينها ... جلست وقلقها يغزو المكان ... عجوز ... نقوش الأزمان الجميلة على جبهتها تتراءى ...شاهدتها من بعيد وعرفت من تكون فقد كانت ممن انتظرن طويلا لصرخة الإرتداد عن جدران القلاع لإنتقام فعل اغتصابها حينما كانت بكامل مشمشها .... وكانت ان شهدت ارجوحة المشانق المعلقة لرجال العشق الجميل للبحر وحورايته .... وقررت ان تسكن ذاك المكان ليستيكن النائم بحضرة الثلاثاء الحمراء ... كانت تختبىء خلف ارجوحة المشانق ... وانشدت مع ام عطا وجمجوم وحجازي زغاريد تهاليل الموت .... تعرف متى تبكي وكيف تكون دموعها بلوريات متلئلئة على وجنتيها ...تجيد لغة ابتساماتها ..وتمنحك حضنها الدافىء متى استطاعت الى ذلك سبيلا ... تتراكض وسط حبات المطر دون ان يمسها ذاك البلل ... تشدو اغاني الحب المتشكل في مدركاتها .... تأتيتك فاتحة ذراعيها لتأخذك واياها نحو فعل الحياة ... كنعانية يسوعية عروبية الهوا .... يابوسية مقدسية بأقاصيصها ... حائرة امام البحر .... مستسلمة لأمواجه المتالطمة ... تركن بذاتها في حواريها .... ولها صخرتها التي تحكي واياها شجنها واشجانها ... لها ركنها في المقهى العتيق ايضا ... وعاشقها أُجزم انه يبحث دائما عن سؤالها ... فعكا تنهض اليوم من نومها لتوقد النار وتستقبل ضيوفها بكل المواقيت مزهوة بسيمفونية صراخها وغضبها .... فيا كل العاشقين تجمعوا ويا معذبي الأرض انهضوا...ويا أيها المصلوبين على الجدران العتيقة انتظاركم طال... وحلمكم ما زال يتشكل... اكسروا الصمت.... وتعالوا الليلة فنحن بالانتظار... تعالوا عند قنطرة بالبيت العتيق..... تعالوا لنحكي قصص المدينة.... وعاشقة كانت بالمكان... تعالوا لنسمع معا صهيل الخيول وأنين العذارى... تعالوا فغزة الليلة بالانتظار... والقمر على موعد معها.... فبمثل هذه الليلة كان القمر غائبا.... وعدها بالسطوع وغاب خائنا.... تعالوا... سنبكي الليلة... وننوح في حواريها.... ونعلن حزننا الأبدي.... تعالوا فلن نبرح المكان.... ولن نمارس اغتصاب نساؤنا.... وسنمارس صراخنا وضجيجنا... تعالوا لندشن وإياكم كرنفالية الموت... واحتفالية الرحيل... فقد كان العاشق هنا... منتظرا قدومها.... والموت أيضا كان يتربص... تعالوا متسللين فمن الممنوع عبور العشاق... تعالوا متخفين فيهوذا يكمن بالمكان.... تعالوا بغضبكم وأحزانكم.... تعالوا سكارى.... لنمارس نواحنا على الأسوار العتيقة.... تعالوا عرايا.... لنشهد اغتصابات المدينة.... تعالوا بلا رجولة... فنساء الحواري غادرن منذ البعيد.... تعالوا لقسم المدينة.... تعالوا لقسم الموت... تعالوا لقسم الحزن .