كتب ابراهيم ملحم الارهابي محمود عباس!!
ابراهيم ملحم جريدة القدس
26-10-2014
على طريقة المثل المصري "كلِّم العايبة تلهيك وترزيك وتحط اللي فيها فيك"، بدأ نتنياهو حملة الشيطنة والترهيب والوعيد ضد الرئيس محمود عباس، بدءاً من وصفه بـ "الارهابي الدبلوماسي"، وليس انتهاء بتحميله مسؤولية حوادث السير في إطار حملة يرقص على ايقاعها عددٌ من وزراء حكومته، تكشف عن غيظ يستبد بقادة اسرائيل عقب اعلان الرئيس عزمه الذهاب الى الامم المتحدة لتدويل القضية، بعد ان ظلت طيلة السنوات الماضية في دائرة اشتباك تفاوضي ماراثوني، تمارس فيه اسرائيل لعبتها المفضلة بفرض الأمر الواقع، بداعي أن أرض الصراع متنازع عليها وليست أرضاً محتلة، يتوجب الانسحاب منها وفق القانون الدولي.
فمحمود عباس "الارهابي"، هو الذي قتل "الكونت برنادوت" وهو من حرض "ايغال عمير" على قتل "اسحق رابين" وهو من ارتكب المجازر، وقتل الركع السجود بين يدي الرحمن عند الفجر في غزة والخليل، وهو من وضع القنابل في الكنس اليهودية في العراق، وأغرق سفنا في البحار والمحيطات.
منذ مطلع الشهر الجاري سنحت لي الفرصة بالاستماع إلى الرئيس محمود عباس مرتين، الأولى خلال لقاء موسع مع الاعلاميين، والثانية خلال لقاء جمع أبو مازن مع رجال الأعمال عقب مؤتمر الإعمار في القاهرة.
في اللقاءين، بدا الرجل الحليم وقد عيل صبره من دروب وشعاب المفاوضات غير المعروفة النهايات، وهي دروب باتت العودة اليها "ضرباً من السذاجة السياسية، ذلك أنه لم يعد مقبولاً ولا مجدياً ، استنساخ أساليب ثبت عقمها، او مواصلة اعتماد مقاربات اخفقت مراراً وتحتاج مراجعة شاملة وتصوراً جذرياً" كما ورد في نص خطاب الفصل الرئاسي الصريح أمام الجمعية العامة للامم المتحدة.
في حديث الرجل الصبور طويل البال، وحامل الأحمال أمام رجال الإعلام والأعمال، خلاصات حكيم تشف عن خيبة أمل لم يسبق أن لمستها في الرجل الخبير صاحب الرأي والرؤية، من وعود لا طائل منها ولا طاقة له على مواصلة التعويل عليها، بعد أن تجاوزت التطورات المتسارعة على الأرض من استيطان وقتل ومصادرة للأراضي كل الإشارات الحمراء، الامر الذي لم يعد معه ممكناً الارتكان إلى أية وعودات جديدة، مالم ترافق تلك الوعود مواعيد محددة بمواقيت مقدسة، تصل إلى خط نهاية الاحتلال عن كامل الأراضي المحتلة عام سبعة وستين وتكون القدس عاصمة لها.
هنا وعند هذه النقطة، أصبح محمود عباس إرهابيا، ولم يعد شريكاً، وبات معادياً للسامية ومعتدياً على الأعراف والقوانين الدولية، ولا بأس إن اتهمناه بـ" بالدعشنة"، الم يفتح ذراعيه لحماس وألقى لها حبل الخلاص، بعد ان صعدت إلى سفينته عند أول رسو لها على شاطىء بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب.
محمود عباس "الإرهابي" حاصر بصبره الجميل عتاة المجرمين وجعلهم عراة امام العالمين، وبدا سيره الان على "hay way" مغادراً دروباً ومتاهات متعرجة، لا نهاية لها ولا فائدة ترجى من معاودة سلوكها، بينما بدأت الأمم والشعوب ترفع أعلام فلسطين على طول الطريق السريع نحو الدولة وانهاء الإحتلال .
منذ اللحظة الاولى لاعلانه الصريح عزمه التوجه للامم المتحدة انهالت الضغوطات من الاشقاء والاصدقاء لثني الرئيس عن خطوته لمعرفتهم الاكيدة بجدية وصرامة توجهاته وهي توجهات لا يمكن العودة عنها الا في حال الاستجابة لخمسة شروط كما كشفت مصادر خاصة تتمثل باعتراف اسرائيل بحدود عام 67 ، ووقف الاعتداءات على المسجد الاقصى، ووقف جميع الاعمال الاستيطانية قبل الشروع في مفاوضات محددة على قضايا الحل النهائي، ووضع جدول زمني للتفاوض على تلك القضايا بعد ترسيم الحدود ، وان يتم الافراج عن اسرى اوسلو اضافة الى دفعات جديدة من الاسرى.
محمولا على زبدة خلاصاته المستمدة من نهر تجاربه يذهب الرئيس محمود عباس الى خياراته واختياراته للحفاظ على حقوق شعبه ونيل استقلال وطنه، صحيح ان لهذه الخيارات اكلاف لكن الصحيح ايضا انها ليست اقل من اكلاف المراوحة في متاهات المفاوضات المفتوحة على الظلام.. محمود عباس "إرهابي" .. وانا كمان!!